متى يكون من حقنا أن نغضب ؟ / سيدي علي بلعمش

اثنين, 02/17/2025 - 18:57

الاعتراف بمغربية الصحراء إعلان حرب على البوليساريو . و حين يكون بضغط من الإمارات يكون إعلان حرب على الجزائر . و إعلان الحرب على الجزائر يعني تدخل الناتو بقيادة فرنسا !!
و تدخل الناتو يعني خروج موريتانيا من مسؤولية إدارة الصراع و تولي الناتو إدارة الحرب (بجنودنا طبعا) لحصار الجزائر بفاتورة إماراتية مغلظة ، مدفوعة مسبقا ..

و تماما كما فعلت في الصومال و اليمن و السودان و ليبيا و سوريا و غزة ، تواصل الإمارات أجندتها الشيطانية المعلنة (التمهيد لتفكيك أي بلد عربي أو مسلم و تمويل مشروع تدميره) !!؟

لا تقدم الإمارات لموريتانيا غير إغداق الهدايا على حكامها أو تشييد و إدارة وسائل التحكم و السيطرة (المطارات ، الموانئ ، القواعد العسكرية ، شبكات التجسس …)

و من الواضح اليوم ، أن الإمارات تتخبط (حتى الآن) ، في وحل فشل تعهداتها للناتو بتحويل موريتانيا إلى منطقة حصار على الجزائر و هو بكل تأكيد مشروع فاشل ، تكذب أي سلطة موريتانية تتعهد به لأي جهة في الكون أو أي جهة محلية أخرى تدعي القدرة على اتخاذ مثل أي هكذا قرار ..

الجزائر خط أحمر ..
الجزائر خط يحرسه غول أزرق ..
الجزائر ناقوس خطر تدقه عفاريت الجن ..
الجزائر خيمتنا الأخيرة ..
الجزائر عمقنا الاستراتيجي الأصدق و الأوحد ..

صحيح أن الدبلوماسية في البلدين (الحزائر و موريتانيا) ، ظلت دائما دون مستوى تطلعات الشعبين بكثير (حدَّ الفشل الذريع)، لكن اعتبار الجزائر عمقنا الاستراتيجي بكل أبعاد العبارة ، حتى المُهمَلة منها بسبب عوامل رداءة الزمن ، يظل أكبر من كل اعتبار .. أكبر من علاقاتنا مع أي جهة أخرى .. أكبر من مصلحتنا في أي شيء آخر !!

ظهور الطابور الخامس المغربي في بلدنا اليوم ، بلا أقنعة ، في ما يعتبرونه إعلان انتصار على الجزائر بتحول موريتانيا عن الحياد لصالح المغرب ، كان عملا غبيا سيكون له حتما ما بعده : لقد كشفت قاعة الندوة عن محتواها في حين غرة من الجميع ؛ فتغيبهم عن الندوة كان سيعتبر موقف تراجع و حضورها كان لا بد أن يكشف المستور عن حقيقة لم يعد للأمن الموريتاني عذر في تجاهلها و التعامل بحزم مع مخاطرها .!

كان المخجل حَدَّ العار ، هو تبجح النائب المغربي السابق (الشرقاوي الروداني) بمثل ما قدم في مداخلته من تفاهات ، يسميها أفكار ستراتيجية ، يعتبرها (بخفة المهرج المكلف بإلهاء الأطفال بين فصول المسرحية) ، دروسا للجمهور الموريتاني الغبي عن ما ينبغي أن تفعله موريتانيا و ما ينبغي أن تتجنبه !!

و مشكلة إخوتنا في المغرب أنهم لن يفهموا أبدًا أن الموريتانيين أدهى منهم و أذكى منهم و أكثر وعيا منهم بما يحدث في كواليس المطابخ السياسية العالمية ..

أمريكا و فرنسا و إسبانيا لم يحسموا مواقفهم من مغربية الصحراء كما يدعي الساذج الشرقاوي ، بل حسموا مواقفهم من حصار الجزائر و حين ينتهوا من الجزائر (لا قدر الله) ، سيكون المغرب هو الموالي على لائحة التدمير و بدعوى احتلاله للصحراء التي يضحكون عليه اليوم بمغربيتها المستحيلة في أجنداتهم السرية !!

ما ورد في مداخلة النائب المغربي (السابق) الشرقاوي الروداني ، الذي لا أفهم دواعي مشاركته بهذا المستوى بالغ الانحطاط، في ندوة فكرية ، تتطلب حدا أدنى من المعرفة و اللباقة و الموضوعية و التوازن و الالتزام بأخلاقيات التواصل مع الآخرين ، يعني بكل بساطة أنه كان على موريتانيا أن تكون حارسا لحدود المغرب و لمصالح المغرب و أن علينا ـ إذا كنا نريد أن نكون جديرين باحترام المغرب ـ أن نبتعد عن الإملاءات الجزائرية المسمومة !!

هذا المستوى من الاستخفاف بموريتانيا ، هو ما يجعلنا ملزمين بالرد على الإساءات المغربية المتكررة :
على ذباب المغرب أن يفهم أن علاقتنا مع الجزائر أكبر من طنينهم و أعرق من مغربيهم و أعمق من عدائهم ..

كل تعثرات علاقاتنا مع المغرب على امتداد أزمة الصحراء ، كانت بسبب فوبيا المغرب من الجزائر :
ـ كل قرار موريتاني لا يخدم المغرب هو إملاء من الجزائر !!
ـ كل موقف موريتاني لا يجعل المصلحة المغربية على رأس أولوياته ، هو إملاء من الجزائر !!
ـ كل عبارة موريتانية غير مفهومة ، هي مؤامرة جزائرية تحاك ضد المغرب في الظلام !!
ـ كل صورة لمسؤول موريتاني مع قيادي صحراوي أو جزائري ، هي إعلان إساءة إلى المغرب !!
ـ كل زيارة لمسؤول موريتاني للجزائر ، يجب أن تبرر للمغرب أو تكون مؤامرة ضده !!

كيف نتعامل مع هذا الاستخفاف المغربي !؟
كيف نتعامل مع هذا الغرور المغربي !؟
كان ينبغي أن تكون هذه هي عناوين الندوة الفكرية لمن يبحثون عن حلول جادة لبعض مشاكل المنطقة.

ليست لدينا أي أسباب لمعاداة الشعب المغربي . لكن ، إذا كان حسن علاقتنا به مشروط بعداء الجزائر فليتأكدوا أنهم هم من قرروا أن يخسروا علاقتنا بهم ..

و لأسباب يفهمها كل عاقل ، لا يمكن لإعلان الحرب على الجزائر بتفاهة و سفاهة و فجاءة مثل أسباب الشرقاوي ، أن يفضي إلى غير الحرب : فمنذ متى كانت الحزائر تتخبأ في جحر "الفقير الصابر" !؟

ليفهم ذباب المغرب أن الجيش الموريتاني لا يمكن أن يقبل بحرب مع الجزائر ؛ لا بسبب اختلاف القوة و لا حسابات الربح و الخسارة و إنما لأسباب أخلاقية و اجتماعية و تاريخية و ثقافية مُشبعة بأواصر القربى و الجيرة و الدم و الإعجاب و القرب عند الحاجة ، حتى لو كنا على خلاف معهم ، تماما مثل ما حصل بالضبط حين أصبحنا "دولة جارة" في مواجهة مع "دولة شقيقة" !!

على إخوتنا في المغرب و أقولها للمرة العاشرة من موقف الشفقة ، أن يفهموا أن موريتانيا لا تتلقى أي أوامر من الجزائر و لن تتلقاها من المغرب و أن لها قيادة و شعب و ضمير و دين و أخلاق و مسؤوليات تاريخية هي التي تحدد قراراتها ..

على الإخوة في المغرب أن يفهموا أنهم لن يستطيعوا مهما جندوا من وسائل ، أن يجعلوا موريتانيا في مواجهة من أي مستوى ، مع الجارة الشقيقة الجزائر العظيمة ..

و عليهم أيضا ـ و أعرف أنهم لن يصدقوا ـ أن يطمئنوا أن موريتانيا لن تتآمر ضدهم مع أي جهة و لا بأوامر من أي أخرى ؛ فلا تحملونا مسؤولية خوفكم المرضي من الجزاير و لا تبرروا جبنكم بالإساءة إلينا في أمور لا دخل لنا فيها . و إذا كنتم تعتبرون موريتانيا أقصر الجدران و أسهلها عبورا ، فأقيموا صدور مطيكم ، لكن تذكروا أن أمثال الشرقاوي يحتاجون أكثر من ألف عام ليأتوا بشطر بيت من لامية الشنفرة .