انطلاقا من مسلمة أن كل من تكلم العربية وخدمها فهو "عربي" على غرار سبويه و البخاري وأبو حنيفة ...
فنحن شعب سكن هذا الربع من أرض الله الواسعة تكلمنا هذه اللغة فأتقناها وأدًينا واجبنا الديني والفقهي بتبيين الأحكام الشرعية و ضبطها و كتابتها و حفظها.
ولاشك أن ثمة بقايا من الثقافة الأصلية لسكان هذا المنكب قبل نشر الإسلام كما هو حال كل الحضارات ورغم ذلك وحدًنا الدين و اللغة و أصبح عندنا تسمية تخصنا قديما و حديثا و لغة واحدة نتكلمها و نكتبها جميعا ..
جرى علينا ما جرى على امثالنا من استعمار فقاومناه بدون تميّز لمن قرر ذلك و ساهمت بعض الفتاوى على أساس الدين في تلك المقاومة كما ساهمت طرق أخرى عكس ذلك و كل ذلك طبيعي لأنه يرجع إلى فقه المرحلة....
ما يهمنا و نحن نشاهد ما يجري في العالم من ظلم و حروب و بث للتفرقة بتأجيج الكراهية بين الشعب الواحد بهدف تحقيق أجندة خاصة لدى البعض، هو وحدتنا و المحافظة علي لحمتتا الاجتماعية و علينا تقدير ذلك حق تقديره ووعيه و الوقوف عند مكتسباتنا الدينية و الأخلاقية الرامية الي إشاعة القيم الحميدة من تكافل و تماسك و وحدة بين افراد مجتمعنا
إن كل من لديه أطماع في إضعاف مجتمعنا ويلجأ إلى الخوض في التاريخ من أجل إذكاء النعارات والتشكيك في الهوية و الرواسب الاجتماعية السلبية و التراتبية العقيمة يجب علينا جميعا نبذه و التخلص منه عن طريق برامج حكومية موجهة تساهم فيها نخبة النخبة من مثقفين و قادة الرأي حتى تعم العدالة و المساواة بين أفراد المجتمع.
وفي ما يخص الذاكرة الجمعية لمجتمعنا فستبقى فيها بعض الأمور لمن أراد أن يستأنس بها من باب علم الشئ أفضل من جهله مثل تاريخ المجتمعات دون إسقاطها على حاضرنا المعاش لا سيما السلبي منها كالتراتبية و الحروب البينية و ما شاكل ذلك
و بما أنني وعند كتابة هذه الدردشة كنت أستمع إلى قصة رجوع الشيخ سيديا بعد رحلته الطويلة التي قادته إلى أزواد عندما قرر شيخه الشيخ سيد المختار الكنتي أن "يصدره" وخرج معه لتشييعه كما يُفعل مع كل من له مكانة خاصة فأراه شيخا يتوضؤ لصلاة العصر وقال له: هل ترى ذاك الرجل.. أذهب إليه ليريك أهلك و كان ذلك الشيخ هو عبد الرحمان ولد الحاج عند "أجوج" شمال مدينة لعيون و دفينه فيما بعد، فقام معه هذا الأخير مشيعا له كذاك و أراه خيام أهله في بوتلميت - رحلة من أزواد حتي بوتلميت بدون وسيلة نقل معروفة- صدق أو لا تصدق و لكن الله على كل شيئ قدير
ومن ما استوقفني وأنا موجود قبل أيام في نفس المنطقة أعني منطقة "اجوج" وكنت تعودت على رؤية المكان(زيرة الشيخ سبديا كما يقولون محليا) التي وقف عليها حتي تجلت له رؤية بوتلميت من هناك، حسب الرواية الشفهية عند أهل هذه المنطقة يتناقلونها كابر عن كابر حيث أسست ووطدت العلاقات بين هذه المجتمعات الثلاثة بدون علاقة نسب و لا مساكنة و لا مجاورة بقدرما أنهم يتقاسمون لغة واحدة ودينا واحدا مما أورثهم كباقي المجتمعات الموجودة على هذه الأرض مميزات أخلاقية و روحية تعزز الوحدة و اللحمة الاجتماعية التي يطالب بها كل من له اهتمام بالشأن العام قديما أو حديثا
لا شك أن لدينا ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا فلنوظف علمنا و ثقافتنا في حماية مكتسباتنا و نعمل على مواكبة العصر من تقدم وتسامح وحب الخير للجميع
والله ولي التوفيق
إدومو عبدي اجيّد