الدكتور هارون عمار اديقبي رئيس الغرفة المدنية بمحكمة انواكشوط

جمعة, 11/27/2015 - 09:15

تحية وشكر للجنة الوطنية لحقوق الإنسان "لوح"... لكنها زادت قليلا !!!. كان لي الشرف وقصب السبق الذي افتخر به عندما كتبت مقالا دون تعمق بعنوان: ملاحظات حول عقوبة الإعدام في القانون الجنائي الموريتاني وفي المحصلة طالبت بإلغاء عقوبة الإعدام في مجال التَّعازير فقط من منظمتنا العقابية الوطنية دون الحدود والقصاص. ويبدو أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تجاوزتني كثيرا في تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا 2014/2015 إلى التوصية باستبدال حكم الإعدام بالسجن المؤبد (ص:34)، ثم زادت: "إن لحكم بالإعدام يثير نقاشا ومواقف متعارضة داخل المجتمع الموريتاني، خاصة عند حدوث بعض الجرائم البشعة ولما تخلفه من تبعات عند الضحايا وذويهم، وفي هذا الإطار فان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان توصي بحوار هادئ ومتأن حول إشكالية الحكم بالإعدام، مع تأكيد موقفها إلى جانب الإلغاء ، بوصفها هيئة دفاع عن حقوق الإنسان. وعلى ضوء حالة الإلغاء الفعلي فان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تدعو لانضمام موريتانيا إلى البروتوكول الاختياري الثاني المتعلق بالعهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام والتطابق مع روح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى تعليق العمل بعقوبة الإعدام".(ص:51).من التقرير. و يبدو لي أن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام بتاتا من منظومتنا العقابية الوطنية أي في مجال الحدود والقصاص غير ممكن دستوريا في الوقت الحالي، و أفتيات على الأمة الموريتانية وخرق لإجماع وطني منضبط ينفي ما ذكر من نقاش دائر حول عقوبة الإعدام لم يكن يوما ولو نُخْبَويا على هذه الأرض نظرا لمبدئية العقوبة شرعا، و ذلك لأمور: 1/ لدَسْتَرة المرجعية الإسلامية في الدستور الموريتاني في المادة الأولى و الخامسة منه والتي تنص على أن:" الإسلام دين الشعب والدولة"، وبالتالي تكون المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام غير دستورية لوقوع الإجماع على أن الشريعة الإسلامية تعدم في القصاص وبعض الحدود إجماعا لا مخالف له رغم تشبثها وصرامتها المتألقة في الإثبات، إعمال قاعدة درء الحدود بالشبهات، والمحافظة على الحرية كمناط تكليفي. 2/ إن التصديق على البروتوكول الدولي يعطيه قيمة أسمى من القوانين الوطنية [المادة:80 من الدستور] التي لا تزال تحتفظ بهذه العقوبة وبالتالي فان هذه الاتفاقية ستتناقض مباشرة مع الدستور الموريتاني وهو ما يجعل المصادقة على البروتوكول غير دستورية. 3/ أن هذا البرتوكول ينص في مادته الأولى على انه: "لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول/ تتخذ كل دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية". و ينص في المادة الثامنة على انه:" يبدأ نفاذ هذا البروتوكول بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صك التصديق أو الانضمام العاشر لدى الأمين العام للأمم المتحدة" فكيف يتم هذا في ضوء ما ارتضاه الشعب الموريتاني في دستوره. إن هذه الدعوة التي صدرت عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الوقت الحالي في نظري غير دستورية و بالتالي ستكون افتياتا على الشعب الموريتاني بأكمله. وكخلاصة فان الحل الحالي الذي ما تفعل الدولة اليوم هو أمثل الحلول القانونية المتاحة وليس فيه تعطيل للحدود ولا القصاص نظرا إلى للضوابط القانونية المتعلقة باستيفاء التقاضي من طرف المحكمة العليا وضرورة الإذن بقرار من رئيس الجمهورية الذي يقدر المصلحة في متى يقام الحد والقصاص باعتباره السائس العام للرعية ورئيس الأمة . و كان على اللجنة أن تدعو في هذه المرحلة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في مجال التعازير وغربلة الترسالة التشريعية الجنائية من العقوبات الإعدام في مجال في غير الحدود والقصاص وإعمال التقادم في مجال الحدود [679 جديدة من قانون المسطرة الجنائية] وما أكثرها في منظومتنا الجنائية و يمكن الاطلاع على ذلك بمراجعة مقالنا حول هذا الموضوع.