د.محمدعالي الهاشمي يكتب /؟ النضال الفاشل

سبت, 12/17/2022 - 11:17

علمت كم هي موجعة سياط الكلمة الصريحة والنقية عندما تسلط على من يستحقها...عرفت انهم لا يعرفون معنى الخطوط الحمراء وان الوطنية والدين والفضيلة والقيم والأخلاق ليست في قاموسهم...تناست هذه البوتقة بأننا نعيش فى كنف دولة ديمقراطية تكفل حرية الرأى والتعبير للجميع كما انها تغافلت عن الإنجازات والإصلاحات التي شهدتها البلاد خلال اربع سنوات

الآن قد اكتملت قناعتي حول غوغاء المدونين او المطموسين وأصبحت متأكد ان موتهم على هذا الفضاء مسالة وقت وان البعض منهم نضاله او انهزاماته بلا مصداقيه وان البقيه بدأت مصداقيتهم تتآكل

التدوين أصبح عبارة عن سوق شعبي معزول عن المدنية والتحضر.. تتعالى فيه أصوات الباعة المزعجة.. لتروج بضاعتها التي انتهت صلاحيتها منذ أمد بعيد، وبين لحظة وأخرى يتحول الصراخ في عرض البضاعة البائرة إلى سب وشتم متبادل بين تجار السوق، بألفاظ نابية .. وينشغل هؤلاء التجار عن تجارتهم وينصرفوا عنها إلى الصراعات والخصومات الشخصية .. بدل تجويدها وإحسان عرضها وإقناع الزبناء بها .. ويذكر بعضهم بعضا بسيئات الماضي والتواطآت التي أخفوها عن الزبناء السذج .. ويفضح بعضهم الآخر .. ويتوعد بعضهم بعضا في المستقبل .. والزبون التائه المسكين، وفي لحظة الذهول تلك، لا يهمه إلا أن يسكت جوعه وجوع عياله، (وهو المتابع لهذه الصفحات)مهما كان كساد هذه البضاعة وبشاعة وجوه الباعة ..

للأسف الشديد، هذا هو حال المدونين عندنا في المهجر، اخبار بائدة ومنتهية الصلاحية، لا تحرك مناضلا ولا تستهوي مفكرا ولا تقنع مواطنا.. وهم يتمركزون حول الذات والأنا ضد الآخر الذي لا يساوي شيئا في ميزان التدوين والفكر.. ولا يفرقون بين مفهوم التغيير والإصلاح .. أما القضايا الحقيقية .. قضايا الحرية والكرامة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمبادئ الوطنية فمن وجهة نظرهم ان تداس وتنتهك أمام أعين العالم

أنا على يقين أن جميع المدونين الوطنيين سيصطفون إلى جانب زعيمهم وقائدهم ورئيسهم ورمزهم كما فعل افراد جاليتنا العظيمه أمام ثلاثي تدني الوعي، وضمور الفكر، وسقوط الأخلاق النضالية، وانهزام القيم المبدئية أمام الوصولية والانتهازية لدى هاؤلاء .. ولكن هنا لابد من التذكير بتلكم القيم التي تعلمناها ، وأذكر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس أنه قال: قال رسول الله ﷺ: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، رواه البخاري.

ومهما كانت الأسباب، فعلى المدون الناضج والمسؤول أن يمسك لسانه عن السب والشتم، لأن ذلك يعتبر من خوارم المروءة، ناهيك عن خلوه من أي فائدة تعود على الشعب، ولن تساعده في شيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر )، وقال أيضا: ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء”، رواه البخاري. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِ هذا، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ”، البخاري. وورد في القرآن الكريم آيات كثيرة محذرة من هذا، فقال تعالى: “ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون”، الحجرات.

اعرف ان مقالي هذا يعرى سؤاتهم ويخترق الهالة الوهمية التى أحاطوا أنفسهم بها حتى تثور ثائرتهم بالرغم من محاولاتهم البائسة للانضمام الى فئة الكاظمين للغيظ والعافين عن الناس...أشعر بالشفقة على هذه القلة فهؤلاء يحاولون اقناعنا بأن النضال يتم بالسب والشتم ...أشعر تجاههم بالقرف كونهم نتاج للعزلة الفكرية والظلامية التى هيمنت على عقولهم
هاؤلاء يبحثون لأنفسهم عن دور فى الوقت الضائع بعد أن أكل منهم الدهر والمذله وشرب ...بعد أن ظهرت عليهم بوادر مرض (الزهايمر) الفكري والخرف النضالي وأعراض الشيخوخة الذهنية اللعينة...ازدادت عقولهم تكلسا...تمكنت منهم ثقافة الرياء والغوغاء والجعجعة...أصبحوا فريسة لشباك الجبن والانهزام ...وصل المنسوب الفكرى لديهم الى أدنى المستويات...يسبحون ليلا نهارا بحمد القهر والشقاء...هؤلاء هم أحفاد مسيلمة الكذاب وزبانية بيرام وافلام...

و في الأخير الخاسر الأكبر من هذا الضجيج هو الشعب هل باستطاعة هؤلاء أن يعترفوا بهذه الخطايا ويعتذروا للشعب الموريتاني عنها ؟ من المستبعد أن يتحلوا بهذه الشجاعة ، فليست في ثقافتهم أو من أخلاقهم النضالية .. فهذا التلاسن الفظيع أضحى الآن من مستلزمات ثقافتهم، ومن قواعد النضال عندهم..

لو كنتم رجالا حقيقيين لذهبتم الى وطنكم فهناك يكرم المرء أو يهان

د.محمدعالي الهاشمي