
الحقيقة / أنواكشوط /تتجه أنظار الشارع الموريتاني إلى المؤتمر العادي المرتقب لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية في28 من الشهر الجاري.
وقد بدأت الفعاليات السياسية المتنوعة الداعمة للمؤتمر، و اعتماد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مرجعية وحيدة للحزب.
وهو مؤتمرٌ تعولُ عليه آمال كثيرة في انتزاع الحزب من هيمنة فكري اقصائي، والخروج بهيئات شرعيةٍ تكون الغلبة فيها صراع أفكار وبرامج من أجل تعزيز المُمارسة الحزبية في بلادنا، وكسر قاعدة أحزاب السلطة المؤسسة على المصالح الشخصية، و قبلنة الفضاء العمومي.
ويأتي المؤتمر في ظل أزمة المرجعية التي كشفت عن صراع بين رفيقي مكناس و السلاح رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، والرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وهو خلافٌ تذهب بعض التحليلات إلى اعتباره مفتعلاً في عملية جديدة ضمن الممارسة السياسية الموريتانية، حيث يعلن ولد عبد العزيز معارضة صديقه خصوصا أنه لم تتضح حتى الآن الخارطة السياسية في البلد رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على تسلم الغزواني مقاليد الحكم في البلاد.
ولد عبد العزيز.. و ترميز المجهولين سياسيا
قبل أكثر من عشر سنوات قاد الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز انقلابا على الرئيس المنتخب، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ودخل بقوة في المعترك السياسي، و أدخل الممُارسة الموريتانية مرحلة جديدة استطاع خلالها ترميز مجهولين سياسيا، وتصدرهم للشأن العام، و إبعاد الرموز السياسية - مؤقتا - التي حكمت البلد أكثر من عشرون عاماً.
بدأ ولد عبد العزيز حكمه بـإعلان الحرب على الفساد، وتجديد الطبقة السياسية، حيث عين وزيرا أول لم يمارسُ السياسة في البلاد، وظل مجهولا قبل تعيينه من طرف الرئيس ليشكلَ حكومةً أغلبُ أعضائها مجهولون سياسيا.
ليبدأ ولد عبد العزيز في خلق طبقة سياسية جديدة - تخضع لمزاجه- و ترميز شخصيات كانت مجهولة في السابق، والاعتماد عليها طيلة حكمه.
ومن أبرز الشخصيات التي لم تكنْ معروفة - سياسيا- قبل ولد عبد العزيز الوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمد الأغظف، ووزير الـإسكان الأسبق، إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، ووزير الصيد الناني ولد الشروقة، ووزير المالية المختار اجاي، ووزير الٱعلام السابق سيدي محمد ولد محم الذي ظهر ضمن الكتيبة البرلمانية التي استخدمها ولد عبد العزيز لحجب الثقة عن حكومة ولد الشيخ عبد الله قبل الإجهاض عليه.
وظل ولد عبد العزيز قويا طيلة حكمه، وشكل خلقه لشخصيات ليس لديها تاريخ سياسي مصدر قوة، قبل أن يرتمي في أحضان موظفو الأنظمة السابقة، وتظهر في حكمه قبلنة الشأن العام، ودعم الدولة للمبادرات السياسية التي تحملُ اسم مجموعات قبلية، وعودة القبيلة بشكل ملفت للشأن العام بعد أن خفتت الممارسة باسم القبائل بصفة رسمية مع بداية حكمه.
ولد الغزواني .. والاعتماد على إرث عزيز
شكلَ انتخاب رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، ارتياحـا للفاعلين السياسيين في الأغلبية و المعارضة في سابقة من نوعها بالبلد.
وأطلق على غزواني مرشحَ الإجماع الوطني و دعمته أحزاب وشخصيات معارضة، وأخرى مستقلة ليحمل معه تطلعات الموريتانيين في مستقبل أفضل.
أنتظر الموريتانيون الرئيس الجديد سبعة أيام قبل إعـلان عن تكليف وزير بتشكيل الحكومة، وراجت أسماء كثيرة مرشحة للمنصب لكن "الرئيس الصامت" فاجأ الرأي الإعلام بتسمية أحد الشخصيات التي كانت فاعلة في نظام ولد عبد العزيز وزيرا أول.
وضمتْ التوليفة الحكومية الجديدة أسماءً مقربة من الرئيس السابق، ولم تكن معروفة قبل، وتمثلت في كل من وزير الصيد الناني ولد الشروقة، ووزير البترول محمد ولد عبد الفتاح، ووزير التعليم العالي، سيدي ولد سالم.
وبدأ الرأي العام يشكُ في تعهدات الرئيس الصامت، و يعتبر حكومته استمرارا للنهج.
لكن أزمة الحزب الأخيرة كشفت و خلقت نوعا من التفاؤل عند أنصار الرئيس بالابتعاد عن النهج.
ويأمُل أنصار الرئيس أن يشكل المؤتمر فرصة لتصحيح الأخطاء، والاعتماد على الشخصيات الوطنية التي دعمت الرئيس، وآمنت ببرنامجه الانتخابي "تعهداتي" الذي نال به ثقة الشعب الموريتاني، بدل الاعتماد على إرث ولد عبد العزيز من الشخصيات التي لا تتمتع بأي ثقة من المواطن، ومنبوذة شعبية.