نعم ، نعم ، "أنقذوا بلدكم*" / سيدي علي بلعمش

جمعة, 03/28/2025 - 07:12

تَحكُّم العنصريين و سماسرة الأزمات في واجهة المشهد السياسي في بلدنا ، تجاوز كل الحدود و لا يمكن أن يظل في هذا التصاعد المستمر .

و تكريم السلطات لأصحابه بدل تأديبهم لا يمكن أن يستمر لأننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من لحظة الاصطدام .

# ترشح من لا يمكن أن يتولى تسيير بلدية ريفية ، لا بمستواه العلمي و لا بأخلاقه و لا بتحمله لأي مستوى من المسؤولية ، لرئاسة الجمهورية أمر لا يغتفر يا سلطات بلدنا ..

# *التغاضي* عن هذا المستوى من الانحطاط ، هو ما يجعل شابا متهورا بلا مستوى و لا خبرة و لا أخلاق ، لا يتحمل أي ذرة من مسؤولية ، يجلس أمام ثلاث برلمانيين أوروبيين ، يتفق العالم أجمع على أنهم و قبيلهم هم المسؤولون عن كل مآسي و آلام البشرية ، ليتهم ما يدعي أنه بلده ، بطوفان من الأكاذيب السخيفة ، معتقدا و حُقَّ له (قياسا على بيرام و تيام صامبا و صار إبراهيما) ، أنه سيصبح نجما سياسيا ، بعد مقابلة في بلجيكا و أخرى في السنيغال و ستراضيه السلطات الموريتانية بالوظائف السامية و الهدايا السرية و تشتري صمته بكل ما يريد !!

الحديث عن هذه الجماعة المُعلِنة لعدائها للوطن و احتقارها لأهله ، ليس حديثا سياسيا و لا وجهة نظر وطنية و لا حالة أخلاقية بأي معنى ؛ هؤلاء مكانهم السجن : تقدمهم الشرطة لأي قاض و يسألهم فقط ما هي الآبارتايد ؛ إذا كانوا لا يعرفون معناها يجردهم من كل مناصبهم و يمنع عليهم ممارسة أي نشاط فكري أو سياسي مع سنين من السجن . و إذا كانوا يعرفون معناها ، يثبتون للقاضي في أي وجه من أوجه الحياة تنطبق على ما يدعون في موريتانيا ، ليكون مصيرهم المؤبد مع الأعمال الشاقة ..

لا نطالب الرئيس غزواني بالتخلي عن نهج التسامح و التفاهم و التراحم ، لكن من كامل حقنا أن نطالبه بأن لا يُعَطِّلَ القانون في حق من يعملون ليل نهار على دق عطر منشم بين فئات شعب تعايش في تآخ و تلاحم منذ القدم ..

نحن أقل شعوب العالم قوميات ؛ نصف كل أبيض فينا أسود و نصف كل أسود أبيض ..

ـ تيام صامبا لا يمثل الفولان ، لا في موريتانيا و لا خارجها ..
ـ بيرام لا يمثل الحراطين و هو أكثر من يتمنى إبادتهم ليظل يعيش على مأساتهم ..
ـ صار إبراهيما لا يمثل غير الدياسبورا السنيغالية المتمرتنة ..

ثمة حقائق لا بد لهذه العصابة الجاهلة أن تفهمها و تدركها :

ـ أول مسؤولين عن العبودية هم من كانوا يبيعون أبناءهم و عبيدهم من الزنوج و بيرام نفسه مثال حي على صدق ما أقوله ، إذا لم يكن يعتقد أننا نجهل أسباب وجوده في موريتانيا !!

ـ موريتانيا اليوم متقدمة على كل دول العالم و دول الجوار على وجه الخصوص ، في مجال محاربة العبودية : جرمت العبودية و أنشأت لها محاكم و قوانين ؛ ألا تخجل يا خالي جالوا من جهلك و كذبك و سخافتك ، حين تدعي من داخل أحد أكبر معاقل العبودية في العالم ، ما تَسُوق من أباطيل في حق بلد أعطاك كل شيء و لم يطلب منك لا حتى أن تقول له شكرا !؟

لو كانت في موريتانيا ذرة من عبودية أو عنصرية ، لكنت أول من يعرف أنك لا يمكن أن تقول 1٪؜ مما قلت و أنت تحجز تذكرتك لدخولها بعد ساعات !!

أنتم تجهلون أن كل ما تقولونه هو الدليل القاطع على أن بلدنا هو الأرقى عالميا على مستوى الديمقراطية و حقوق الإنسان ، لكنه من حقنا أن نرفض أن تنقلوا عدوى نذالتكم و خيانتكم و سخافتكم إلى بقية شعبنا ..

لقد آلمني بحق ما جاء يوم أمس ، في مقال الأخ و الزميل العميد محمد محمود ولد بكار ، تحت عنوان "أنقذوا بلدكم" ، من دقة وصف لما تعيشه الساحة من فوضى عارمة بسبب تعامينا جميعا عن خلو الساحة من أصحاب الرأي و الوطنية و انتشار جراد السخافة و الارتزاق و اللا أخلاق إلى هذا الحد المخجل ..

و مع أننا نحمل النظام كل مآسي البلد ما ظهر منها و ما بطن ، إلا أن النخبة (و لدينا نخبة نوعية و كبيرة) ، لا يمكن أن تظل تلغي بالمسؤولية على النظام حتى في صميم دورها و مسؤولياتها : الوطن يحتاجكم اليوم ، لا حين تُحلُّ كل مشاكله .

يجب على نخبة هذا البلد أن لا تقبل احتلال واجهة الساحة السياسية و الثقافية و الفكرية من قبل هذه الغوغاء الأقرب إلى هوليغانص كرة القدم ..

و على من يكررون بجهل أن حكومة ولد داداه أتت بإدارة كاملة من السينغاليين لأن البلد كان خاليا ممن يستطيعون تسييره ، أن يفهموا أنهم يكررون بالضبط ما يقوله اليوم من يطالبون بترسيم اللغة الفرنسية : أي أن من لا يتكلمون غير العربية لا يصلحون لتسيير أي إدارة . و كان الفرنسيون يصفون فقهاء البلد رسميا بالأميين .
فلماذا يذهب اليوم بحر علم لا ساحل له مثل ولد الددو إلى حركة الإخوان (محلَّ ألف اتهام) !؟
الجواب هو أن هذا العالم النحرير لا يمكن أن يحصل اليوم على لقمة عيشه من كل معارفه !؟

علينا اليوم أن نراجع أنفسنا و أحكامنا و نحكِّم عقولنا في كل ما نقوله و نفعله : لقد أصبحنا نردد ما يريد أعداؤنا أن نقتنع به بالضبط : هل بيع طوابع بريدية أو تحرير إعلان ميلاد أو طباعة رسالة تحويل موظف كانت تتطلب دراسة معمقة في اللغة الفرنسية !؟

هل بلد أخرج 16 دولة إفريقية من الوثنية و شكل نواة رفض المستعمر في كل الغرب الإفريقي و هزم كل البعثات التنصيرية في المنطقة ، هو من كان يحتاج ثلة من أبناء الرماة السنغاليين لإدارة شؤون بلده على بساطتها ؟

في ماذا يختلف من يردد هذا الكلام ، مع أمثال صار إبراهيما ؟

# ما عرفته البشرية من بشاعات في الحرب العالمية الأولى و الثانية ، لم يسبق له مثيل . و تلك هي الفترة التي تسمى في بلدنا بـ"السيبة".
و تمتلئ أفواه مثقفينا اليوم حين يقول أحدهم "بلاد السيبة" كأنه اكتشاف النار الذي غير تاريخ البشرية و يجهلون أن أرحم مكان عاش فيه الإنسان في هذه الفترة ، هو كان موريتانيا و بسبب خصوصية أهلها و علمهم و أخلاقهم و موروثهم التاريخي الضارب في القدم ..

على مثقفينا أن يعيدوا قراءة التاريخ و ينتبهوا إلى ما وقعوا فيه من أخطاء آن لهم أن يصححوها ..

و على نخبتنا أن تفهم أن التسيس و العمل الحزبي ليس مكانها الأفضل ، لا في المولاة و لا في المعارضة : المثقف لا يتخندق و السياسة ليست عملا نبيلا .