لا تزال الانتقادات والاتهامات تطال دون توقف مسار ولقاءات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما اقتصرت مواقفه الاخيرة على موقف المدافع مع ارتفاع حدة الرفض لسياساته الاخيرة داخل وخارج فرنسا .
آخر فصول الحرج الذي واجهه ماكرون، كان خلال مقابلة أجراها، الجمعة، مع منظمة شبابية إلكترونية واسعة الانتشار مخصصة للشباب، واجه فيها سيلا من الأسئلة والانتقادات الساخنة، تركزت حول اتهامه بتقويض قيم الحريات في فرنسا وهو ما وضعه مجددا بزاوية الدفاع ورفض التهمة .
وقال ماكرون أثناء المقابلة مع منصة "بروت" الفرنسية: "لا يسعني أن أدعهم يقولون إننا نقلّص الحريات في فرنسا".
ورأى أن فرنسا "تم تصويرها بشكل كاريكاتوري" خلال النقاش الدائر حول المادة 24 من مشروع القانون الأمني الذي استحال مادة جدالية حول عنف الشرطة في البلاد، معتبرا أن النقاش "تلوّث بخطاب متشدد عدواني تجاه الحكومة"
ماكرون الذي كان ينتظر نقاشا بعيدا عما ذهب إليه النقاش "الحرج"، عبر عن صدمته مكررا حيال موقف الصحافة الأمريكية والبريطانية، التي داومت على انتقاد سياسته الأخيرة الماسة بالحريات، حيث نقل عنها قولها: "هؤلاء الفرنسيون غريبون، لقد أهانوا النبي، إنّهم لا يحبون الإسلام، لديهم مشكلة مع هذا الدين"، وهو ما بات يشكل لديه كابوسا ما فتئ يكرره حيثما ذهب.
ونقل عنه مقربون أنه تمنى من الشباب نقاش القضايا الصحية والاقتصادية، ومواضيع كان يراها أولوية مثل البيئة والعدالة الاجتماعية.
وقال: "جرى نسب الكثير من الهراء إلى المشرّع، وعندما أرى الكثير من المراسلين الأجانب يشيرون إلى صحف أو صحافيين أو غيرهم ممن هم نشطاء تقريباً، ويستخدمون ذلك (...) للقول إننا في فرنسا سنقلّص الحريات كلّها، فبصدق شديد (أقول) لم يكن ذلك أبداً في نية المشرّع".
وفي هذه المقابلة الطويلة الأولى مع هذه الوسيلة الإعلامية، أجاب الرئيس الفرنسي أيضاً حول مواضيع حساسة مثل الإسلام والعلمانية، خصوصا بعدما اتهمت وسائل إعلام ناطقة بالإنكليزية فرنسا باضطهاد المسلمين.
وقال إن فرنسا "ليس لديها مشكلة مع الإسلام، بل لديها (مع هذا الدين) علاقة قديمة العهد (...). ببساطة، لقد بنينا جمهوريتنا، رؤيتنا الجماعية حول الفصل بين السياسي والديني، وهذا ما تجد أحيانا أجزاء كثيرة من العالم صعوبة في فهمه"، مدافعاً في السياق عن نموذج العلمانية الفرنسي.
ورداً على سؤال وجهه إليه الصحافي ريمي بويزين الذي وضعه عناصر من الشرطة أرضاً مؤخراً خلال عملية إخلاء عنيفة لمهاجرين في باريس، أقرّ ماكرون بوجود "حالات عنف على يد عناصر في الشرطة".
لكنّه ندد بعبارة "عنف الشرطة" التي صارت وفقاً له "شعارا لمن لهم مشروع سياسي". وسعى أيضاً إلى التنديد بأعمال عنف يقع ضحيتها عناصر في الشرطة.
وأعلن ماكرون في سياق هذا اللقاء أيضا عن إطلاق منصة وطنية في كانون الثاني/ يناير للإبلاغ عن التمييز. وقال: "اليوم عندما يكون لون بشرتنا غير أبيض، فإننا نتعرض للتفتيش أكثر بكثير (...) يتم تحديدنا كمشكلة وهذا أمر لا يطاق".
وفي لمحة تشير إلى رغبته في التهدئة بعد صعود النفس اليميني المتطرف بعد تصريحاته الأخيرة، توجّه ماكرون إلى الشباب الفرنسي من أصول مهاجرة بالقول إنّ "الجمهورية تعترف بكم.. أنتم فرصة لها. وبالتالي فإن تاريخكم الفردي جزء من تاريخنا" ومن "الهوية الفرنسية".