كُلفتُ من طرف فخامة رئيس الجمهورية بقيادة القطاع الوزاري ذى "المكونات السبع":الثقافة و الإعلام و الفنون و الشباب و الرياضة و العلاقات مع البرلمان و النطق الرسميِّ باسم الحكومة فَوَاتِحَ شهر يونيو 20.21 و رغم تعدد مكونات القطاع و الجهد المبذول لتجويد الخدمة العمومية بكل مكونة على حدة و النتائج المتحصل عليها بكل مكونة مقاسة بمؤشرات تحسن محسوسة مقارنة مع الحالة المرجعية يوم التكليف بالقطاع فإنيَّ أحسبُ أن محطة تنظيم مهرجان "مدائن التراث" :نسخة وادان -دجمبر 20.21, مثلتْ إحدى أهم محطات الإنجاز خلال الأشهر العشرة المعدودات التى أمضيتها على رأس القطاع…
فبتوجيه من السلطات العليا اتخذتُ كل الإجراءات من أجل استحداث مهرجان "مدائن التراث" بالتأسيس على إيجابيات و مكاسب ما كان يعرف "بمهرجان المدن القديمة" و هي موجودة مع تصحيح و سد كل الاختلالات التى رافقت مهرجان المدن القديمة و ما هيَّ بقليلة.
فبعد أن كان "سَلَفُ مدائن التراث" شبه منحصر على سهرات ليلية فنية و أدبية "قد تخرجُ بعض فقرات إنعاشها عن رَوِيِّ التراث"!!!؛ و ما إن تنقضى أيام و ليالي المهرجان و ينقشع غبار الصخب حتى تكتشف الساكنة أنها رضيت من غنيمة المهرجان "بخفَّيْ حُنين" فلا تتذكر إلاأياما صعابا قد يصل الوافدون خلالها إلى المدينة مقر نسخة المهرجان ضعْفَيْ عدد السكان بما يشكل ذلك من أعباء وفادة و ضيافة بينما تظل المرافق الخدمية العمومية المهرجان تِلوَ المهرجان على حالها و السكان فى هجرة مستمرة إلى عواصم الولايات الأخرى لا يتذكرون المدن الأثرية إلا كل أربعة أعوام حين تحل أو "تحتل" نسخة مهرجان المدن القديمة مدينتهم!!.
و تصحيحا للخلل المنوه عنه بالفقرة أعلاه تم استحداث مكونة تنموية بمدائن التراث أتذكر أنها نَافتْ على ثلاثة مليارات أوقية قديمة رُصدت 100% و خصصت (و لا أدرى هل تم التنفيذ كليا أو جزئيا للمحفظة التنموية ) لحفر العديد من الآبار على طول وادى النخيل و تسييجه و تأهيل واحة جديدة الأسبقية فى ملكيتها "للذين كانوا أقل حظا فى الملكية العقارية"(و هي سابقة حميدة محمودة) بالإضافة إلى تشييد مدارس و فضاء شبابي بنجيلة و توسيع شبكتَيْ المياه و الكهرباء ليصل مستوى التغطية بالماء الشروب و الكهرباء 100%،…و تدشين مستشفى ممول من طرف "خيرية أبنو عطاء الله" يزاول العمل به أطباء موريتانيون و أجانب …
و أتذكر أنه بعد اختتام "النسخة الأولى من مدائن التراث"بوادان كنت أتداول الحدث مع عمدة المدينة وقتئذ محمد محمود ولد امَّيَّ و العديد من الفاعلين السياسيين و أبناء وادان (لن أذكر أسماءهم مخافة أن أنسى ذكر أحدهم) فخلصنا إلى أن المحفظة-المكونة التنموية المرصودة فعلا (عدا و نقدا) "إن نُفذت على الوجه الأكمل" ستضع وادان فى مَصاف عواصم المقاطعات الأكثر حيازة للمرافق العمومية الخدمية و لن يُنغص المشهد التنموي بوادان بعد تنفيذ المكونة التنموية إلا إنجاز طريق معبَّد يصل وادان بأطار و هو مشروع قيد الدراسة ساعتئذ لدى الوزارة المكلفة بالشؤون الاقتساد و جذب الاستثمارات و التمويلات الأجنبية.
و حرصت و زملائي على ترفيع المكونتين العلمية و الفنية فوجهت الدعوة إلى كبار المشهد العلمي بالبلد و تميزت ضَحَوَاتُ أيام المهرجان بمحاضرات و مناظرات علمية عالية المستوى خصصت أساسا لا حصرا لتاريخ وادان و علمائها و أعلامها و علاقاتها بمراكز الإشعاع العلمي بالعالم العربي و الإفريقي و بالجوار الأوروبي،….
كما تميزت نسخة مدائن التراث بمشاركة ما زاد على 100 فنان موريتاني من مختلف الأجيال و الأعراق و المناطق و "المدارس-الأسر الفنية" كان "الخط التحريري" للمكونة الفنية هو "التراث إظهاره و تثمينه" و كم كنت سعيدا حين سمعت فى ملإ إحدى أماسى المهرجان من مثقفين و فنانين من منطقة الضفة بأعراقهم الثلاثة "البولار-السوننكى-الولوف" غبطتهم و ثناءهم على مستوى الحضور و المشاركة فى فعاليات "مدائن التراث" و هو أمر لم يكونوا عنه راضين من قبلُ ؛ آيةُ ذلك ما صدع به السياسي العتيد Laadji Traore (لادجى تراورى) فى إحدى السهرات الفنية و الأدبية مهنئا الوزير و زملاءه على حسن إشراك كافة الطيف الثقافي الوطني بمدائن التراث و إظهار موريتانيا الثرية بتنوعها الثقافي.
و من جديدِ مهرجان نسخة وادان من مدائن التراث استحداث "مكونة دبلوماسية" بالتنسيق مع وزارة الخارجية مكنت من حشد أكبر عدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية بالبلد تمت استضافتهم بمخيم ذى طابع بدوي -تُراثي و تم تنظيم"غداء-ندوة" تحت عنوان "الإسلام و الآخر" ترأس فعالياتها وزير الشؤون الخارجية و قدم المحاضرة باللغتين العربية و الفرنسية رئيس اتحاد الأدباء الموريتانيين الخليل النحوي فخطف الآذان و الأبصار بعمق الأفكار و جمال اللغة و حسَن الأخلاق…
و مما حرصت عليه أنا و زملائي بالقطاع إشراكُ كافة أهل الطول فى المجال الثقافي و الفني فى تأطير المهرجان و تنظيمه و ترفيع مستوى و كان لعبد الرحمن سيساكُو دور بارز من خلال إنتاج و عرض "الفيلم الخرائطي(video mapping) على أطلال المدينة القديمة فنال العرض فائق الإعجاب من الحاضرين..
بعد نسخة وادان تم تنظيم نسختين من "مدائن التراث " أكثر تميزا بتيشيتْ و ولاته من الأكيد أنهما تداركتا نواقص و اختلالات نسخة وادان 2021 و أضافتا جديدا يذكر فيشكر و يُؤثر….
و معرفتي بمعالى الوزير المكلف بالثقافة حاليا الدكتور الحسين ولد مدو المجمع وطنيا على كفاءته و الذى يصدق فيه التشبيهُ بما رُويَّ عن الحسن ولد زين حين تفرس النبوغ لدى العلامة يحظيه ولد عبد الودود وهو صبي يدرس عليه فقال لنسوة اعتدن أن يسألن عن ابنائهن " لخْذَيرَه جَاهَ مولَاهْ" فى إشارة إلى طرة الحسن ولد زين و إلى قدرات "الفهم الثاقب" و الحفظ العتيد التى يتملكها يحظيه ولد عبد الودود فقطاع الثقافة فى فترة ولاية الحسين ولد مدو " جاهْ مولاهْ" ،
و معرفتي كذلك بزملاء الوزير و صحبه بالقطاع أُولى التجربة المؤكدة تطمئنان على أن النسخة المرتقبة من "مدائن التراث 2024" ستكون الأكثر تميزا بكل المعايير و المقاسات…ذلكم أملي و دعائي و فراستي و ما ذلك على الله بعزيز .