لم أكن مناورا حين كتبت عفوا يا وزارة الداخلية، ولم أتصنع معرفة واقع مقاطعتي الحبيبة (جكني) حين كتبت عن تشكلات سياسية معقدة، تجعل من المشهد السياسي لها مشهدا جديرا بالاهتمام؛ إذا أريد له أن يكون في مصلحة حزب الإنصاف وللانصاف، ولقد اشفعت ذلك برسالة تخاطب الأمين العام والوزير الأول السابق ملاي ولد محمد لقظف، وتشرح الوضع الحقيقي للمقاطة.
وإن بعض من يوصفون بأنهم قادة تقليديون حالوا دون أن يستفيد الحزب من وضع المصالحة الوطنية، ووضع الالتفاف والتجمع على دعم مشروع رئيس الجمهورية، وحاولوا تنفير القوى الحقيقية والقوة الفاعلة لتبقى الساحة لهم وحدهم، ويبقى ما كان على ما كان، وهيهات بعد تأثير الأيام أن يصلح العطار ما أفسده الدهر.
ولقد كان تأثير شخص رئيس الجمهورية، وصدق أولئك الداعمين الأقوياء الأمناء والأوفياء الصادقين في دعمه كلها أسباب أقوى من أن ترجع المياه إلى مجاريها، ويعود المعارضون لنظام ول عبد العزيز من حيث أتوا، وقد يختلف الوضع بالنسبة لهم في القيمة الإنتخابية وفي الخلفية الشخصية؛ تعاملا وأخلاقا، وتأثيرا، وحبا للآخر، ويختلفون في البذل، والسعي بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
كتبت بعد ذلك وقبل صدور لوائح ترشيحات الحزب تحت عنوان : (قراءة في كف الانصاف) وهي القراءة التي جاءت دقيقة 100%، وكنت أسعى من خلال ذلك إلى لفت انتباه من يهمهم الأمر إلى ما يراد للانتخابات القادمة، وما يراد للحزب، وكذلك بيان تآمر بعض من هم في الواجهة، ومن هم قريبون من مراكز القرار في الحزب بسبب أو بدون سبب.
إن هؤلاء المنفرين اليوم -وقد فعلوا فعلتهم وكشفت حقيقتهم وقرئت رسائلهم- لم يبقى أمامهم إلا اللجوء إلى وسائل الدولة، واستخدام سطوة الإدارة، أو ما عاشوا تفاصيله مع النظام السابق، لعلهم بذلك يبقون بقية من ماء وجوههم، لكنها إن بقيت للبعض فستغوض من وجوه البعض الآخر، إن كان بها بقية من ماء في الأصل.
... يوم ينفع الصادقين صدقهم... حين فشلت محاولات الالتفاف حول الشخصية المؤثرة، والشاب الصادق مدير معهد ورش المستشار اسلك ولد حيدة، ومحاولات وأد طموحة المشروع، ومنافسته المشروعة، حيث أنه كان ذلك الرمز المخلص لمقاطعته، والمخلص للوطن كله، كشفت الأيام خبث مساعي اللوبيات، وتآمر اللاعبين القدماء -بعد فشل مقاربتهم- عليه ومحاولة طمس جثوة ضوئه المتقد، دخلوا من النافذة على هيئات الحزب ليحرموا مدينتهم ووطنهم من صدقه وإخلاصه من جهة، وليصوروه وأمثاله من الداعمين لرئيس الجمهورية على أنهم أعداء الإنصاف، لكن حرصهم على أن لا ينافسهم المصلحون، أظهر وساوسهم الداخلية، لتتجلى للمراقبين للساحة معالم شعورهم بالهزيمة، وتولي زمن الزيف الذي غطوا به عقول البسطاء زمنا ليس بالقصير.
تقدم النائب بلائحة مشتركة مع العمدة السابق لمركز أولويات أزبل من أحد أحزاب الأغلبية، وهو العمدة الذي يتقاطع مع النائب في بعض الصفات، وأعتقد أن ذلك الإشتراك يعتبر فتحا لهما، وهزيمة بدأت تترأى للعيان معالمها لخصومهما السياسيين، لكن قواعد المنافسة الشريفة يضعها ويطبقها الشرفاء وحدهم، وأما غير الشرفاء فيهرعون إلى الطرق الملتوية لعلهم يجدون مخرجا مما قد يحيق بهم من مكروه؛ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
وبذلك ترتسم معالم المشهد الجديد، ويبزغ فجر قطب جديد طال انتظاره، وسيجد الناخبين في انتظاره في الموعد على أبواب مكاتب الاقتراع يرددون : طلع البدر علينا...
وسيكتمل المشهد أخيرا بأفول نجم ليس من كوكب المقاطعة استقدم لقتل أحد الرموز القديمة؛ كأحد تجليات تآكل الطبقة السياسية القديمة، وسيظهر طالع السعد للجزء الشمالي من خريطة المقاطعة بعد أن عملت الأجزاء الأخرى على تعميق جراحة، لتبقى وحدها على الخارطة. لكن أمر الله نافذ ووعده متحقق: ....فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
تأملات عاطل