(بين يدي التنصيب)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سيدي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ لقد انتخبناكم لما لاحظنا من إرادة الاصلاح لديكم، وليقين قد تحصل لدينا على ذلك أو كاد لولا الأدوات التي استعنتم بها في المأمورية السابقة، واليوم وقد مُكـِّنتُم ثانية؛ لا يكرر التجربة الفاشلة مرتين غير الحمقاء.
تعهدتم وللعهد عندكم معناه بأنه لن يكون بينكم في هذه المأمورية من يمد يده للمال العمومي، وهذه من أساسيات الاصلاح ودعائمه التي يقوم عليها، مع التمكين لذوي الخبرة ثم المحاسبة بعد ذلك، وقد خاطبكم ربنا جل جلاله بخطابه لرسولنا صلى الله عليه وسلم، إذ ليس مما يخصه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، في نفسه -خالصة لك- فيكون بذلك لكم، وقد جاءه الخطاب بالحكم بين الناس بالحق، وهو خطاب لكل حاكم فقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) أي: "ولا تكن لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله خصيما" تخاصم عنه، وتدفع عنه في وجه من طالبه بحقه، الذي خانه فيه. والأولى لكم ترك الخصومات في التسيير للجهات المختصة، وتوجهوها إلى أن تحكم فيه بالحق بين الادعاء العام تبعا لقرارات المفتشين وبين غريم هذا الشعب المنكوب قبل ولايتكم التي نرجو أن تكون بداية الفرج وتحقيق النماء والعدل والوفاء.
سيدي الرئيس قد جاءكم الخطاب مرة أخرى، بخصوص الأجهزة التى يجب أن ستعينوا بها على الأمانة التي جعلها الله في يديكم، وما أدراكم ما الأمانة، ثم بمن يجب أن تكلفوهم ببعضها، وتعلمون -يقينا- أن تكليفكم لأي شخص بتسيير هو جزء من ذات الأمانة التي استأمنكم الله واستأمنكم شعبكم عليها، فقد ورد في كلام ربنا جل جلاله على لسان ابنة نبي الله شعيب، وهي تخاطبه قائلة: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) وتعني بقولها: استأجره ليرعى عليك ماشيتك كما قال المفسرون.( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ) تقول: إن خير من تستأجره للرعي القويّ على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمين الذي لا تخاف خيانته، فيما تستأمنه عليه.
سيدي الرئيس: هذه الأوصاف تختلف وأوصاف الذين قد جربوا من قبل بشهادة المراقبين، فلم يكن تسييرهم بتسيير القوي في الحق، ولا الأمين في تأدية أمانته، ولا في ايصال الحقوق لمستحقيها، وأربأ بقائد مثلكم؛ يؤمل فيه الجميع تسييرا مغايرا لمن سبقه، أن يكرر نفس التجربة مرتين، وقد جربتموهم في الأولى؛ وسيكون الغُنْمُ لهم، والغُرْمُ عليكم -لا قدر الله- إن تكرر ذلك.
سيدي الرئيس: ليس من عادتي خطاب أولياء الأمور، لأنني أدرك أن ذلك يجب في حق أهل العلم قبلي، ولكن إذا تقاعس صاحب الحق تفريطا فلمن يؤول إليه المطالبة به بعده، كما أن فروض الكفاية قد تتعين، وبعد تقاعس من يجب عليهم ذلك يكون علينا معشر العوام القيام به (بحسب المستطاع) وقد كتبت لكم -قبل هذا- بعنوان: (فرقد الإصلاح)
من باب؛ النصح لله... إلخ