توضيح للرأي العام

أحد, 05/26/2024 - 00:00

استيقظتُ صباح اليوم على وابل من الشتائم في تدوينة تقطر بالتعريض والتخوين والتحامل من طرف أحد رفاق الأمس الذي أراد التذكير بشكل تضخيمي للأحداث لما أسماها بـ"تجارب النضال والسجن والمضايقات"، وربما يتعتلق الأمر بمآرب شخصية قد تخدم البعض في دوائر اللجوء حتى وإن كانت هذه المآرب على حساب إحدى رفيقات ذلك الدرب النضالي المشهود من طرف الجميع.
لم يسؤني الأمر ولم يعكر من مزاجي رغم الكثير من الاتصالات التي عبرت لي عن تضامنها واستيائها من التدوينة المُجانبة للصواب لقناعتي الراسخة بأن الانخراط في الشأن العام يقتضي رحابة الصدر وتقبل جميع الآراء بما فيها أصوات المنصفين والمتحاملين و"المعارضين بالوكالة" و"المأجورين مقابل خدمات نضالية" يقبضون ثمنها بالدفع المسبق.!
أنا أتفهم الجميع لكنني أعرف الجميع، ويحضرني هنا قول المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
قد كان بودي من رفاق الأمس الذين أكن لهم الكثير من الاحترام والتقدير أن يدلو بشهاداتهم حول التجربة، لئلا يكون صمتهم توقيعا على التدوينة المسيئة.
ومهما يكن فبودي أن أنتهز الفرصة لأوضح بعض الأشياء التي من حق الأصدقاء ورفاق الأمس واليوم، ومن حق الرأي العام أن يطلع عليها،
أولا: أعتقد أن الأشخاص لهم كامل الحق في مواقفهم وقراراتهم ولا وصاية عليهم لا من قريب أو بعيد، ولا من رفيق أو صديق، وقد جسدت تلك القناعة في حياتي الشخصية برأس مرفوع ومواقف مشرفة في مضمار المجتمع الذكوري على رأي الأخت العزيزة Sofia Ntehah ، وأتحمل كامل المسؤولية في ما يترتب على خياراتي السياسية، ولا يمكن لكائن من كان أن يتدخل في مواقفي الشخصية.
ثانيا: نحن مطالبون جميعا بالرفع من مستوى وعينا السياسي، ونحتاج لإدراك ماهية السياسة باعتبارها "فن الممكن" وذلك يوجب علينا التمييز بين المبادئ العامة والمواقف المتغيرة.
وهذه المواقف مهما كانت مواقعها على الخارطة السياسية هي مجرد تكتيك مؤقت ومتغير حسب القناعات والتحليلات والاجتهادات السياسية الجامعة بين المرونة والثبات وبين التصعيد والمناورة، وفق محددات أساسية ورئيسية، محورها ومحركها المصلحة العليا للوطن.
ثالثا: لعل رفاقي المنصفين يعلمون جيداً أنني لوكنت ممن يتاجرون بالمواقف لما جمعت المكتب التنفيذي لحراك محال تغيير الدستورفي 28 من شهر فبراير 2021 من أجل تسليم رئاسته لمكتب تنفيذي منتخب.
بربكم ألم يكن بإمكاني حينها أن أقبض الثمن باسمكم جميعا، لماذا لم أفاوض النظام حينها لأدعمه أيام كنتُ رئيسة لأحد أبرز الحراكات المطلبية في البلاد..لقد فعلها كثيرون من قبلي وهم اليوم في أرقى المناصب، لقناعتهم بأن النظام لا يمنح الإعتبار لمن يدعمه بشكل اختياري.
وما أؤكده هنا للغاضبين والمنصفين أنني لم أساوم، ولم أقبض ثمناً لأي موقف، رغم إيماني بأن خدمة الوطن من مواقع أخرى لا تعني بالضرورة النفاق، وأن الرغبة في الإصلاح من الداخل وجهة نظر تعضدها الكثير من المبررات الواقعية والسياسية.
لكن الأهم والأكثر إلحاحا هو أن نكون صادقين في كل المواقف، ونتحلى بالنزاهة في شتى المواقع، سواء كنا معارضين أو موالين.
رابعاً: أنا يا سيداتي وسادتي لا أدرك مالمنكر الذي وقعت فيهُ لكي أستيقظ على هذا الكم الهائل من الشتائم، أنا حرة في كل قرار وفي كل موقف وفي كل اختيار، والقرار السياسي الوحيد الذي اتخذته بعد مغادرتي للحراك هو الإنضمام لمشروع سياسي وطني أرى فيه لحد الآن تجسيدا لقناعاتي وتجديداً للعمل السياسي، الجامع لكل الأطياف السياسية والمتجاوز للخطابات العرقية والجهوية والشرائحية، والداعي لانصهار الجميع في بوتقة واحدة أساسها المواطنة والعدالة.
هذا المشروع المتمثل في حزب جبهة المواطنة والعدالة "جمع" قد اتخذ قراراً سياسيا بدعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وهذا الموقف الحزبي لن أبخل بأي جهد في تنفيذه والإنسجام معه وتطبيقه وتجسيده بشكل حرفي، وسأعمل عليه بنفس الحماس والديناميكية أيام كنتُ في طليعة المعارضين للنظام، سواء تفهم الأصدقاء والرفاق موقفي أو اعتبروهُ خيانة ورجزاً من عمل الشيطان.

الناشطة السياسية/ فاطمة محمد ناجم