المعتاد فى كل بلدان العالم أن يكون خطاب رئيس الدولة هو الخطاب الأهم لأنه يحدد ملامح السياسات والقوانين التى تنوى الحكومة التقدم بها. ولهذا فإن الرأى العام يتابعه، والإعلام يرصد تفاصيله، والمحللون يتوقفون عند كل عبارة فيه سعيا لتفسير المعانى الغامضة وإثراء الحوار بشأنه. وبهذا المنطق يلزم علينا قراءة خطاب الرئيس أمام خريجي المدرسه الوطنيه للاداره والتفاعل معه خصوصا ان هذه الدفعه تعتبر استثنائيه من حيث الكم والتدريب والتكوين والتخصص
بدأت فعاليات الحفل بعد قدوم الرئيس وتم افتتاح حفل التخرج بآيات من الذكر الحكيم وبعدها احيلت الكلمه الي ممثلة الطلاب خريجي المدرسه الوطنيه للاداره والصحافه والقضاء
وتكلم المدير العام للمدرسه الوطنيه للاداره والصحافه الدكتور عالي ولد اعلاده وكانت كلمته رائعه مختصره وبسيطه وفنيه تطرق فيها الى كل مايتعلق بالمدرسه
وبعده مباشرة بدأ خطاب الرئيس
لقد كان خطاب الرئيس على مدى نصف ساعه مفعماً بالحزن والمرارة إلى درجة الانفعال الصادق الذى يعبر عن مكنون الشخصية المخلصة اخلاصاً مطلقاً لله والوطن . ولا ريب فى أن هذه الحالة من الحزن والمرارة كان لابد أن تعترى المقاتل الوطنى الذى يخوض أشرس وأخطر حربٍ فى التاريخ الحديث دفاعاً عن وجود الوطن بحاضره ومستقبله، ثم يصدم بموظفين لا يدركون أو لا يقدّرون قيمة وأبعاد هذه الحرب ومتطلباتها ودواعيها، بل إن ممارسات الوزارات والمؤسسات تأتى عن قصدٍ سيئ لتصب فى معين العداء للوطن والمواطن وايقاف مسيرته التنموية والمساس بأمنه واستقراره . لقد كانت هذه هى المرة الثانية التى يلجأ فيها الرئيس بالشكوى لشعبه، الذى أحس بقدر ما يعانيه ويكابده فتعاطف مع حديثه مؤيداً له فى كل ما قد يتخذه من قراراتٍ واجراءاتٍ صارمةٍ وعاجلةٍ ضد كل من يتربص بالمال العام أو يعمل من اجل ذلك سواءً فى الخفاء أو العلن، او كل من يتهاون بكرامة المواطن سواءً عن قصدٍ أوعن غير قصد، فظروف المرحلة الراهنة لا تحتمل التهاون في القضايا الوطنية.
كان رئيس الجمهوريه محمد ولد الشيخ الغزواني في خطابه غاضبًا ، كما كان حائرًا ويائسًا من إمكانية تحقيق حلمه وهو برنامجه الانتخابي تعهداتي في ظل الممارسات والاختلالات الاداريه السلبيه ، وترك الباب مواربًا ولم يحرق جميع الجسور، كما يتضح من خلال عدم اتخاذ إجراءات عملية، بمستوى الحاجة والمخاطر، لتي تحدث عنها واكتفى بالتهديد والمناشدة.
المعضلة الأساسية في خطاب الرئيس أنه لم يطرح رؤية شاملة تستند إلى مراجعة التجربة السابقة، وتصل إلى تقديم حلول بل اكتفى بالتشخيص بدون وصفه علاجيه.
لا يمكن خوض مواجهة طويلة وحاسمة مع اباطرة الفساد من دون رؤية شاملة جديدة تبني ولو خطوة خطوة ، ومن دون إرادة مستعدة لدفع الثمن وخطة ملموسة يمكن تحقيقها في اقصر الاجال لتؤتي اكلها بسرعه
لم يتكلم الرئيس عن البنيه التحتيه والتعليم والسياسه الخارجيه لكنه ركز على بناء جسر بين المواطن والاداره
وبناء جسر الثقه يضم كل شئ البنيه التحتيه التعليم والصحه.....
ومما تقدم نستخلص ان هذا التوجه الجديد من فخامة رئيس الجمهوريه للمرحلة المقبلة هدف سام أساسه إعادة قدر وكرامة المواطن امام ادارته ولكن تحقيقه يحتاج لأدوات وخطط صارمه ويحتاج المصارحة والشفافيه والانصات لاحتياجات الناس ومشاكلها واقتراحاتها، وإعادة الاعتبار لحقوق المواطنين وحرياتهم التى كفلها الدستور.
د.محمدعالي الهاشمي