الحديث عن الحملة الرئاسية ليس حديثا عن من سيكسبها ، لأن الحملة غاية في حد ذاتها لقياس وعي الشعب و تقدم الديمقراطية و نضج وسائل اللعبة ..
و هي أيضا فرصة لتنافس مشاريع الحكم و صناعة القيادات السياسية ..
و هي في بلدنا ملهاة وطنية و موسم سياحي يعيش الكثيرون على ريعه و يقفز الكثيرون على أعلى المناصب عن طريقها ..
و الحملة القادمة (رغم حسم نتائجها) ، ستكون مسرحا باهر الأضواء ، معقد الإقناع ، يحتاج فيها النظام إلى تبرير كل إخفاقاته ..
و تحتاج المعارضة ( أعني أحمد ولد داداه و محمد ولد مولود) ، إلى تبرير السكوت على إخفاقات المعارضة ، الناتج هو الآخر عن ما لحق بكل المنظومة الاجتماعية من تدمير غير مسبوق ، كان عزيز يحاول من خلاله العبور إلى مرافئ (فهم الآن حتما)، أنها لم تكن..!
و لا شك أن التبرير من أقبح المواقف في السياسة ، لكنه يَلزَم في حالات الإخفاق الكبرى حتى لو كانت لها أسبابها الوجيهة و الواضحة للجميع :
لقد قاد ولد الغزواني مرحلة معقدة بعد عشرية و نيف من الدمار الشامل ، سياسيا و أخلاقيا و اقتصاديا ، عبث فيها ولد عبد العزيز بكل شيء :
- تدمير الإدارة ،
- تمجيد و تحكم شخصه وحده في كل شيء بما ينسف أي مفهوم للدولة ،
- تدمير الاقتصاد بعشوائية تسيير عجزت العشوائية عن فهمها ،
- إنشاء طبقة مستهترة من الأثرياء لا علاقة لها بالمال و الأعمال ، ناقمة على الدولة و المجتمع ،
- إنشاء طبقة من الإداريين السامين (بسمو وظائفهم لا بسموهم) ، لا يتقنون غير الوشاية و النصب و تمجيد شخصه .
كان التعامل مع هكذا وضع يحتاج اتخاذ موقف من اثنين :
١ - موقف ثوري يُرضي الناس و يُدمر ما تبقى من الدولة ؛ يتلخص في نسف كل ما خلفه عزيز و معاقبة كل معاونيه و كشف حقيقة الموت السريري للدولة .
٢ - موقف مُتعقِّل يخاف انهيار الدولة و يتمسك بكل أسباب البقاء على حساب سمعة شخص الرئيس غزواني.
لم يكن الخيار الأخير مقنعا لدى الكثيرين و لا قابلا للتسويق سياسيا لدى النخب .
كان ما اعتبره الكثيرون خطأ ولد الغزواني المُبرِّر لخياره (الثاني) ، منسجما تماما مع رؤيته ."؛ فلأنه كان يملك من المعلومات ما لا نملكه ، كان يفهم أن الكشف عن حقيقة ما تركه عزيز من دمار ، كان كافيا لانهيار الدولة . و استبدال من كانوا يخدمون مشروعه التدميري بنخبة مغمورة ، سيفتح بابا للفوضى لا تستطيع أي جهة سده.
و إنصافا للمعارضة (أعني المعارضة الوطنية الأصيلة و المسؤولة ، آنفة الذكر)، كان التعاطي مع النظام في تلك الفترة بأي تنازلات موقفا وطنيا بالغ الامتنان من أي مسكون بالهم الوطني . و كان من الطبيعي أن يكون له منتقدوه من أصحاب الانتهازية السياسية ، الباحثين عن احتلال واجهة المعارضة بأي ثمن حتى لو كان ضياع الوطن كله.
و من الرائع أن نعطي للتبرير وقته و للتجاوز وقته لكنه من غير المقبول على الإطلاق أن نعطي كل الوقت للتبرير و التجاوزات .
على ولد الغزواني اليوم ، أن يُطلق حملة مأموريته الثانية بحزمة من القرارات الثورية النافذة و الصادقة ، تُعبِّر بوضوح عن توجه إصلاحي شامل ، أصبحت كل وسائله متاحة و كل ضروراته ملحة..
و على المعارضة الوطنية أن تتحول إلى قوة ضغط آسرة القبضة ، على النظام بما يجعل دورها اليوم أهم من المعارضة و من النظام..
كل المؤشرات ، لمن يفهم اليوم في الحسابات السياسية و الميكانيسمات الاجتماعية و الممكن و المتاح في الواقع ، تؤكد أن ولد الغزواني سيفوز في الانتخابات القادمة بكل الوسائل و بكل أريحية،
لكن كل المؤشرات ، تؤكد أكثر - لمن يقرأ اهتزازات الساحة و البراكين النشطة في البلد - أن فترة ما بعد الانتخابات ستكون موعد قذف حمم هذه البراكين الغائرة. و بناء جدار الأمان يبدأ من الآن . و أسوأ جدار أمان ما تترك مهمته للزمن .
إن المخاطر المهددة للبلد اليوم، بسيطة جدا إذا عولجت لكنها كارثية إذا قوبلت كالعادة بما عرف عنا من إهمال و استهتار .
و الخيارات أمامنا وليدة هذا الواقع المزري ، ليس فيها ما يرضينا لكن لا بد لنا أن نختار من بينها ، فلا تحاسبوا الناس على إكراهات الخيارات الصعبة .
✅ سأكون مع غزواني ، لأن بيان المعارضة المُزوَّرة (سافر الغباء) ، كشَف كل ملامح الأجندة الشيطانية المتربصة بالبلد ، المنتحلة لصفة المعارضة ، المشوِّهة لسمعة الوطن ..
✅ نعم ، أنا اليوم مدافع و مساند لولد الغزواني حتى تخرج البلاد من هذه الانتخابات التي أعتبر أخطر ما فيها ، عدم رؤية الناس لما تحمل في كواليسها من مخاطر، لو كنا نراها جميعا و نعرف من يحركها و ما يراد منها، لكان أمرها أهون .
*لكنني* لن أكون مع غزواني لأقول له إن إنجازاته تطال عنان السماء و إنما لأقول له إنني أتفهم عبوره الآمن لكل مخلفات عشرية الشؤم من إكراهات . و عليه الآن أن يَعبُرَ بأمان كل ما ينتظره من تحديات المأمورية الثانية ..
✅ مؤيد لغزواني لأفهمه أنه الآن *حل من لا حل له* و أننا نريده أن يكون حل من يمتلك كل الحلول ..
✅ مؤيد لغزواني لأن لا بد لموريتانيا من إصلاحات واسعة في العمق و لا يمكن المساهمة فيها الآن من خارج النظام ..
✅ مؤيد لغزواني ، لأن من يستمع إلينا و لا يجيب يظل أفضل ممن لا يستمع إلينا ..
✅ مؤيد لغزواني ، لأنه يتكلم عن القيم و الأخلاق و جل منافسيه لم يسمعوا عنها قط..
✅ مؤيد لغزواني ، لأن الانتخابات ليست ميدانا لممارسة السياسة بقدر ما تحمل من مخاطر الانزلاق إلى الهاوية .
✅ مؤيد لغزواني ، لأنني لن أغامر بمصير موريتانيا و بقاؤها في أدنى حد أهم عندي من إقلاعها في أي اتجاه مجهول ..
✅ مؤيد لغزواني ، لأن فهمي لفشل نظامه أهم عندي من نجاح من لا أفهم سر قوته..
✅ مؤيد لغزواني ، لأن عدم تأييدي لأي أحد طعن في ملة الانتماء و تأييدي لغيره (من بين هؤلاء) ، خروج منها ..