آسية بنت عبد الرحمن تكتب /؟ لماذا اخترتُ "جبهة المواطنة والعدالة"؟

خميس, 05/09/2024 - 14:38

لقد كنت منذ أن تشكلت ذاتي النضالية، و انخرطت في ميادين الفكر السياسي، أومن أن أي آيديولوجيا و أي فكر ليس من نتاج واقع اجتماعي و اقتصادي لبلد معين لا يمكن أن يدفع ذلك البلد إلى الأمام؛ فقد نستورد الأشياء المادية القابلة للاستهلاك، غير أن استيراد الأفكار التي تنتمي لغير طورنا الحضاري مهما كانت جاذبيتها لا يمكن أن تؤسّس لواقع؛ ذلك أن الأفكار التي لا تستخدم بشكل فعال تنتقم لنفسها، و قد كنت أميل إلى العمل النقابي المنظم كأساس لترسيخ ثقافة نضالية تقود إلى وعي و إدراك سياسي. و كنت أعزو كل تخلف ديمقراطي إلى غياب تلك الثقافة "النقابيّة".

إننا دولة حديثة لم يسمح لها عمرها الحدث و لا اقتصادها الضيق في تأسيس نقابات قوية تشكل نواة لحياة حزبية ترقى بواقع السياسية و تدفعه نحو الأمام، و قد قادنا افتقارنا "النقابي" إلى استيراد فكر سياسي متعدد المشارب و متباين الرؤى، مما أسس لصدام أيديولوجي مزمن في حياتنا السياسية؛ فظهرت ألوان سياسية متنافرة و رؤى فكرية متناحرة... فالإسلامي السياسي يخرج الإنسان من سعة الوطن إلى ضيق الجماعة، و الفكر العروبي يختزل الوطن في بعد واحد يحد من قوة التنوع، و الآيديولوجيا الماركسية تؤجج صراعا طبقيا يهدد اللحمة الوطنية...
و أمام هذا الواقع السياسي كنت أحلم دائما بحزب سياسي وطني جامع يمثل هويتنا الوطنية ببعدها العربي و الأفريقي، و يعمل من أجل دولة المواطنة و ترسيخ العدالة، و قد كان حزب جبهة المواطنة و العدالة "جمع" ترجمة لتلك الأماني و تجسيدا لها في مؤسسة حزبية وطنية خالصة من كل الشوائب.

إن ترسيخ المواطنة لا يمكن أن يتأتى إلا بتفعيل دور الدولة، وقد قطع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أشواطا كبيرة في تعزيز المواطنة عبر تأسيس المدرسة الجمهورية من جهة، و تفعيل الدور الاجتماعي للدولة من خلال تآزر، و صندوق التعاون الصحي من جهة أخرى.
كما شكل حيادُ الإدارة و استقلالية القضاء الدورَ البارز في تأصيل العدالة. و إننا في حزب "جبهة المواطنة و العدالة" نثمن تلك الإنجازات و ندعم الرئيس في مأمورية ثانية من أجل تحصين المنجز و إنجاز المأمول.

لقد اخترت الانخراط في عمل حزبي مؤسسي يساير الرئيس في خمسيته القادمة ناصحا أمينا و مرشدا معينا، بدل مبادرات تكتيكية تولد لتموت..حزب ينشر الوعي و ينشد الوحدة ، حزب ينصح بإخلاص ويقترح بصدق.

إن هذا الحزب و إن كان حديث النشأة إلا أنه يأوي إلى ركن شديد من النضال و العمل السياسي الذي يجعل منه الحزب الأكثر فعالية و حضورا، ذلك أنه يضم كوكبة من نخبة سياسيي البلد؛ عرفهم البرلمان مشرعين، وعرفتهم سوح المعارك السياسية مناضلين، وعرفهم الجهاز التنفيذي مسيرين. إنه حزب ينتمي إلى موريتانيا فكرا و نهجا و سلوكا، عُجن بخميرة صُنعت من مياه الأطلسي، و نخيل آدرار وتگانت، ومرتفعات أفلّه في لعصابه، و صخور تيرس، و سهول الضفة الخضراء ، و أودية الحوضين...
حزب يجمع كل موريتانيا بكل تنوعها، ولا فضل لأحد فيه على الآخر إلا بحب الوطن والإخلاص له.