الانتخابات الموريتانية : الصراع على جثة / سيدي علي بلعمش

جمعة, 03/01/2019 - 08:08

في الوقت الذي يقوم فيه الجميع بالبحث عن موقع امتياز و قراءة حظ كل مترشح و متابعة توجهات أصحاب الخبرات في التكهن بمن سيفوز ، تواصل العصابة نهب ما تبقى من موريتانيا و تأمينه في دبي و المغرب و البرتغال و إسبانيا و عواصم أخرى من أمريكا اللاتينية البعيدة عن الأنظار.
ـ طفح الكيل في دبي ، فتدخلت أجهزة مكافحة تبييض الأموال و تجارة المخدرات و التهريب و التزوير، الأمريكية . و هو ملف سيقود إلى كشف فضائح ، ستطال الكثيرين و لا أدري إجرائيا ، كيف ستعود هذه الأموال الوطنية المحتجزة ، إلى البلد.
و ما زلنا نرجو تعاون المملكة المغربية في استرداد أموال الشعب الموريتاني المودعة في مصارفها و شققها الفاخرة :
كل المترشحين يهمسون في آذان من يسألونهم "ماذا ستفعلون مع ثروة البلد المنهوبة"؟ و لا ندري معنى انشراح وجوه السائلين بعد ردودهم المهموسة!؟
كانت كل حساباتهم و تقديراتهم تفضي إلى تأكيد بقاء ولد عبد العزيز لأنهم بكل بساطة، يحتقرون هذا الشعب، من دون أن يلاحظوا أنهم لم يقدموا مشروعا يرتبط ببقائه منذ خمس سنين إلا و أفشلته المعارضة : الحوار الوطني، تغيير الدستور، الاستفتاء العام ، الانقلاب على الدستور ...
و من غبائهم، يعتقدون الآن أنهم استطاعوا بمهارات لا تطال طمس آثار جريمة سونمكس و إينير و المطار و المواني و جرائم ولد أجاي و سيدي ولد اتاه و امربيه ربو (...) و أن أكثر ما يمكن أن ينالهم مستقبليا هو وقف بعض الامتيازات التي لم يعودوا بحاجة إليها..
لا توجد اليوم أي مؤسسة قائمة في البلد لا توجد فيها نسبتين لولد عبد العزيز: نسبة من رأس المال و نسبة قهرية (كوميسيون). و يعتقدون، لأنهم أذكياء جدا ، أن الأسماء المخفية و الأسماء المأجورة و الأسماء المستعارة تنطلي على أغبى الناس. و ينسون أكثر من هذا و ذاك أن شركاءهم المقهورين سيكونون ألد أعدائهم حين يجدون ملاذا في العدالة؛ الناس ليست مثلكم : تفضل أن تنال جزء حلالا من ثروة البلد بالطرق الشرعية المتاحة و تستبقي سمعتها و مكانتها..
و يمتد هذا الغباء إلى ما لا نهاية، حين يبحثون اليوم عن مرشح يحميهم ، متناسين أنهم لم يحموا أحدا و لم يعذروا أحدا و لم يسامحوا أحدا و لم يشركوا أحدا و لم يرأفوا بأحد و لم يصادقوا أحدا يوما إلا و غدروا به على حين غرة و لم يفكروا يوما في أنهم لا محالة راحلون...
من سيحميكم ؟ و كيف سيحميكم؟ و مقابل ماذا؟ و لأجل عيون من؟
أنثروا المال الحرام الآن على كل المترشحين ، بعد أن حرمتم الجميع و ظلمتم الجميع و احتقرتم الجميع و نكلتم بالجميع...
لا أحد يستطيع حمايتكم اليوم لأن من لا يسترد أموال الدولة التي نهبتم في الشاحنات و الجرافات و الطائرات، لن يستطيع دفع رواتب عمال الدولة شهرين متتاليين.. لأنه حين يسأل نفسه لماذا أحميهم ، لن يجد مبررا واحدا؛ لا دينيا و لا أخلاقيا و لا وطنيا و لا إنسانيا و لا ردا للجميل و لا وفاء لأي شيء...
التاريخ كالقط ، كالأفعى، إذا مسكته من ذيله لا بد أن يلدغك ، فاستعدوا للدغته ...
على الشعب الموريتاني اليوم أن يكون يقظا لعملية تهريب الأموال المستمرة منذ أدركت العصابة استحالة بقاء ولد عبد العزيز و على الأجهزة الأمنية و الدرك و الجمارك بصفة خاصة أن يتحملوا مسؤولياتهم اتجاه شعبهم ؛ أنتم أمن موريتانيا لا أمن ولد عبد العزيز و لا ولد غده و لا أفيل و لا الصحراوي، إلى متى تخونون بلكم و شعبكم لصالح عصابة أشرار؟ متى تكونون رجالا على مستوى المسؤولية؟
موريتانيا اليوم خاوية على عروشها : نهبوا اسنيم و سونيمكس و تازيازت و إينير و الثروة البحرية و الأراضي الزراعية ، استحوذوا على كل الصفقات الوهمية و شبه الوهمية ، حولوا المواني إلى ملكية شخصية، استدانوا 1500 مليار دولار على ظهورنا ، حتى الحالة المدنية حولوها إلى أكبر مؤسسة مدرة للدخل ، يبيعوننا بطاقات ميلادنا و بطاقات تعريفنا و جوازات سفرنا و شهادات وفاة آبائنا : ربما كنا بحاجة إلى مأساتهم لندرك معنى الوطن و قيمة الوطن : عشر سنين نعيش بلا وطن .. و نموت قهرا بلا وطن .. عشر سنين من القهر و الذل و الاحتقار.. عشر سنين من الكذب و النهب أصبحت فيها سمعة بلدنا مرتبطة بالمخدرات و تبييض الأموال من أعلى هرم الدولة..
هذا الشعب لا يعرف الحقد ، لا يعرف البغض ، لكن من سيحميكم من شرور أنفسكم؟ من سيحميكم من ظلمكم للناس؟ من سيحميكم من ممتلكات الغير التي استحوذتم عليها من دون أي وجه حق؟
المترشحون للرئاسة اليوم يتصارعون على جثة موريتانيا التي أركعتموها نهبا و جشعا و ظلما و فوضى و إذا لم يستردوا أموال الدولة ، لن يجدوا ما يحكمونه و لا ما يحكون من أجله و لا ما يحكمون به ، أم أن ذكاءكم يتوقف عند عمليات النصب و الاحتيال فقط؟