التسول ظاهــرة اجتماعيــة خطيـرة انتشرت في بلادنا بشكـل كبيـر، حتى أصبحـت تهـدد المجتمـع بأسـره، وتنذر بالعديد من العواقب؛ فهي ظاهرة مشينـة تقتل عزة النفس وتميت النخوة، وترفع نسبة الإعالة والبطالة، وتؤدي إلى الانحـراف الأخلاقي والفكـري، فنجـد كثيـرًا من المتسوليـن يلجؤون إلـى تعاطـي المخدرات؛ كما نجد العديد منهم يلجؤون إلى تسويق خدمات مشينة بين أفراد المجتمع، ويشيعون الجريمة التي تهدد المجتمع؛ ما يسبب تهديـدا وإخـلالا بالاستقـرار والأمـن العام الذي يمس العديد من وجوه الحياة الموريتانية ويتسبب في ظهور العديد من الظواهر الفرعية المدمرة، كالتسرب من المدارس، والعديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، بما لها من عواقب وخيمة تقضي على الوجه القيمي، وتهدد الخطط التنموية، وتزرع المفاهيم الهدامة، وتشوه الوجه الحضاري المشرق الموريتاني.
وتنشط هذه الظاهره كثيرا في أماكن معينة كالمستشفيات والبنوك المساجد والأسواق والمحال التجارية وجوانب الطرق وفي أماكن إشارات المرور والمطاعم والمقاهي والأماكن العامة، وفي الأماكن المزدحمة؛ كما تطوف العديد من فرق المتسولين على البيوت وخصوصا بيوت المسؤولين ورجال الاعمال وهذا النوع من التسول يلبس ثوب الشاعر والفنان والمدون والصحفي
ويتبع المتسولون، عدة حيل لكسب العطف واستدرار الشفقة، وطلب العون والمساعدة، باستغلال النواحي الدينية والأخلاقية والإنسانية في نفوس المارة؛ فيطلبون الصدقات وأموال الزكاة، ويتلاعبون بما اعتاده الشعب من القيم، كالنخوة وإغاثة المحتاج والمسكين.
ومن المتسولين من يستغل صغر سنه وعجزه عن العمل وحذاقته في الدعاء كالأطفال؛ أو كبر سنه الذي يمنعه من العمل لإعالة أبنائه، أو الحاجة إلى المال لتسديد دين او المساعدة في بناء مسجد وهذا النوع من التسول رواده الشباب ، أو الحاجة إلى المال من أجل العلاج وتبريره بوصفات وفحوص مزوره. كما تمتهن العديد من النساء هذه الآفة بحجة موت زوجها أو مرضه الذي يمنعه من القيام بالإنفاق على العائلة وهناك نساء اخريات لديهم سيارات فارهه يمارسن نوع جديد من التسول وهو طلب البنزين ....بحجة ان هاتفها اكتمل شحنه او انها نسيت محفظة النقود وهذا النوع يصطاد فريسته عند محطات الوقود .
وانواع التسول لدينا كثيره الا اننا قسمناها على شكل انماط
التسول الظاهر: وهو التسول الواضح.
التسول المقنّع: وهو التسول المستتر وراء أنشطه أخرى مثل بيع السلع الصغيرة أو أداء بعض الخدمات البسيطة وهذا لنوع من التسول قد يكون مدعوم واراءه ايادي خارجيه مثل المنظمات الدوليه او المخابرات الدوليه .
التسول الموسمي: وهو التسول في مواسم ومناسبات معينه، مثل الأعياد أو رمضان. وايام الجمعه.
التسول العرضي: وهو التسول المؤقت الناتج عن ظروف استثنائية.
التسول الاحترافي: وهو اتخاذ التسول حرفة وهذا النوع من التسول تمتهنه عصابات منظمه تضم جميع الفئات العمريه ولديها مؤطرين .
التسول الاضطراري: وهو تسول الشخص العاجز عن العمل، والذي لا يتوافر له أي مصدر دخل آخر غير التسول.
ولأن ظاهرة التسول تحدث في الغالب في الظل أو بالخفاء؛ كان من الصعب رصد حجم الظاهرة وانتشارها؛ بسبب عدم توفر إحصائيات أو دراسات أو أبحاث رسمية حولها؛ إلا أن هناك أسبابًا واضحة للظاهرة في المجتمع وهي:
اولا: الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي زادت في ارتفاع نسبة الفقر والبطاله وارتفاع الاسعار...........
ثالثا: أسباب اجتماعية :
الطلاق والخلافات الدائمة بين الأبوين وتفكك الأسرة وجنوحها نحو العنف والقسوة، وتمزق أوصالها، وممارسة العنف بحق الطلبة في المدارس، تشكل عوامل تفريخ لمزيد من المتسولين؛ حيث يهرب الأطفال إلى الشارع ويجدون في التسول ضالتهم للحصول على المال بطريقة سهلة يشبعون به رغباتهم، ويوفرون به مستلزمات حياتهم.
وتُعد القدوة السيئة من أسباب التسول كذلك؛ فتؤثر في بعض الأشخاص فتدفعهم إلى التسول؛ فمثلاً قد يجد الطفل أباه أو أمه يمتهنان التسول فيقلدهما، خصوصاً مع علمه بالمردود المادي المرتفع الذي يجنياه من مهنتهما.
ولرفقاء السوء دور مهم في انتشار هذه الظاهرة بين الأطفال؛ فيجد الطفل في البيئة الاجتماعية المحيطة به في المنزل أو في الشارع أو المدرسة بعض الضالعين في التسول الذين يحاولون اجتذابه للتسول، بأن يظهروا له أنه الطريق السريع والسهل للحصول على المال.
وينتشر التسول عادة بين الشرائح الاجتماعية غير المتعلمة؛ إذ لا يُدرك المتسول تماماً مفهوم القيم الاجتماعية؛ بل إنه يضع أمامه هدفاً يتمثل في الحصول على المال بأية وسيلة لتعويض الحرمان الذي يُعانيه.
ويشكل ضعف الوازع الديني دافعًا للتسول؛ إذ يجعل تصرفات الفرد غير متوازنة وغير منضبطة؛ فيفعل أي عمل، دون البحث عما إذا كان حلالاً أم حراماً.
كما يشكل زيادة أعداد متعاطي المخدرات سببًا دافعًا للتسول؛ إذ يعمد متعاطي المخدرات إلى التسول وسيلةً لتوفير المال اللازم لشراء المخدرات.
الآثار السلبية التي تسببها ظاهرة التسول في المجتمع
للتسول أثاره السلبية على المتسول ذاته، حيث ينطوي على إهدار كرامته الإنسانية؛ إضافة إلى أن للتسول آثاره سلبية على المجتمع الذي يحيله إلى مجتمع كسول خامل، يتصف أبناؤه بالاتكالية والبعد عن العمل المنتج.
ويسيء التسول إلى صورة المجتمع في عيون الوافدين الى بلادنا ويشوه سمعة البلد .
ويشكل التسول مناخًا خصبًا تنطلق منه الجريمة بكل أشكالها؛ فهو بداية الطريق للسرقات والانحراف؛ إذ يهون على المتسول الذي يحصل على الأموال بدون مشقة وعناء، أن يصرفها في شراء الممنوعات وارتكاب الجنايات والمحظورات التي تكون عواقبها وخيمة.
وينطوي التسول على آثار أخرى، مثل: عدم وصول الصدقات إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل؛ إذ إن المتسول يأخذ حقوقهم دون وجه حق.
كما أن في التسول انتهاك لحقوق الطفل؛ وذلك باستغلال الأطفال في عملية التسول، حيث يطلب منهم بيع بعض أنواع البضائع منخفضة القيمة ؛ أو مسح السيارات عند إشارات المرور.
إن استمرار هذه الظاهرة على المدى البعيد قد يشكل خطراً اجتماعياً وصحياً وأمنياً، خاصة وأنه قد يكون هناك بعض الممارسات الخاطئة التي تمارس تحت غطاء التسول.
آليات معالجة ظاهرة التسول
- يقع على عاتق المجتمع العبء الأكبر في محاربة ظاهرة التسول؛ لأن هذه الظاهرة تنتشر بتجاوب وتعاون الناس معها وتختفي بكف الناس عن إعطاء هؤلاء المتسولين المال؛ فيجب على جميع أفراد المجتمع التعاون مع الجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة السلبية والقضاء عليها.
- على الجهات الرسمية المختصة تجريم التسول، بفرض عقوبة قانونية حسب القوانين المعمول بها عندنا وتأسيس مكتب لمكافحة التسول يضم جهات امنيه وخبراء اجتماعيين ونفسيين..... .
- على الجهات المختصة توفير العمل لكل قادر على العمل.
- على الجهات المختصة توفير الضمان الاجتماعي لكل عاجز عن العمل، نتيجة لمرض أو إعاقة أو تقدم في سن
الحديث عن العصامية والكفاح والتصميم اصبح ضربا من الفلكلور في هذا المناخ اللذي ينشغل فيه الناس بروايات سرعة ثراء بعض المنافقين والمفسدين والتقدم الوظيفي والاستحواذ على المواقع لأبناء طبقة المنافقين والمتنفذين ومن حاول فهم انتشار هذه الظاهره اي (الثراء السريع ). سيرى ان هناك خطر يهدد مستقبل المجتمع ونذير لانهيار كل ما تم إنجازه وليس التسول الا بدايه .
ان مكافحة التسول تحتاج لاكثر من ارسال دوريات مشتركة لإلقاء القبض على عدد ممن يقفون عند اشارات المرور
مكافحة التسول تعني إشعال روح المنافسة الحرة الشريفة بين الجميع ووقف ممارسات التمييز والامتيازات التي تفتح شهية البعض وتجذب المزيد لاحتراف التزلف والتسول .
د.محمدعالي الهاشمي