للقمر عموماً حضورٌ كبير في الأدب العربي قديمه وحديثه، وللهلال على وجه الخصوص نصيبٌ من ذلك ليس بالقليل، وقد كان وصف الهلال، بالتحديد، محلَ تناول عديد الشعراء في نصوص قصيرة طريفة تارةً وضمن أخرى أطول نفسا أحيانا أخرى …
يقول أبو العلاء المعري في آخر قصيدته اللامية الجميلة التي قالها ببغداد على وجه التشوق والتشوف إلى ربوعه ببلاد الشام :
دعا رجَبٌ جيشَ الغرامِ فأقبلَتْ
رِعالٌ ترودُ الهمَّ بعدَ رِعالِ
ولاحَ هلالٌ مثلُ نونٍ أجادها
بِجاري النضارِ الكاتبُ : ابنُ هلالِ
ومن طريف وصف الهلال قول الشاعر الأمير العباسي عميد علم البديع : عبد الله بن المُعتز، حين يُشبه الهلال بما انفصل من الظفر بعد قصه :
وَلاحَ ضَوءُ هِلالٍ كادَ يَفضَحُنا
مِثلَ القُلامَةِ قَد قُدَّت مِنَ الظُفُرِ
فَكانَ ما كانَ مِمّا لَستُ أَذكُرُهُ
فَظُنَّ خَيراً وَلا تَسأَل عَنِ الخَبَرِ
وقد برع في وصف الهلال في مقطوعة أخرى لا تخلو من خيال مُجَنح، يقول فيها :
أَهلاً بِفِطرٍ قَد أَنالَ هِلالُهُ
فَالآنَ فَاغدُ إِلى المُدامِ وَبَكِّرِ
وَاِنظُر إِلَيهِ كَزَورَقٍ مِن فِضَّةٍ
قَد أَثقَلَتهُ حُمولَةٌ مِن عَنبَرِ
ولم يخرج عن هذا النسق في الوصف قوله في مقطوعة أخرى :
انظرْ إلى حُسْنِ هلالٍ بدا
يهتكُ مِن أنوارهِ الحِنْدِسَا
كمنجلٍ قد صيغَ مِن فضةٍ
يحصدُ مِن زهرِ الدُّجَى نِرجِسا
وبعد ألف سنة من خليفة يوم وليلة، يقول أمير الشعراء : أحمد شوقي في الكلام على الهلال، وإن لم يكن وصفا خالصا :
أضاءَ لآدمَ هذا الهلالُ
فكيف تقولُ: الهلالُ الوليدْ
نعدُّ عليه الزمانَ القريبَ
ويحصي علينا الزمانَ البعيدْ
على صفحتَيه حديثُ القُرى
وأيامُ عادٍ ودنيا ثمودْ
ومِن عجبٍ -وهْو جَدُّ الليالي-
يُبيدُ اللياليَ فيما يُبيدْ
ولم يكن الأدباء الموريتانيون لتفوتهم فرصة وصف أحد أبرز العناصر الفلكية وأكثرها حضورا في علم عدد السنين والحساب …
يقول علامةُ القُطر وشيخُ المشايخ الصالح الشاعر : حُرمَه بن عبد الجليل في أدب جميل :
هذا الهلالُ عليهِ حُلَّةُ الوصَبِ
فسوفَ تبكيهِ مَـيْـتًا أعينُ الشُّهُبِ
كأنما صام شهر الصَّيفِ مُحتسِباً
أو هام مُنذ ليالٍ بابنةِ العَرَبِ
وقال أديب موريتاني آخر :
بَدَا الهلالُ نَحِيلَ الجسمِ كالنونِ
والدهرُ يُظهِرُ شيئاً غيرَ مَظنونِ
بدا لنا غير مظنون الظهور كَلا
مَكنُونَ بعضٍ وبعضٌ غيرُ مكنون
وما أظرف ما قاله أديب العصر : الشيخ محمد فال بن عبد اللطيف ذات سنة في وصف هلال شوال في ثالث لياليه على خلاف :
ما أصغرَ الهلالَ في ليلةِ
ثالثِ شوالٍ على قولةِ
كأنه من صِغَرٍ إذْ بدا
راتبُ مَن يعملُ في الدولةِ
جمعةٌ وشهرٌ وسنة مباركة.
عز الدين بن ڭراي بن أحمد يورَ