
بين الفينة والأخرى تطالعنا بعض الأصوات الخافتة تعرض بمعالي الوزير الأول المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، وبتاريخه الوظيفي، وهي شنشنة عهدناها من "أخرم" وخلاياه النائمة...!
كان لذلك "الفحيح" أن يمر لماما؛ دون أن يلفت انتباها؛ كأي صراخ من معتوه في شارع، أو كأي ضريبة يدفعها شخص ناجح.. لكن الحقيقة لا تستحق علينا إخفاءها؛ حتى ولو كان أولئك الملفقون لا يستحقون الرد..!!!
كان تاريخ الوزير الأول الوظيفي تاريخا نقيا (سواء في أدائه، أو في نزاهته) أدى أمانته مرفوع الرأس لا يرجو ولا يخاف.. فمشروع إعادة إعمار الطينطان قام فيه بدوره وزيادة؛ فالأضرار أحصيت، والاستراتيجية وضعت.. أما التمويل فليُسأل عنه ذلك الذي ظلت الصحافة تلاحقه بالأسئلة حوله، وهو يتهرب..!
وحين وكلت وزارة الإسكان إلى الوزير الأول، نعرف كيف كان شجاعا ونزيها وكفؤا.. فالعشوائيات ظلت -عبر تاريخنا- مقبرة لأمانة المسؤولين ولشجاعتهم ولكفاءتهم... وسياسة تجميع القرى وإنشاء المدن.. كلها قرارات تنم عن وعي استراتيجي كان غائبا دائما عن مسؤولينا.. والارتباك الذي عرفته وزارة الإسكان بعده (بكثرة المعينين عليها) يشرح كيف كان إسماعيل كفؤا وكيف كان نزيها...!
فكرة "منطقة نواذيبو الحرة" وتجسيدها على أرض الواقع لم تكن إلا دليلا آخر على أن معاليه يملك فكرا استراتيجيا بعيد المدى، وأنه -بالإضافة إلى كفاءته ونزاهته- يمثل ثروة من ناحية الأفكار والرؤى والإنتاج... ويجمع الكثير من مراقبي سيرورة "المنطقة الحرة" أنها فقدت الكثير من بريقها وألقها بعد مغادرته لها...!
حاول رئيس النظام السابق مضايقة معالي الوزير الأول، ولو كان يملك أي ملف يمكن أن يدينه (ماديا أو معنويا) به لكان فعل.. فليس منا من لا يدرك حدة غريزة الانتقام لدى "عزيز"..! لكن ولد بده كان نقيا نظيف الأيدي.. من هنا لم يستطع أن يمارس ضده غير تنحيته..!
ولأن معالي الوزير الأول ليس من ذلك الطراز السياسي الذي يُبتز بالوظيفة، لم يلجأ إلى المبادرات ولا المقابلات التلفزيونية لإرضاء رئيس النظام السابق (حين نحاه من حكومته) بل غادر البلد؛ مستثمرا كفاءته ومهنيته، ومفضلا الغربة، وفي أصعب البلدان ظروفا، باعثا نهج كرماء النفس:
وفي الأرض منأى الكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متحول
بقي أن أقول للمتباكين على "النهج" إن القاطرة انطلقت، وأن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني اختار طاقم القيادة معه بعناية.. وإشفاقا عليهم أقول لهم -وواثق أن معالي الوزير الأول يقولها لهم معي- ما قاله نبي الله نوح عليه السلام لابنه -ولله المثل الأعلى- يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين...!!!
مصباحة ولاد