أربع سنوات من الانفتاح والإنصاف وأشياء أخرى

سبت, 08/12/2023 - 13:22

شهد الفاتح من أغسطس سنة 2019 تنصيب فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيساً للبلاد بعد حصوله على نسبة تزيد على نصف المصوتين خلال الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية، تلك الانتخابات التي ثبت فيما بعد أن الرئيس السابق لم يكن يُخلص الوفاء فيها لفخامته، وأنه أمر بتوجيه الناخبين للتصويت لمنافسيه بعدما استيقن أن السيناريو الذي يريد تطبيقه ربما لن يكتب له النجاح مع فخامته، وأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لن يرضى بأقل من ممارسته لجميع سلطاته الدستورية كاملة غير منقوصة دون توجيه من أحد، وأنه لن يكون للبلد إلا رئيس واحد.

تحدياتٍ رُفعت ومكاسب تحققت

كان الموريتانيون يدركون أن وضع الاختناق السياسي الذي عرفته البلاد خلال العشرية السابقة، وخطاب الإساءة والتخوين، وقاموس البذاءة الذي لم يسلم منه شيوخٌ من بينهم أبرز قادة أحزاب المعارضة من طرف بعض الفاعلين السياسيين بما فيهِم الرئيس السابق، هو جوٌ موبوءٌ يلوث حاضر ومستقبل البلد السياسي، ويكرس ثقافة احتقار المخالف، والجميع يُقر أن للمواطن الموريتاني الحق في تعاطي السياسة ضمن أي إطار سياسي وطني مرخص يريده، دون أن ينقص ذلك من حظه في التوظيف والمعاملة السليمة، كما أن الانصراف إلى معالجة التحديات الاقتصادية الكبرى، ومشاكلها الجوهرية إضافة إلى التحدي الأمني وما تتطلبه المقاربة الأمنية من احتراز ومراقبة في ظل وجود محيط هش، به الكثير من بؤر التوتر وعدم الاستقرار، كل ذلك يتطلب قدراً من الانفتاح السياسي، ينزع شرارة التأزيم، ويُساهم في تفريج الاختناق، ويُوطد لتطبيع علاقة الاحترام المتبادل بين كل أطياف المشهد السياسي الوطني.

لقد كان لدى فخامة رئيس الجمهورية من الحنكة والحكمة والحصافة ما جعله يدرك هذه الحقيقة ويسعى لها سعيها، فبدأ بتنقية تلك الأجواء وخلق جواً من الثقة والألفة والانفتاح بين الفاعلين السياسيين، مؤكدا أن التنافس ينبغي أن يظل في إطاره السياسي، وألا يتحول إلى عداء بين قادة الأحزاب السياسية.
فاستدعى فخامته كل رؤساء الأحزاب السياسية وسمع منهم بكل أدب ووقار وتقدير، وأبلغهم بأنه يرحب بهم في القصر الرئاسي في أي وقت، كما يرحب بجميع آرائهم ومقترحاتهم، وحتى انتقاداتهم.. لقد خلق فخامته جو الثقة الذي أفضى إلى خلق تشاورٍ وطني شاملٍ برعاية رئاسية سامية، لم يُقصَ منه أي طرف كما لم يُستبعد منه أي موضوع، فتداعى السياسيون بكل أطيافهم ومشاربهم وعبَّروا عن تطلعاتهم ورغباتهم، ورؤاهم وطموحاتهم، وتم الاستماع إلى كل ذي رأي، ومناقشة كل المواضيع بكل أريحية وبروح وطنية جادة وصادقة.

تمخضت نقاشات الحوار السياسي عن تشكيل لجنة للانتخابات تضم كل الأحزاب السياسية، عُهد إليها الإشراف على تنظيم جميع الاستحقاقات الانتخابية، ثم توج جو الهدوء السياسي والتنافس الإيجابي ببادرة سابقة في البلاد، وهي تقديم مبلغ مليار أوقية للأحزاب السياسية لمساعدتها في الحملات الانتخابية، وقد أعرب كل السياسيين عن تثمينهم وإشادتهم وتقديرهم لهذه الاستراتيجية التي انتهجها فخامته وعمق دلالتها في التأكيد على قوة إرادته في تحقيق النهوض بجميع القطاعات وتكريس الجو المناسب لذلك.

للفقير نصيب من ثروات بلاده

لأن فخامة الرئيس يهتم بما ينفع الناس ويمكث في الأرض ولا تهمه البهرجة الدعائية الفارغة، كما هو شأن بعض من سبقوه، فقد أولى فخامته عناية خاصة للمجال الاجتماعي، بل جعله أولى أولوياته، وقد تجسد ذلك في تأسيس الوكالة الوطنية لمكافحة الإقصاء والتهميش "تآزر" وأوكل إليها مهمة الرفع من المستوى الاقتصادي لفئات كثيرة ظلت لعقود طويلة تعاني التهميش والإقصاء، فتم توزيع المواد الغذائية على عدد غير يسير من المنحدرين من هذه الفئة، وتم التكفل بمئات الآلاف منهم صحياً، كما تم تشييد عددٍ من المدارس والمؤسسات التعليمية في مثلث الأمل، وإن أردنا حصر التدخلات الحكومية هناك فلن نستطيع لها عداً.

بقلم: التار ولد أحمده إعلامي وكاتب صحفي