"يمكننا أن نغفر الكثير ، لكن..." / سيدي علي بلعمش

أربعاء, 05/15/2019 - 05:15

تناول تقرير موقع Global fire power المتخصص في تقويم الجيوش العالمية، 133 دولة ، احتلت موريتانيا فيه المرتبة 130 بعد الصومال (128) و وسط إفريقيا (129) و أمام سيراليون (131) و سورينام (132) و بوتان (133) . مع هذا ، يكاد لا يتحدث أن متملق في النظام عن أي موضوع من دون الإشادة الخاصة و التي لا ينكرها إلا مكابر، عن التطور المذهل الذي عرفته القوات المسلحة بفضل "توجيهات رئيس الدولة و خبرات ولد الغزواني" فمتى يخجل هؤلاء؟
طبعا سيكون ردهم بأن هذا الموقع العالمي متواطئ مع المعارضة و إسرائيل و له علاقات خاصة و معروفة بشباب 25 فبراير و محال تغيير الدستور (...)
ـ شاب موريتاني في الثلاثينات ، ضابط صف من الحرس الوطني، تعرض لحادث سير في 18 / 06 / 2015 و رفع إلى المغرب على نفقة الجيش طبعا، حيث أجريت له عملية جراحية أولية ، على أن يجري عملية جراحية أخرى بعد فترة حددها الجراح (18 / 09 / 2015). و عند موعد العملية التكميلية ، طرق الشاب (على كرسيه المتحرك) كل أبواب القيادة العامة للجيوش بقيادة غزواني و قيادة الحرس و وزارة الدفاع من دون أن يجد من يلتفت إليه ، لا بدافع حق و لا بدافع شفقة (...)
من يشرفه أن ينتمي إلى جيش هذا ما يفعله بشاب في مقتبل العمر ، يحتاج اليوم (بعد تعقد حالته الصحية بسبب التأخير عن موعده) إلى 15 ألف دولار لإجراء عمليته في تركيا؟
ـ ـ في هجوم من قبل آنتي ـ سيليكا على الوحدة الموريتانية في جمهورية وسط إفريقيا (2016) توفي الرقيب أحمد مسات و الجندي محمد المامي ناجي، فأصدر قائد جيوشنا الجنرال ولد الغزواني (المؤتمن العارف بالعهود) بيانا ادعى فيه أنهما توفيا بسبب الحمى. "و في اليوم الدولي لجنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة ( 24 مايو 2017 ) في حفل بمقر الأمم المتحدة ترأسه أمينها العالم ، وضع أنطونيو غوتيريس إكليلا من الزهور تكريما لجنود قوات حفظ السلام الذين سقطوا في المعارك و منحهم جماعيا وسام داغ هامرشولد (للجنود الــ 117 من العسكريين والشرطة والمدنيين الذين فقدوا حياتهم في عمليات حفظ السلام في عام 2016) و ذكر من بينهم ثلاثة موريتانيين : الجندي محمد المامي ناجي، والرقيب أحمد مسات والمتطوعة في الأمم المتحدة ساليماتا بوكر لي و ذكرهم بالأسماء و الرتب و الصفات. و قد تم التحايل المخجل على حقوقهم بعد إنكار وفاتهم على ميدان القتال. و سبق أن كتبت عن التحايل على رواتب و تعويضات و تذاكر جنودنا في كوت ديفوار الذين كانوا يعيشون ظروفا مزرية رغم ما تقدم لهم الأمم المتحدة من رواتب كبيرة و تعويضات أقرب إلى الضخمة ، ظل التحايل عليها رياضة العصابة الدائمة" و حين رد علي الناطق الرسمي باسم الجيوش قدمت له الأسماء و الحالات المشهودة بالوقائع و التواريخ (...) بئس ما تعرف عن الوعد و العهد و الأمانة و تحمل المسؤولية يا غزواني (...) من يمكن أن يشرفه الانتماء إلى هذه المؤسسة بمثل هذه القيادة المافيوية ؟
ـ حين يأخذ ضابط من الجيش إجازته السنوية اليوم ، في النعمة أو أطار أو نواذيبو ، لا يستطيع الذهاب إلى نواكشوط إلا بإذن و تحت الرقابة (...) هذه مليشات و ليست جيشا ..
لقد تم إذلال جيشنا و تمت إهانة أفراده ضباطا و ضباط صف و جنود بممارسات شاذة ، قلبت هرم الأوامر و الرتب و الاستحقاقات ... و أكبر إذلال يتعرض له الجيش هو توزيع رتب الجنرالات على أسوأ ضباطه و أقلهم خبرة و تكوينا و أحقية مثل غزواني و عزيز و غيرهم من جنرالات باكوتي.
ـ انطروا إلى ما تفعله فرقة الحرس المكلفة بحراسة السجون، من ممارسات شاذة و مزرية : إدخال المخدرات إلى السجناء ، بيع كل الممنوعات للسجناء، التغاضي عن اللواط و التعاطي و كل الممارسات الشاذة أمام أعينهم و أحيانا بأمر منهم و بشهادة جميع السجناء : أكبر سوق للمخدرات اليوم في سجن دار النعيم (...) هذه المافيات لا يمكن أن تعكس صورة جيش يفتخر به أبناء بلده...
إن من يريدوننا أن نسكت عن مثل هذه الممارسات المخجلة هم أعداء البلد و أبناؤه الديوثون ...
و حين تقول العصابة اليوم إنها اشترت أسلحة متطورة و أنفقت على الجيوش الوطنية و طورت منظومتها القتالية ، تسجلها أمريكا و تتعامل معها كمعلومات لا بد أن تجد أثرها : من أين جاءت و أين توجد و بأي ثمن.
و حين لا تجد ردا على هذه الأسئلة (و لن تجده طبعا) ، لن يكون أمامها سوى التفكير في التعاطي مع مهربي السلاح في المنطقة و هو أيضا ما تنفيه العصابة مثل نفيها لاتهامات النائب الفرنسي مامير و صناديق كومبا با و تسجيلات غانا ـ غيت.
حين يتحدث ولد عبد العزيز و ولد غزواني عن الجيش ، لا يؤكدان سوى مسألة واحدة يعرفها الجميع و هي أنهما لا يخجلان...
لقد دمرتما هذا البلد بلا رحمة و نهبتما ما فيه من خيرات و طحنتما شعبه البريء و عليكما الآن أن تستعدا لمواجهة جرائمكما : نعرف جيدا أنكما ستقاومان .. ستكذبان ألف كذبة جديدة .. ستشتريان الذمم .. ستوزعان الوعود على علماء "بنافة" و مثقفي الظل و صحافة الشمس ، لكن الأشياء لا تنتهي إلا بنهاياتها . و كما قالت المناضلة الغواتيمالية ريغو بيرتامنشو "يمكننا أن نغفر الكثير لكن علينا أن لا ننسى أي شيء" . نعم يمكننا أن نغفر الكثير لكن علينا أن لا ننسى أي شيء