من أجل وعي جمهوري / الشيخ سيدي أحمد ولد حيده

سبت, 01/05/2019 - 22:56

يشكل النظام الجمهوري حلا جذريا للمشاكل الإجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلد وقد قطع نظام الإستقلال خطوات مهمة في تطبيقه عبر تكريس دولة الحق ماساهم في بلورة وعي لدى ذلك الجيل بحتمية تجاوز تلك الفوارق فكرا وممارسة من أجل بناء موريتانيا متصالحة مع ذاتها حيث لعبت المدرسة العمومية دورا كبيرا في ذلك عززه فتح باب مسابقات الإكتتاب بكل شفافية أمام الجميع في كل القطاعات المدنية والعسكرية على أساس الكفاءة والجدارة.

أما الأنظمة العسكرية التي خلفته فقد إختارت النكوص على أعقابها، فغلبت التوازنات المحلية عبر تكرس الدونية والغبن وسدت الأبواب أمام المواطنين وسخرت المرافق العمومية لأجنداتها وعاملت المواطن على أساس لونه وعرقه وجهته وموقفه السياسي وغيبت الشفافية في تسيير الشأن العام ومبدأ المساءلة ولَم تكلف نفسها العمل على صياغة سياسات واستيراتيجيات إتجاه العبودية والممارسات الخاطئة، اللهم عندما تريد وضع مساحيق على وجهها في الاحتفالات الدولية إلى أن فقد الجميع الثقة في وطن لايذكر له من فضل عليه سوى إذلاله واحتقاره.

كما أن إرتهان المؤسسات المدنية والحزبية والحقوقية، في بعض الأحيان، لإعتبارات ضيقة، ساهم في تشويه صورة النظام الجمهوري، إضافة إلى عجزها عن وضع استيراتيجية عمل منصفة بعيدة عن التحيّز والتعصب للمساهمة في تطبيق ونشر قيم الجمهورية بين منتسبيها.

إن تلك السياسات الفاشلة دفعت بالبعض إلى الصراخ ضد تلك السياسات والدعوة إلى مناهضتها وانعتاق المستعبدين من أجل نيل حقوقهم كاملة، لكن ، قبل ذلك، عليكم أن تتعودوا على سماع صرخات أبناء العبيد والعبيد السابقين وأبناء الطبقات الأخرى المضطهدة والفقراء وأن لاتحاولوا إسكاتهم على طريقة " سگي الكمون"، فمن معاناتهم تولدت عباراتهم التي تصفونها "بالعنصرية" والبذيئة.
ستنصفونهم لو تساءلتم عن ماضيهم؟ عن الشعور المتولد عنه؟ والنظرة الدونية التي ماتزال تلاحقهم؟ عن تقصير المجتمع في معاملتهم بالمثل؟ عن تآمر السلط المتعاقبة عليهم؟ عن معاناتهم اليومية؟ عن مستقبلهم الغامض في ظل عصر الماديات؟، قبل أن تطلقوا عليها أحكامكم.

فهل من العدل أن تطلبوا منهم الموت كمدا وحسرة من دون أن ينبسوا بكلمة لأن صرخاتهم وتضامنهم فيما بينهم يزعجكم؟ لماذَا تحملونهم المسؤولية أكثر من السلطة عندما يسمعون أصواتهم بجرأة ؟ أليس إتهامهم بالعنصرية والموالاة للغرب وبالتآمر على لحمة الوطن تبرئة للسلطة؟! وإن كان عليهم جزء من المسؤولية أليس في ذلك تحميلهم أكثر مما يقع عليهم؟
ثم لماذا يصر البعض منكم على تقمص شخصية المنظومة الإجتماعية التي كرست غبنهم وحرمانهم ثم يعتبر كل نقد لها استهداف له ولمكونته؟؟ هل يدرك أنه بذلك يقع في شراك الفتنة التي تسعى جهات في السلطة إلى استثمارها.

إن إدراك الجميع لضرورة الابتعاد عن تنميط مكون وحشره في كفة الظالم أو المناصر للظالم أو المتطرف والتسامي على عبارات وتصرفات قد تستغل ضد مسار التغيير المنشود سيكون الخيار الأمثل للمسار الأفضل، لأن من ينشد قيم العدل والمساواة ودولة الحق لايمكنه أن يجعل من نفسه منتقما ولا أن يعيد مسار معاناته ضد آخرين.

وسيكون التحاق الجميع بركب دعاة النظام الجمهوري مطمئن للمظلومين والمضطهدين من أبناء الشرائح الهامشية على أن النظام الجمهوري كفيل بتحقيق طموحاتهم في الكرامة والحريّة والعيش الكريم.

إن زرع الثقة والتضامن بين المكونات الوطنية وإفشال مخططات رأس السلطة عبر محاولته جعل من نفسه حام لمكوّن ضد مكون آخر هي أولى الخطوات نحو وحدة الشعب وحماية مكتسباته الدستورية.

وستمكن كل القوى الجمهورية من إعادة تنظيم نفسها وخلق فعل جماعي حقيقي يدفع نحو تغيير الواقع ويعطي حلولا سريعة لمعاناة المواطنين عموما ويبشر بميلاد مجتمع يشعر الجميع فيه بكرامته ويؤسس لنظام جمهوري ديمقراطي يقوم على أساس المساواة والعدالة الإجتماعية والعدل والديمقراطية ويجعل من الشرف والإخاء والعدل شعاره.
الشيخ سيدي أحمد حيده