في سنة 1971 ، تم اختيار المختار ولد داداه رئيسا دوريا للاتحاد الإفريقي و قام بعمل جبار في ترميم العلاقات العربية الإفريقية ، تم إثرها اختياره للمرة الثانية (72) على رأس نفس الاتحاد في سابقة لم يحظ بها غيره قط ، لأسباب أقف دون ذكرها ، اعتزازا بالدهاء الموريتاني رغم أنف كل حاقد حقير ..
خلال هذين العامين ، قطعت أو جمدت أكثر من أربعين دولة إفريقية ، علاقاتها مع الكيان الصهيوني ..
كانت موريتانيا حينها ، الدولة العربية الوحيدة التي تمنح جزءً من بث إذاعتها لمنظمة التحرير (صوت فتح) ..
و أكثر العمليات الجهادية النوعية التي حصلت في تلك الفترة على أيادي ثوار الجبهة الشعبية و منظمة فتح ، تمت بجوازات سفر موريتانية ..
كانت موريتانيا الدولة العربية الوحيدة التي تمنح الفلسطينيين جوازات سفر ، فيما كانت الأردن و مصر تمنحانهم "وثائق سفر" في حالات انتقائية شديدة الاستثنائية ،
لتقول غولدا مائير (رئيسة وزراء الكيان ، آنذاك) : "من بين الدول العربية و الإسلامية الأكثر عداء لإسرائيل هي موريتانيا و سيأتي يوم ندخلها مشكلةً لن تعرف كيف تخرج منها أبدًا "…
كان الزمن العربي في أوج ازدهاره : (هواري بو مدين ، ياسر عرفات ، جمال عبد الناصر ، صدام حسين ، الأسد ، الملك فيصل ، القذافي …) ، لكن موريتانيا ولدت بإعلام مريض ، لم تتحسن صورته مثقال ذرة حتى اليوم ..
و لأننا بلا إعلام مع الأسف ، قيل إن مواقف موريتانيا أكبر منها ، حين تم طرد السفارة الأمريكية من نواكشوط تحت وابل حجارة المتظاهرين ، بعد النكبة ، في خطوة لم تتجرأ أي دولة عربية على اتخاذ مثلها ..
لم يكن وعيد غولدا مائير موقفا شخصيا من موريتانيا ، بل كان موقف كيان ظالم يمتلك كل ما يحتاج لتنفيذه بدعم أمريكي و أوروبي ، تتحكم سيدتنا المطاعة (فرنسا) ، الموجهة لسياستنا الخارجية و اختيار قادة الانقلابات في بلدنا ، في توجيه دفة القرار المُساعد لكسب رهانه بأقل ثمن ، تماما كما حدث في 1989 ، حين تحولت السنيغال إلى منفذ للوعد الإسرائيلي بتغطية فرنسية و تحولت موريتانيا إلى دولة "جارة" لحدود مغتصبة في وجه دولة "شقيقة" ، تنعم بكل دعم "آزولايات" ..
وعيد غولدا ما ئير كان يحتاج وجود أنظمة موريتانية يمكن أن تختلف في كل شيء إلا حراسة بوابات الوطن أمام الاختراقات الإسرائيلية المترصدة لأي لحظة ضعف أو غفلة ..
كان أقل ما يُطلب من الأنظمة الموريتانية و الحال هذه ، أن تحكم بالإعدام على كل مواطن يتعاطى مع هذا الكيان المُعلِن لعدائه للبلد ، كما تفعل كل دول العالم..
و السؤال الذي يطرح نفسه اليوم ، هو كيف تسمح السلطات الوطنية بدخول الأراضي الموريتانية لمن حملوا السلاح ضدها بدعم و تحريض و تأطير إسرائيلي لا غبار عليه مثل "افلام" و السماح لهم و لمناصريهم في الداخل مثل "إيرا" و "قوس قزح" و أمثالهم ، بتحدي المجتمع ، و طلب الترخيص لهم بتشكيل أحزاب سياسية ، تعلن العداء للبلد و ثقافته و ترفض الاعتراف بأهم مواده الدستورية ، المحددة لهويته و ثقافته ، التي مات أجدادنا دون مسخها ، فليذكر لنا تيام صامبا أو بيرام أو صار إبراهيما ، أبا واحدا أو جدا أو عما أو خالا ، استشهد قط أو سجن دفاعا عن هذا الوطن !؟
ماذا تخاف الأنظمة الموريتانية من مواجهة هذه المرتزقة المأجورة ، المُعلِنَة لعدائها للوطن و الشعب و المُقِرة بالفعل و القول ، بتحالفها مع الكيان المُتحدي لبلدنا بتدميره على أيادي من يحملون أوراق الانتماء إليه (المزورة)، من الدياسبورا الإفريقية المتسكعة على الأرصفة الغربية!؟
على من يصفوننا بالعنصرية و العبودية و الآبارتايد لأننا نكشف حقيقتهم بهذا الوضوح كامل الأدلة ، أن يشمسوا طبولهم و يستشيروا أهم محرضيهم و يركبوا كل أمواج عدائهم ..
و ليفهم النظام الموريتاني أن ليس لهذه المرتزقة أي قضية غير العمالة لإسرائيل و ما تدر عليهم من فتات محسوب ، لتَضُنُّ عليهم بأن يستغنوا عن الارتباط بها..
ليفهم النظام الموريتاني أن هؤلاء تم تصميمهم ليكونوا جزءً من كل مشكلة لا ليكون جزً من أي حل ..
ليفهم النظام الموريتاني أنه بمثل هذا التسامح المتجاوز لكل الخطوط الحمراء ، يساهم في تعقيد لحظةِ ما لم يعد منه بد !!
فليكشروا عن أنياب حقدهم و عمالتهم ، ليفهموا أن صبرنا لم يكن ضعفا و أن محرضيهم لا يشترون غير الانتصارات التي يحتاجون ألف عام من التحضير للتفكير في تحقيق أبسط أسبابها ..
بماذا يمكن أن يهددنا تيام صامبا أو صار إبراهيما ، يا قادة موريتانيا !؟
و ما حاجتنا إلى موريتانيا ، إذا كان حتى القزم بيرام يستطيع تهديد استقرارنا فيها !؟
ماذا يحدث في هذا البلد!؟