الحقيقة تنشر خطاب الوالد للفقيد النائب محفوظ ولد خطر بمناسبة اتفاقية الصلح بين المناطق الحدودية بين مالي وموريتاني

أحد, 04/28/2024 - 16:48

بسم الله الرحــــمن الرحــــيم
خطاب للفقيد النائب محفوظ ولد خطر بمناسبة
اتفاقية الصلح بين المناطق الحدودية بين مالي وموريتاني سنة 2000

السادة
مملثو السلطات العمومية الموريتانية و المالية
السادة المنتخبون
السادة
رؤساء و ممثلي المجموعات المدنية بشكل مباشر بهذا اللقاء
أيها الحضور الكريم

يطيب لي أن أتوجه إليكم بإسمي شخصيا و بإسم زميلي نائب مقاطعة جكني السيد
الطالب مصطف ولد محمد الأمين و بإسم المنتخبين المحليين ورؤساء العشائر و القرى
الحدودية بمقاطعة جكني لأوجه إليكم كامل تحياتنا وتقديرنا للجهود الطيب التي بذلها
كل واحد منكم من أجل إتاحة الفرصة لهذا الجمع المحترم من فواعل سكان المناطق
الحدودية بين موريتانيا ومالي خاصة بين مقاطعة جكني و مركز بل الإداري من أجل
التوصل إلى حلول متفق عليها من طرف الجميع للمشاكل التي أصبحت تعكر و تهدد بتعكير
صفو العلاقات الممتازة التي تربط بين بلدينا و شعبينا الشقيقين.
و اسمحوا لي أن أتوجه بشكل خاص بالشكر إلى جمعية تنمية مركز بله
ممثلة في شخص زميلي أو دياري مغان دانتيوقو، الذي أهنئه على المقاصد الشريفة التي
ترمي إليها جمعيته المحترمة وعلى الثقة التي منحه إياها سكان باغنه.
كما أتوجه
بالشكر إلى كافة ممثلي المجموعات الحدودية المالية و الموريتانية و التي يترجم هذا
اللقاء رغبتها في التعايش السلمي في ظل المحبة و الأخوة.
السادة الأفاضل:
إن
اهداف لقائنا هذا في الوقت ذاته استجابة للنداء الذي وجهه إلينا ربنا سبحانه و
تعالى في قوله :" إِنَّمَا الْمُؤمِنونَ إِخْوْةٌ فأصْلِحُوا بَيْنَ أخويكُمْ" وهي
كذلك استجابة لمشاعر سكان المناطق الحدودية لما يجمع بينهم من وشائج القربى و الدين
والتاريخ فالروابط بينهم عميقة و أكثر من ودية و التشويش عليها أمر غير طبيعي
فمقابر أجدادنا متوغلة في أراضي باغنة و قبور أجداد العديد من سكان باغنة توجد في
أراضي مقاطعة جكني، و هذا يدل على عمق الروابط التي نرى أنها أزلية، ويؤكد تثميننا
للمبادرة التي دعت إليها المجموعات الحدودية و حولتها جمعية تنمية مركز بله الإداري
إلى واقع ملموس بفضل حنكة وصبر رئيسها أوديارى مغان دانتيوقو وزملاؤه و تجاوب سلطات
البلدين و المجموعات المعنية معهم.
أيها الأخوة الأعزاء :
إننا و بغض النظر
عن الأحداث التي دارت في منطقتنا ما بين 91-1999 و التي تضررت منها جميع الأطراف
نحمل الجميع مسؤولية ما حدث لكن المثل الحساني يقول (إل لاه يردم ماينتك)، و
بالتالي علينا أن ننسى مخلفات تلك الأحداث في أنفسنا على الرغم من مرارتها و أن
نعمل معا من اجل إسعاد أهالينا و أحفادنا في المستقبل و أن نبر أرواح أسلافنا الذين
تعايشوا في ظل التسامح و المحبة وقضوا زمنهم بدون مشاكل تذكر.
و من أجل الوصول
إلى أهدافنا في علاقتنا الطبيعية أعتقد بأنه ينبغي أن نتعرف – أولا وقبل كل شيء –
على الأسباب الحقيقية للمشاكل التي تواجها اليوم، فممارسة الأنشطة المرتبطة
بالزراعة و تنمية المواشي كانت أكثر في الماضي من الحاضر و مع ذلك فإن المشاكل التي
كانت تنجم عنها كانت تجد حلولا تلقائية ولم تسبب أبدا زهق الأرواح، فمشاكلنا الآنية
هي إذن من نوع جديد و خلفياتها ربما تكون غريبة علينا جميعا، و ينبغي لنا التعرف
عليها و تشخيصها قبل البث عن حلول لها، إذ ليس من المجدي تقديم دواء لداء غير
معروف.
أيها السادة الكرام :
إن علينا جميعا أن نتقدم بجزيل الشكر و الامتنان
إلى السلطات العمومية في بلدينا لما تحلت به من صبر و تعقل جنب منطقتنا معاناة أكبر
وأشمل من تلك التي عرفناها والتي لم تكن تلك السلطات سببا مباشرا فيها وإنما سفهاء
المجموعات الشعبية الحدودية من كلا الطرفين .
كما نشكر سلطات بلدينا على الجو
الديمقراطي و الذي ننعم به و الذي سمح لنا كمواطنين أن ندعم سعي الجهات الرسمية في
البحث عن سبل أخرى لترقية مستوى العلاقات الأخوية بين موريتانيا و مالي وإشاعة
المحبة و الاستقرار على طول الحدود بينهما.
وفي هذا الصدد فإنني أرجو أن تتخذ
العلاقات بين المجموعات الحدودية النموذج الذي أشارت إليه الوثيقة التحضيرية لهذا
اللقاء بحيث وردت فيها الإشارة إلى وجود جماعات صننكية تعود جذورها إلى مركز بله
الإداري وتعيش اليوم داخل الحدود الموريتانية مثل تلك التي توجد في افيرن ومنت
احميديت وبكناته و التيشيليت، رجاؤنا أن تسألوا هذه المجموعات عن الطريقة التي
يعاملون بها من طرف اخوانهم الموريتانيين وستجدون أننا –بكل تواضع- ما زلنا نحافظ
بحرص شديد على الإرث الذي تركه لنا أجدادنا ومع صلات القربى وأوامر الدين المشترك،
وفي اعتقادي أن كل من دخل موريتانيا من الماليين يعامل كضيف عزيز مدة إقامته بها
مهما طالت و من أبسط أولويات إكرام الضيف ضمان أمنه الشخصي و أمن ممتلكاته و الأمر
نفسه صحيح بالنسبة لمن دخل من الموريتانيين الأراضي المالية فإن أمنه وأمن ممتلكاته
يدخل ضمن مسؤوليات إخوانه الماليين أكثر من اهتمام ذويه به لأنه ضيفهم.
صحيح أن
السفهاء و المجرمين موجودين في كل شعب لكن ينبغي أن يكونوا منبوذين من طرفنا جميعا
وأن لا نترك تصرفاتهم المشينة و الضارة تعكس على الأبرياء و أن ينحرف وراء تلك
التصرفات العقلاء من الطرفين الذين ينبغي أن يحاصروا تلك الأفعال ويضعونها في
نصابها الحقيقي، و الأهم من ذلك أن لا نركن إلى أقوال كل من ينشغل بالنميمة مهما
كان القناع الذي يرتديه " لأن من قال لك يقول فيك ".
و في الأخير أشكركم جميعا،
و أشكر أخي وزميلي أودياري مغان دانتيوقو وكافة الخيرين المساهمين في اتخاذ قرار
هذه المبادرة أو دعمها وأتمنى للقائنا هذا النجاح وأن نكرس لقاءاتنا المستقبلية
لتبادل التجارب من أجل تنمية وازدهار منطقتينا وبلدينا.
والسلام عليكم ورحمة
الله