عشش الفساد و باض و أفرخ في كل مفاصل الدولة و خيَّمَ بكل اطمئنان في كل أوردة موتها السريري .
و أسوأ الفساد هو فساد "محاربة الفساد" الذي كان من ابتكار أجهزة إجرام عزيز ، المتحكمة حتى اليوم في مصير هذا البلد الغارق في مأساته ، أعني مأساتنا !!
و بإصرار الرئيس غزواني على التمسك بنخبة فساد عزيز حد الصَمَم ، نجد أنفسنا اليوم أمام لغز عجز الجميع عن فكِّ شفرة طلاسمه : *ليس للرجل أي سبب في أن يكون سيئا غير أن تمسكه الأعمى بكل أسباب فشله أمر يحير الجميع* !؟
لقد تجاوزنا بمرارة أخطاء المأمورية الأولى ، بما يحولنا أحيانا إلى شركاء و أخرى إلى مدافعين عن فساد لا يدافع عن نفسه .
كنا حينها نرفض أن نتحول تلقائيا إلى صف عزيز و إيرا و افلام ، لأن كل ما يضر بنظام غزواني يصب حتما في صالح هذه العصابة الشريرة المتربصة بالبلد .
كانت أخطاؤنا حينها ، جزءً من واقع مريض لا تخجلنا مرارة أحلى خياراته .
كان نظام غزواني بارعا في إيهام الناس بأن ما يرونه مجرد تعثرات عابرة ، تمهيدا لما هو أبعد من تطلعات الجميع !!
*لكن غباء النظام كان يتجسد في جهل أو تجاهل قصر حبل الكذب* !!
كانت كل حلقة تفضي إلى أسوأ منها ، فأصبحت الدعاية أغبى من الممارسة و أصبح الهروب إلى الأمام هو الحل الأوحد : أصبحت عقدة الرئيس تتمثل في الهروب من لقاء أي ناصح وفي ، بما يكفي لتأكيد إحساسه بالذنب و عدم قدرته على الخروج من دائرة الفساد الأعمى !؟
اليوم يُطمئنُ المقربون من الرئيس الجميعَ بتحوُّلٍ أكيد مع بداية السنة الجديدة و المأمورية الجديدة . و هذا ما نتمناه و نؤكد ضرورته و إمكانيته ، لكننا هذه المرة لن نُصدِّقَه إذا لم يكن مقنعا بما يحتاج من أدلة الجدية : إبعاد المفسدين ، انتهاج نظام المكافأة و العقوبة ، إعادة الثقة في الإدارة و إشراك الجميع في محاربة الفساد بآليات عملية لا تكتمل دون إصلاح القضاء و انضباط الأمن !!
أتمنى هنا ، أن يفهم الرئيس غزواني، أنني قد أسديتُ له النصح بكل أمانة و أن يتذكرَ أصدقاؤه اللدد وَعْدِي بأن لا أعاديه كما يتمنون و لا أؤيد أخطاء نظامه كما يفعلون .
و ليتذكر العقلاء : "*في البدء ، كانت الكلمة*" !!!