
في مطلع الستينيات وبينما كان البلد يستعد للوقوف على قوائم الاستقلال الوطني في أرض عرفت من السلطة إمارات وزعامات وكيانات متعارضة وموزعة في فضاء مجالي متسع اتساع كبد الصحراء للهب والرمال.
في تلك الأجواء المفعمة بأشواق الاستقلال ومد ظلال الدولة الموريتانية على كامل أرض البيظان زار الرئيس الأول لموريتانيا المختار ولد داداه باسكنو للسلام والإكبار للزعيم الكبير سيدي ولد حننا.
أهدى الرئيس بندقيات جديدة إلى الزعيم لتنضم إلى مئات إن لم تكن آلافا أخرى يحملها أبناء الفصيلة الاجتماعية التي يتزعمها سيدي ولد حننا أبرز رجال الزعامة والقيادة في الحوض الشرقي وربما في موريتانيا كلها.
كانت رسالة البنادق إحدى الرسائل السياسية التي بعثها المختار تثمينا لدور الزعيم في حماية الحد الشرقي لموريتانيا ومنع محاولات "اتمولي " الذي سعى إليها سياسيون ماليون وموريتانيون من أجل ضمن أجزاء من الشرق الموريتاني إلى مالي.
في تلك الظروف كان الطفل - الذي سيتولى لاحقا مناصب سامية في المؤسسة العسكرية الموريتانية وفي تفاصيل ملفات الأمن في منطقة الساحل حيث تتعدد مفاهيم الأمن والحاجة إليه- يخطو في ربيعه الرابع حيث كان الأخ الأصغر للزعيم سيدي
رياضي في كتائب الجيش
التحق الشاب حننا ولد حننا بالمدرسة النظامية باكرا في حاضرة والده بباسكنو، حيث حصل على شهادة الدروس الابتدائية، قبل أن يتوج مساره الدراسي بباكلوريا الشعبة الرياضية المزودجة، وقد أهلته تلك الدراسة إلى امتلاك ناصتيي اللغة العربية والفرنسية، إضافة إلى التمكن من تخصصه في مادة الرياضيات.
ربما لو واصل حننا ولد حننا الدراسة في تخصصه لكان الآن من أبرز العقول الرياضية في البلد، ولكنه اختار مثل عدد كبير من أبناء جيله، ضمن ثقافة سادت كثيرا من جيل السعبينيات وخصوصا من المناطق الشرقية للالتحاق بالمؤسسة العسكرية.
تخرج ولد حننا من المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة في أطار سنة 1983 ضابطا، بعد سنتين من التكوين البدني والأمني والفكري والعسكري المعقد على يد نخبة من ضباط الجيش الموريتاني ومتعاونين عسكريين من دول متعددة.
وفي السنة الموالية عين قائدا لفصيلة ضباط صف في المدرسة العسكرية بأطار، قبل أن يعين في السنة الموالية قائدا لفصيلة الطلبة ضباط الصف العاملين في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة في أطار، وذلك نظرا للكفاءات التدريبية والمهنية التي تمتع بها خلال فترة التدريب التي خضع لها طيلة سنين في أطار.
في عمق الاستخبارات العسكرية
في سنة 1986 تم نقل الضابط حننا ولد حننا بعد أن أكمل أربع 5 سنوات من الخدمة العسكرية و30 سنة من العمر، إلى المكتب الثالث بقيادة الأركان قائدا لفصيلة الدراسات العامة وهي المهمة التي شغلها طيلة عامين ومكنت الجيش من بناء قاعدة بيانات وإنجاز دراسات مهمة في سياقها العسكري والأمني.
وفي 1988 تم تعيينه قائدا مساعدا للمكتب الثالث بقيادة الأركان ليكون بذلك على تماس دائم ومباشر مع المعلومات وتحليلها وصياغة الاستراتيجيات العسكرية والأمنية للجيش الوطني طيلة فترة.
مع بداية التسعينيات بدأ الضابط حننا ولد حننا مرحلة أخرى من التدرج في المناصب العسكرية حيث عين قائدا للكتيبة رقم 62 بالمنطقة العسكرية السادسة، قبل أن يتولى قيادة المنطقة وكالة في سنة 1991،ومنها تم تعيينه قائدا لمكتب تنظيم التدريب في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بأطار سنة 1993.
ونظرا لخبرته المتراكمة في مجال التدريب العسكري، تم تعيينه في سنة 1995 قائدا لمركز تدريب الجيش الوطني، واستمر في هذا المنصب مدة ثلاث سنوات، قبل أن يعين قائدا للمنطقة العسكرية السادسة التي غادرها سنة 2001 قائدا للمركز الفني للجيش الوطني لمدة سنة واحدة، ومنه إلى قيادة المنطقة العسكرية الثالثة.
بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2003 وما تبعها من تغييرات عسكرية متعددة تم تعيين العقيد حننا ولد حننا مرافقا عسكريا للرئيس معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، وهو المنصب الذي استمر فيه إلى حين الانقلاب العسكري ضد الرئيس ولد الطايع سنة 2005 حيث كان الضابط حننا ولد حننا من الشخصيات العسكرية الرفيعة التي أدارت عملية التخطيط للانقلاب وتنفيذه بعد أن وصلت الأزمة السياسية بين النظام ومختلف القوى السياسية أعتى مراحلها.
في هرم القيادة
كان الضابط حننا ولد حننا من أعضاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي قاده المرحوم اعل ولد محمد فال وضم في عضويته أيضا ضباطا سامين من بينهم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، وقد تولى الضابط حننا ولد حننا منصب المدير العام للأمن الخارجي والتوثيق وهو المنصب الذي جعله على تماس أكثر مع مختلف ملفات الأمن ودوائر القوى والإرادات الدولية في منطقة الساحل وموريتانيا بشكل عام.
وفي 2008 أعادت قيادات من الجيش الكرة ضد نظام الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله، وتشكل المجلس الأعلى للدولة برئاسة الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وكان الضابط حننا ولد حننا عضوا أساسيا في التشكلة العسكرية الحاكمة، قبل أن ينتقل إلى منصب أرفع وهو قيادة المفتشية العامة للقوات المسلحة وقوات الأمن وهي الهيئة الرقابية المسؤولة عن متابعة وتقييم أداء القطاعات العسكرية والأمنية في موريتانيا.
بعد المفتشية العامة للدولة شغل الفريق حننا ولد حننا منصب القائد المساعد لأركان الجيوش الموريتانية في التشكلة الحالية للجيش والتي وزعته إلى عدة مراكز وقطاعات وجيوش مستقلة وهي المهمة التي أدارها لخمس سنوات كاملة، ويعتبر القائد المساعد للجيوش منصبا تنفيذيا مباشرا ذات ملفات وصلاحيات واسعة جدا.
على رأس أمن الساحل
في بداية 2018 ومع المتغيرات السياسية والأمنية المتعددة في منطقة الساحل تم اختيار الفريق حننا ولد حننا لقيادة القوة العسكرية لدول مجموعة الساحل الخمس، وقد وضع الضابط حننا خلال فترة إدراته للقوة العسكرية والتي استمرت لأكثر من سنة، الاستيراتيجيات الأساسية لانطلاق أهم قوة عسكرية مشتركة في منطقة الساحل.
ومع بداية العام 2019 وضع ابن باسكنو حننا ولد حننا فاصلة في مسيرته العسكرية، حيث تقاعد بعد 35 سنة من الخدمة العسكرية جعلت منه أحد أبرز الأسماء التي أدارت مختلف المهام العسكرية في موريتانيا وأحد أهم العقول العسكرية لموريتانيا، إضافة إلى كونه ذاكرة مرجعية للمؤسسة العسكرية وعلاقاتها بمهامها الأساسية ومسارات علاقاتها بالسلطات والأنظمة المختلفة في موريتانيا خلال العقود الأربعة المنصرمة.
بعد تقاعده انتقل الضابط حننا رفقة صديقه ورفيقه في التكوين بالمدرسة العسكرية بمكناس وفي مختلف مراحل السلاح، إلى وزارة الدفاع ليتولى من موقع الإشراف والمتابعة والتوجيه إدارة ملفات ومؤسسات خبرها طيلة العقود المنصرمة من موقع التنفيذ والتخطيط المباشر.
شهادات وتكوينات
نال وزير الدفاع الحالي حننا ولد حننا في مسيرته المهنية تقدمات وترقيات متعددة إضافة إلى شهادات متعددة من بينها.
الباكلوريا الرياضية المزودجة – شهادة الدراسات الجاميعة العامة في القانون – ماجستير في العلوم الإدارية والعسكرية، كما نال شهادات عسكرية متعددة من بينها
شهادة قائد فصيلة – شهادة مظلي – شهادة نقيب وإفادة كضابط أركان.
إضافة إلى دورات متعددة من بينها – دورة الأركان – دورة عليا حرب.
وضمن النياشين التي حملها الفريق المتقاعد نال وزير الدفاع توشيحات متعددة من بينها – ضابط في نظام الاستحقاق الوطني – كوماندوز قوات الشرف الفرنسية –الوسام الكبير للقيمة العسكرية من إسبانيا- ضابط في نظام الفروسية من بوركينافاسو.
يتحدث وزير الدفاع بتمكن اللغة العربية والفرنسية والإنكيلزية، كما يعرف عند المقربين منه بأنه قارئ نهم جدا ومتذوق للأدبين العربي والشعبي.
بين يدي الوزير الآن ملفات متعددة أبرزها مراجعة الاستيراتيجيات العسكرية لموريتانيا في ظل متغيرات متعددة من بينها الداخلي المتعلق بتوجه الجيش إلى مؤسسية أكبر وإلى بناء مؤسسات تكوين وتعليم متعددة، أو ما يتعلق بالملفات الخارجية واستمرار تعزيز القوة الموريتانية الحامية للحدود والفاعلة في صناعة سلم إقليمي مستمر ودافع للأخطار المحدقة بالمنطقة.