
يحسن بالرئيس المودع ان يوصي خلفه ويحسن بالخلف أن تكون له اذن واعية وان يسمع لسان الحال إن صمت لسان المقال
فيقول المودع ؛
هاا نا مكثت عشرا مرت كالبرق انكمشت سنوها وشهورها وتلاشت أسابيعها وأيامها
فماعملت فيها من خير ذهب عناؤه وبقي جزاؤه وما عملت فيها من شر فقد ذهب شرته وبقيت حسرته
وانا موقن بأتي قادم على الحساب عن صغير الشان وكبيره
فليتني أنجو لا لي ولا علي
وانا مشفق من حالي يوم مآلي حين اقف بين كفتي الميزان ارقب تساقط الحسنات والسيآت
والجمع والحصر الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
وأجمع مع رعيتي في يوم الفصل ويوم الميقات فيتعلق بي الجميع فالتمس
فكاك نفسي بعدلي وإنصافي وأداء أمانتي ورعاية عهدي
أبحث عن كل مظلمة رفعتها وأمانة اديتها
{{ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين }}
ومشفق من الخيبة في ذلك اليوم الذي يحق فيه قول الحق جل جلاله ؛
{{ وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما }}
{{ ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم }}
أخاف واحاف واخاف
ان اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم فيعرض عني لاني فرطت في دينه وضيعت حقوق أمته ولم احسن خلافته
ولم اتبعه بإحسان
اوجل واوجل واوجل من ان يحتجب عني ملك الملوك ورب الارباب لاني احتجبت عن عباده ويحرمني لانني حرمتهم
ويشق علي لاني شققت عليهم ويسائلني عما استرعاني
واسمعه وهو يقول ؛
{{ لا تختصموا لدي وقد قدمتم إليكم بالوعيد }}
إنك لا تحتاج كثيرا من القراءة عن حال من اثاروا الارض وعمروها من أسلاف واخلاف الملوك المتلاحقة التي لودامت
لسابقها لما وصلت للاحقها
يكفيك حالي إن لم اسعفك بمقالي
ولتكن يوم القدوم اكثر استحضار ليوم الوداع ولا يشغلك فرح اللقاء عن هم الفراق
ولا تفتتن بالمزدحمين عليك اليوم فهاهم ينفضون عني وينفرون ثبات وجميعا
فقد خلت مواقعهم عندي وطاروا زرافات ووحدانا طلبا لمواقعهم عندك فلتر حالهم مع من بعدك بحالهم معي
وستكون وحدتي اعظم ووحشتي منهم اشد يوم تدبر الدنيا وتقبل الأخرى
فالنجاة النجاة فإن عقلت عني فذلك حظك وسيكون لك لسان صدق في الآخرين ويرجى لك ان ترث جنة النعيم
وإن غفلت وغرك الإقيال وانساك الإدبار فلن تعدو من سبقوك
ممن أخذوا القليل وخسروا الكثير واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير فكانوا ملعونين في الدنيا مقبوحين في الأخرى
ليتك أيها المقبل اخذت هذه النصيحة وادمت فيها النظر
وجعلت لنفسك وذويك وقت حساب تقسوا فيه كما كان ابن
الخطاب وتقراها عليهم وغيرها من أخبار ونصائح الأمناء للخلفاء
ليتك قررت على نفسك دوام المطالعة في كتاب من كتب تراجم أهل العدل وأهل اللظلم
وجعلت لك وقتا تزور فيه ما قرب من قبور الرءساء
وتقرب من يشق عليك اليوم ليخفف عليك في اليوم القيل
ومن يخوفك اليوم لتأمن يوم الفزع الأكبر
وفق الله حكام المسلمين أجمعين واصلح بطانتهم