من الطبيعي جدا أن نهتم جميعا بما يجري في بلدنا و محيطه، وأن نتطلع على تفاصيل الأحداث من حين لآخر وأن نساهم في ذلك الحدث أو تلك الأحداث..
دولياٌ، رفضنا كغيرنا من الأمم المتحررة ما يجري من تقتيل لأخوتنا في فلسطين، فشاركنا في مسيرات راجلة منددة ثم عاودنا لنرحب بما توصلت إليه لجنة العدل الدولية من مؤازرة لشعب فلسطين الشقيق، وليتوالي التطلع إلى تحقيق ما نبتغيه من مكاسب بما في ذلك ما نتقاسمه جميعا -هذه الأيام- بعد التأهل التاريخي لمنتخبنا و الذي نتطلع إلى أن يذهب بعيدا في البطولة الإفريقية؛ كل هذا من أجل أن يكون الانسان الموريتاني إنسانا طبيعيا يثمن و يرتاح إذا وجد إلى ذلك سبيلا و ينتقد و يتألم كذلك في حدود لائقة.
في سنوات خلت تشاورت القوة السياسية في البلد من أجل المشاركة في رسم خارطة طريق تؤسس إلى جو أكثر ديمقراطية و تمخضت عن ذلك قوانين و مراسيم من بينها تهدئة الجو و الحد من الإحتقان و تقوية الوحدة و اللحمة الاجتماعية.
لقد وقع شبه إجماع آنذاك على ضرورة تقوية الأحزاب السياسية كحاضنة لمشاريع اجتماعية و تحريم الترشحات المستقلة في الغرف البرلمانية و المجالس البلدية لأنه لوحظ أن الاستقلالية شجعت بعض السلوك الغير ديمقراطي كظاهرة "شراء الذمم" و المساعدة في تشرذم الساحة السياسية...
لكن للأسف لاحظنا استمرار تلك المسلكيات بتبني الاحزاب نفسها ترشيح بعض منتسبيها أو الوافدين إليها لاغراض انتخابية بحتة على الأصح، من أجل بقائها في الساحة حتى تنجو من الحل بقوة القانون عندما لم يتحصل الحزب على نسبة معينة!
فكلما ظهرت ظاهرة غير عادية و لها تداعيات خطيرة على المرتكزات الأساسية للدولة فمن واجبنا جميعا أن نتوقف أمامها بأسلوب أكثر مدنية حتى نظهر للعالم على حقيقتنا الأصلية من حملة إشعاع العلم و المعرفة و الثقافة المرتبطة بحضارتنا الضاربة في التاريخ.
و في هذا الإطار فإن أول ما يخطر على بالي هو البرلمان و ما تفرزه من حين إلى آخر من تدخلات علنية سواء كانت نقدية لأن اصحابها من المفترض أن يكونوا حملة رأي أو مدافعين عن قضية أو مؤيدين لها، ومن المفترض كذلك أن يكون اصحابها على وعي تام بما يريدونه مع احترام الذوق العام وبما يليق بوظيفتهم التي اختارها الشعب لهم ،أوكانت مؤيدة للنظام و لو كان التصويت الاجابي علي برنامج الحكومة أبلغ من التكرار...
ومن هنا لربما نكون على موعد من لقاء جديد بين الفرقاء السياسيين سواء من كتلة واحدة أو من كتل متفرقة علينا أن نراجع بعض أمورنا من أجل البلد أولاً و من أجل ممثلي هذه الفرق السياسية لأن النهضة تأتي دائما بعد الإنحطاط و نرجو أن يكون "عهد الإنحطاط" قد ولي و نتطلع إلى مستقبل أفضل لاسيما إذا كان رأس النظام علي درجة كبيرة من الرقي في بعد النظر و التعاطي الاخلاقي؛
إنما الأمم الأخلاق....
إدومُ عبدي الجيّد