من امتطى نمرا حار كيف ينزل من على ظهره / سيدي علي بلعمش

سبت, 06/29/2019 - 18:18

لقد ترك ولد عبد العزيز لحارس فضائحه (غزواني) هدية مرة ؛ كان الحكم عند ولد عبد العزيز فسلمه له و كانت الشرعية عند الشعب و ما زال يتمسك بها حتى إعادة فرز أصواته.
في المرة الماضية، أعطى الشعب الشرعية للرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله فتنازل عنها و ورط الشعب الموريتاني الذي ائتمنه، بعشر سنين من حكم عصابة حرابة مارقة بلا أخلاق و لا رحمة .
و الآن، عجزت العصابة عن إدارة اللعبة لأن معارضة جادة و واعية دخلت على الخط دون سابق إنذار، بطموح مشروع و احتقان شعبي لا يمكن أن يتبخر .
تفاجأت العصابة بقوة المعارضة و تماسكها و جديتها و تدافٌع الشعب إلى شبابيكها، فارتبكت و اختلطت كل أوراقها و انفضحت أمام العالم أجمع: كل سفارات العالم تدرك ما حدث بدقة و أرسلت به حتما تقارير وافية إلى بلدانها . و ستظهر مواقف هذه البلدان مما حدث في وقتها و على طريقتها الخاصة، عند الحاجة .
كان ملك المغرب أول مهنئ لغزواني على فوزه و ستثبت الأيام القادمة أنه سيكون أول نادم عليها ؛ فما تخشاه المغرب تنسى أنه ليس مزاج غزواني و إنما هي مواقف الجزائر و الإمارات و السعودية التي صنعت غزواني و فرضته و المتلذذة بانتصار طفولي، بركوع المغرب لخيارها و كان باستطاعتها أن لا تهدي أعداءها مثل هذه الشماتة. الدول لا تدار بالضعف و المحاباة .. الدول الحكيمة لا تصنع صديقا وهميا بمعاداة شعب كامل : لو كانت المغرب صرحت بممتلكات عزيز و تكيبر و بقية مقربيه فيها و أعلنت عن استعدادها لتسليمها إلى موريتانيا، لوقف الشعب الموريتاني برمته ضد أي موقف معادي لها من قبل النظام و حين اختارت أن تقف ضد الشعب الموريتاني مع عصابة بلا أخلاق و لا أمان ، فليكن لها ما أرادت كما فعلت مع عزيز..
و لأن غزواني يفتقد قوة التفاوض و حرية القرار و تقدير خطورة الموقف، ستظل ضغوط عزيز عليه ـ لحماية جرائمه ـ هي نقطة ضعفه حتى سقوطه : قد تفرض العصابة غزواني لبعض الوقت لكنها لن تضفي أي قدر من الشرعية على بقائه مهما فعلت و لن تجد من يتعامل معها خارجيا قبل استكمال تلك الشرعية .
نعرف جيدا أن العصابة اليوم تراهن على قدرتها على اختراق صفوف المعارضة و قد كشفت تصريحات جميل منصور و الشنقيطي و نتائج التصويت في الرياض أن ولد عبد العزيز استطاع بالفعل ـ في لعبة توقعها الكثيرون و تكلموا عنها من بداية تشكل المشهد ـ أن يبث التفرقة في صفوف المعارضة و يشوه حملة ولد بوبكر و يلعب على عقول أصدقائه الخارجيين (السعودية ، الإمارات ، فرنسا) . لقد تأكد الجميع أن غزواني هو كان مرشح الإسلاميين و هو وحده من استفاد من أموالهم و أصواتهم و إعلامهم : مواقعهم الالكترونية و قنواتهم الإذاعية و التلفزيونية و صحفهم ، حتى تغطية قناة الجزيرة كانت خجولة و مكشوفة في برودتها و مهادنتها و حتى في المساحة الزمنية التي خصصتها لموريتانيا في هذا الظرف، رغم إساءة ولد عبد العزيز غير المبررة لقطر التي أراد من ورائها خطب ود السعودية و الإمارات ، تجاوزتها الجزيرة، كما لو أرادت أن تقول للقطريين ، نحن نعمل على جبهة أهم فدعونا نثبت لكم أننا على صواب . و قد أثبتتها بالفعل.

و يتردد بين صناع القرار في العصابة أن بيرام لا ينتظر للاعتراف بالنتائج المزورة غير الترخيص لحزبه و جمعيته و أن عليهم أن يقدموا له أحد التراخيص قبل الاعتراف و الآخر بعده و حين يحتج على تأخير الثاني يتم جره بسهولة (بحركات استفزازية) إلى إلغاء الأول.
هذا التفكير المافيوي على كل الأصعدة ، كان له بعض لتأثير لا شك، لكنه أصبح متآكلا و مكشوفا و هو إرث ثقيل لا يستطيع ولد الغزواني تسييره و هو يسحب جرائم عزيز على ظهره .
الآن أدخلت العصابة موريتانيا في أزمة كنا نحذر منها منذ زمن طويل، يبدو واضحا أن الكثيرين ما زالوا يعتقدون أنها مجرد غيمة عابرة ستتلاشى مع أدخنة مسيلات دموع شرطة التدخل السريع: الحكم اليوم عند العسكر و الشرعية عند المعارضة بأصوات الشعب التي ترفض العصابة الاحتكام إليها برفض الاحتكام إلى المحاضر الموقعة من قبل ممثليهم و ممثلي المعارضة. و لجنة تزوير الانتخابات ما زالت ترفض تحمل مسؤولياتها الدينية و الأخلاقية و الوطنية مع الأسف : لقد حيرني قول ولد مولود إن ولد بلال أراد التوسط بينهم و بين النظام لإيجاد حل لكن النظام رفض وساطته : مهمة ولد بلال ـ يا ولد مولود ـ هي التحكيم بين الفرقاء و ليس الوساطة بينهم و حين تخلى عن مسؤوليته ما كان من المفروض أن يقبل منه أي تدخل آخر. ما زالت معارضتنا تفاجئنا في كل لحظة بمواقف محيرة لا ندري بماذا نفسرها.
مخطئ من يعتقد الآن أن انقلاب العصابة على انتصار المعارضة و خيار الشعب سيمر مر الكرام : ما حدث الآن كان مرحلة مهمة من الصراع ، سجلت فيه المعارضة نقاطا ملموسة و هامة ستليها أخرى في الأيام والأسابيع القادمة ، تفضي حتما إلى إحقاق الحق و دحر أباطيل عصابة الحرابة.
أول ما يفعله اللص حين يقتحم بيتك أو محلك هو أن يحذرك من أن تصرخ أو تتكلم ؛ لهذا قامت العصابة بقطع الاتصالات حتى لا تصل أصواتكم إلى بعضكم أو إلى العالم؛ لكن إلى متى و ماذا بعد؟؟
يقول المثل الصيني "من امتطى نمرا حار كيف ينزل من على ظهره"