ليت معالي الوزير يعني ما قاله بالضبط* !! / سيدي علي بلعمش

جمعة, 09/06/2024 - 15:24

خطاب الوزير الأول أمام البرلمان ، كان حدثا بحجم التوقعات و الآمال :
بحجم التوقعات ، لأن البلد كان يتجه إلى هاوية بلا قاع ، إذا لم تتخذ مثل هذه التدابير في أسرع وقت …
و بحجم الآمال ، لأن شعبنا صبر بما فيه الكفاية و عانى بما فيه الكفاية و انتظر بما فيه الكفاية …

بقي الآن ، و هذا أهم من كل ما جاء من وعود في خطاب الوزير الأول ، أن نتأكد من جدية هذا البرنامج و من قدرة آليات فرضه على أداء مهامها . و هو أمر يحق لنا أن نخافه لتدني الكفاءات الإدارية و إصرار أكثر العاملين في هذه الإدارة الموبوءة ، على التمسك بما دأبوا عليه من ممارسات تجاوزت كل الحدود في الشذوذ و التمادي في احتقار و استباحة هذا الشعب ..

و
لأن هذا هو دورنا ، على كل من يقع اليوم في مرمى نيراننا ، بسبب ممارساته ، أن يفهم أن عقليته و أطماعه هي مشكلته ..

لأن هذا هو واجبنا ، على من يدافعون عن هذا أو ذاك لأسبابهم المعروفة ، أن يفهموا أنهم يمثلون حجر الزاوية في هذه المعركة التي تجعل محاربة العقليات أولوية أولوياتها ..

لأن هذا من كامل حقنا ، على الوزير الأول أن يفهم أننا سنحمله كامل مسؤولية عدم معاقبة أي مسؤول يتم رصد تجاوزاته من أي طرف رسمي أو غير رسمي ..
يجب فتح تحقيق فورا في أي اتهامات لأي مسؤول مهما كانت مكانته ، من أي طرف صحفيا كان أو مواطنا عاديا أو منظمة و لا ينتهي التحقيق إلا بمعاقبة المسؤول أو المتجني عليه : لا يمكن إنهاء هذه الفوضى إلا بمثل هذه الإجراءات .
أي مسؤول يتهمه أي مواطن اليوم بأي تقصير أو أي تجاوز و لا تتخذ الإدارة كل الإجراءات لتبرئته أو تأديبه ، سنعتبرها تغطية عليه من الوزير الأول و الجهات المختصة ..

يجب منع كل ممارسات التزلف بمواد قانونية واضحة ؛ في ديباجة دقيقة تشخص الحالة و الغرض و وضع قاموس رسمي لعبارات النفاق و التملق و أخرى لعبارات القدح و الذم ، حتى يتم ضبط الحالتين ..

يجب منع الزيارات الكرنفالية لرئيس الجمهورية و معاقبة أي مسؤول يشارك فيها أو يحضرها من دون إذن من جهة الوصاية و لأسباب مبررة عمليا ..

يجب محاربة هذه المركزية البغيضة التي يفرضها المسؤولون للتحكم في كل شيء ، ملغين أدوار و صلاحيات كل العاملين في قطاعاتهم من مدراء و رؤساء مصالح و رؤساء أقسام و خلق دائرة مغلقة للرشوة و النفوذ ، على خريطة مخطط هم وحدهم من يحددون من يستفيد فيه ..

على الإدارة أن تضع على مكتب كل موظف مسطرة تحدد صلاحياته و تفهمه أن القانون هو من يحدد هذه الصلاحيات لا المسؤول الأكبر منه و أن تفهمه أن أوامر مديره ليست ملزمة له إلا في ما يسمح به و يحدده القانون ..

على جميع نخب المجتمع أن تساهم بشراسة و جدية ، في نبذ العقليات الفاسدة و أن تبدأ بنفسها في ما يصدر عنها من أخطاء فادحة ..

هذه معركة بقائنا المقدسة و هذه فرصة فرضها بعدما أصبح دينا على السلطات الالتزام بكل ما جاء في هذا الخطاب الذي تعترف فيه ضمنيا بكل ما نصرخ به منذ عقود من الزمن ..

سيكون علينا أن نتجاوز كل آلام الماضي و أسبابها ، إذا أثبتت السلطات أنها جادة في تنفيذ هذه التعهدات ، لنثبت بدورنا أننا لم نكن يوما ضد أي أحد و إنما ضد ممارسات من استنزفوا خيرات هذا البلد و أذلوا أهله ..

سنعتبرها توبة مقبولة بقدر جدية القائمين على الشأن العام في تنفيذ هذا البرنامج الطموح الذي سيضمن لنا تدمير أصحابه إذا حاولوا أن يجعلوه جعجعة بلا طحين في سياسة دعاية سخيفة ، نعرف جيدا كيف نواجهها بما يحول أصحابها إلى براقش زمنهم ..

و تبقى أسئلتنا العالقة منذ الأزل تبحث عن أجوبة و لو بأقل قدر من منطق :
ـ ما هو دور المجلس الاجتماعي ؟
ـ ما هو دور 46 سفارة و قنصلية ، بعد إلغاء منح الطلاب التي كانت مهمتهم الوحيدة هي التحايل عليها ؟
ـ ما هي أهمية الجهات و البلديات معًا ، غير إرباك الواقع بتداخل الصلاحيات ؟
ـ ما هي أهمية هذا العدد المضحك المبكي من المستشارين و المكلفين بمهام ؟
ـ أليست تجارة المواد المزورة و المغشوشة و منتهية الصلاحية أهم و أقدم من محاربة ارتفاع الأسعار ؟

ـ لماذا تكلم معالي الوزير الأول بكل هذا الإسهاب عن الأخطاء في كل المجالات و لم يتكلم و لو بقدر ، عن العقوبات الرادعة ؟

و في الأخير ،
هل تدرك السلطات اليوم حجم مخاطر تبييض الأموال في البلد و ما سيترتب عليه حتما داخليا و خارجيا في المستقبل القريب ؟