
الحقيقة _أنواكشوط _بعد التحية والتقدير، فقد اطلعت على تدوينة لكم، موجهة إلي شخصيا، تساءلتم فيها عن متى سيعاقب مرتكبو أعمال قمع الطلاب الممنوعين من التسجيل.
بدءا، يسعدني تذكيركم بأن حرية التعبير، شأنها في ذلك شأن باقي الحريات الأساسية، جزء من تكويني ومشواري ونضالاتي، وقد كانت، وما تزال، في صلب اهتماماتي ومشاغلي. كما أن صيانة وحماية وترقية حرية التعبير وحرية الرأي، النقابي والسياسي، تظل من صميم مهام اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي أتشرف برئاستها. ولا شك أنه يمكن التعويل عليها في هذا الصدد.
ولعلي كنت أعتقد أن اللجنة، في ظل عهدتي، قطعت شوطا لا يستهان به عندما تمكنت، خلال ندوة أقامتها قبل أشهر، من جمع الشباب، من مختلف الأطياف، ورجال الشرطة، من مختلف الرتب، والمجتمع المدني من شتى المشارب، على طاولة واحدة لنقاش "حق التظاهر: بين متطلبات الأمن وحرية التعبير".
وقد تناولنا الموضوع وفق معادلة بسيطة مفادها، من جهة، أنه في حين يحق للسلطة أن يتم إشعارها بكل فعالية تقام على الشارع العمومي لأنها معنية بحمايتها ولأنها معنية بصيانة حقوق أخرى قد تترتب عليها كالممتلكات العامة والخاصة فضلا عن المارة، وبالتالي الاطلاع المسبق على طبيعة الفعالية وهوية القائمين عليها ومكان انطلاقها ومسارها ونقطة نهايتها، فإنه، من جهة اخرى، يحظر عليها منع هذه الفعالية أحرى قمعها. لأن حق التظاهر مكفول دستوريا، ولأن التظاهر السلمي في البلدان الديمقراطية يتم بشكل سلس، وهو يعد حالة صحية لا مندوحة عنها في التعددية.
والحقيقة أن تدوينتكم، وما تضمنته من تساؤل جد مشروع، وجدتني خارج البلاد في زيارة عمل لم أعد منها بعد إلى الربوع، لكن أهميتها استدعت مني الرد الموجز لكم شخصيا ولقرائكم الكرام وللرأي العام، في انتظار أن أعود قريبا لأقرأ التقارير التي تنصب عليها حاليا جهود موظفي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الذين أتابع معهم، عن كثب وأولا بأول، كل تطورات الملف خاصة بعد لقائهم بممثلي الطلاب و تواصلهم مع الجهات الرسمية.
وختاما، لكم مني كل التشكرات والتمنيات.
أخوكم أ. أحمد سالم بوحبيني