الفساد ينخر 90% من الإدارات الحكومية في موريتانيا

اثنين, 06/15/2015 - 10:48

قالت مصادر حكومية في موريتانيا لـ"العربي الجديد"، إن عمليات التفتيش التي قامت بها وزارة المالية خلال السنتين الماضيتين ضبطت عمليات اختلاس واختفاء مبالغ مالية في 90% من الإدارات التي تم تفتيشها، بالإضافة إلى اختلاس أكثر من 12 مليار أوقية (40 مليون دولار).

وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن عدد الخزائن بالإدارات التي لم تسجل فيها عمليات اختلاس بلغ 5 خزائن من أصل 50 شملها التفتيش، وأن عدد المعتقلين في قضايا الاختلاس وسوء التسيير بلغ 30 معتقلاً، تم نقل أغلبهم إلى سجن "بير أم اكرين" بأقصى الشمال الموريتاني.
وامتدت الانتقادات لبرنامج الحكومة الموريتانية لمحاربة الفساد من الأوساط الاقتصادية والمؤسسات الدولية إلى المواطنين الذين اعتبروا أن البرنامج تحول إلى "شعار" اتخذه الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، كذخيرة لمعركة سياسية.
وحسب خبراء اقتصاد، لم تحقق الحكومات المتعاقبة منذ وصول ولد عبد العزيز إلى الحكم عام 2008 أي تقدم ملموس في البرامج التي أطلقها للقضاء على الفساد المالي والمحسوبية والرشوة، وجاء ذلك على عكس ما كان يتطلع إليه الموريتانيون بمحاكمة كبار المختلسين وإعادة الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة والشفافية في تسيير المال العام، بل ما زالت عمليات الاختلاس متواصلة حتى الآن، وفقاً للخبراء.
"

وفي زياراته الأخيرة للمناطق الشرقية والجنوبية بموريتانيا وقف ولد عبد العزيز على مشاريع كلفت ميزانية الدولة مبالغ كبيرة، إلا أن بعضها لم يكن على المستوى المطلوب، وبها شبهات فساد ما دفعه إلى الامتناع عن تدشين مشاريع، ومنها مستشفى مدينة أركيز جنوب البلاد، حسب الخبراء.

اقرأ أيضاً: الإفراج عن مسؤول موريتاني متهم باختلاس أموال
وقال الباحث الاقتصادي بياده ولد المحفوظ، لـ "العربي الجديد"، إن هناك ارتباكاً واضحاً في التعامل مع ملفات الفساد، بسبب تشابك المصالح والضغوط الاجتماعية والسياسية التي يشكلها محيط المتهم، حيث إن هناك من تم إيقافهم بشكل فوري، فيما تأخرت قضايا بعض المتهمين إلى أن تمت تسويتها بعيدا عن القضاء.
وكانت شرطة الجرائم الاقتصادية في موريتانيا، أعلنت الأربعاء الماضي، عن اعتقال محاسب في وزارة الإسكان بتهمة اختلاس مبلغ مالي يتجاوز 70 مليون أوقية موريتانية، ما يعادل 233 ألف دولار.
وأكد ولد محفوظ أن حجم المبالغ التي تم الكشف عن اختفائها أقل من التي تم اختلاسها بالفعل، داعياً إلى ممارسة ضغط شعبي وإعلامي على المسؤولين، لكشف المزيد من عمليات الفساد واستمرار التفتيش في جميع الإدارات، وعدم الاستسلام للمبررات والضغوط الاجتماعية والسياسية التي يمارسها البعض لتسوية الملفات، أو تأخير الاعتقال ليتمكن بعض المتهمين من الهروب خارج البلاد.
وتفاقمت معاناة المواطنين المعيشية، في ظل تدني خدمات الماء والكهرباء والمصحات والطرق والمباني العمومية التي أنشئت حديثا. وقال موظف في إحدى بلديات لبراكنة (وسط البلاد)، محمدو ولد حمادي، إنه رغم انتظار السكان إنجاز المشاريع التي افتتحها الرئيس طويلا، ومن بينها مؤسسات تعليمية وصحية يحتاجها المجتمع، فقد جاءت هذه المشاريع دون مستوى تطلعات السكان، بسبب إنجازها بمواد أقل جودة وعدم مطابقتها للمواصفات.
وأضاف ولد حمادي أن بعض المباني ظهرت بها تشققات قبل أن يتم افتتاحها، ورغم ذلك لم يُحاسب أحد، وأخرى تهالكت بعد سنوات قليلة من تشييدها.
وكانت موريتانيا قد احتلت المرتبة 119 من أصل 177 دولة في مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية العام الماضي.
ويواجه اقتصاد البلاد تحديات ضخمة، ومنها تفاقم مشكلة الفقر البالغة 31% عام 2014 حسب مسح حكومي أجري مؤخراً.