
لا شك أن المملكة المغربية تعي جيدا استحالة نهوضها (رغم تكامل أسبابه) ، و هي على المسافة صفر من القارة الأوروبية "الجريحة" ، بما تحمل من بغض للعرب و خوف من الإسلام ، المسكونة بجنون العظمة ، المجبولة على الكذب و حب السيطرة ، المعتقدة اليوم أنها انتصرت على الله و أن عليها التخلص من بقية فلول المتشبثين بالدين و الأخلاق و كل ما يمت بصلة إلى الفطرة البشرية !؟
كيف توزع المملكة المغربية بيوت و أراضي المواطنين الزراعية على عصابات يهودية ، يشهد التاريخ على أنها كلما حصلت على شيء طالبت بغيره !؟
أما كفى استسلاما لأعداء الأمة و الدين و الإنسانية .. أما آن لنا أن نمتلك قراءة أعمق للتاريخ .. ألا يمكن لقادتنا العقلاء أن يجربوا مرةً حل مشاكلهم بإرضاء الشعوب المغاربية العظيمة التي يوحدها كل شيء و تفرقها الأنظمة !؟
و كما سقطت ليبيا بفتاوى مشايخ الإخوان و تحالف القوى الشيطانية "العربية" مع بلاك واتير و فرسان روما و بقية القوى الصليبية ، لا شك أن الجزائر أصبحت تدرك أن التخطيط للوقيعة بها بدأ منذ الغدر بالثور الأبيض و تدرك أكثر أن النيل منه كان بسبب أنه ظلَّ يعتقد أن الثورة أُنثى الثور : فمتى يُقوِّم و يصحح بقية قادتنا أخطاءهم القاتلة !؟
لا يخفى اليوم على أغبى الناس أن حملات الصهيوني جورج سورس التي جند لها أخطر الإعلاميين العرب المأجورين و كبريات مؤسسات الإعلام العالمية ، ضد الجزائر و تونس ، تؤكد قرب حصار البلدين و استهدافهما عسكريا و اقتصاديا ، إذا لم تُتخَذ إجراءات جماعية عاجلة على مستوى المغرب العربي المستهدف بكل دوله في أجندة منظمة ، لا يتجاهلها غير مستهتر عبيط !؟
و لأن الشعب التونسي شعب مسالم و متحضر ، يحظى بموقع جغرافي أفضل من الجميع ، كان لا بد أن تخلق له مشكلة خارجية ، يراها من لا يتابعون المخططات الغربية الشريرة ، مجرد غيمة ستنجلي بعد حين ، تتمثل في جحافل المهاجرين غير الشرعيين المُنفِّذة لمخطط صهيوني ممول بسخاء ، سيصبح مَحميا في مراحل قادمة بما يتجاوز أضعاف ما أُنفِقَ على أوكرانيا ، تماما مثل ما يحصل اليوم في المغرب و الجزائر و موريتانيان و ليبيا !؟
إن فضيحة المهرب الليبي العميل لدولة الإمارات ، المسؤول عن دخول جل المهاجرين الأفارقة إلى تونس بتمويل و تأطير أجهزة الاستخبارات الإماراتية ، عملٌ أعمق بكثير مما يتصوره الكثيرون : نحن الآن على عتبة منعرج تاريخي خطير ، لا نقرأ في عيون أنظمتنا القدرة على مواجهته و لا الاكتراث بحقيقته !؟
و يخطئ من يعتقد أن مخطط تسويد موريتانيا يقف عند أي حد أو ينفصل عن ابتلاع أي شبر من الأرض العربية .
و يخطئ أكثر من يعتبر موريتانيا خاصرة المغرب العربي الرخوة ، فما تتحمله موريتانيا منذ استقلت حتى اليوم ، من ضغوط خارجية و مؤامرات متقنة و محاولات خطيرة ، لا تستطيع أي دولة مغاربية أخرى مواجهته مدة أسبوع .
و ما عاشه الشعب الصحراوي من شقاء و تمزق أكثر من نصف قرن ، وَاهمٌ من يعتقد أنه يمكن أن ينتهي بالاستسلام لأي أمر واقع !؟
و قد ظل حياد موريتانيا في قضية الصحراء أملًا في التوصل إلى حل أوسع ، رسالةً مشحونة لم تجد من يفك شفرتها : كل دول المغرب العربي اليوم محتلة *بكل مقدمات التاريخ الواضحة* ، إذا لم تتوحد بأسرع وقت ، في خطة ستراتيجية محكمة ، تساير التحولات الكبرى التي يعيشها العالم اليوم تحت شعار "لا حياة و لا حقوق لغير الأقوياء" ..
و لنا إخوان في الدم و الدين و التاريخ و الجغرافيا ، يواجهون حربا عنصرية منذ عقود من الزمن ، سيظل عار نسيانهم يلاحقنا إذا لم نصحح مسار واقعنا المأزوم اتجاههم !!
لا يمكن لأهم دولتين في المغرب العربي ، أن تظل السبب الأوحد في تشرذم منطقة يجمعها العرق و الدين و الثقافة و اللغة و العادات و التاريخ و الجغرافيا و التكامل الاقتصادي و المصالح و أحلام شعبها بوحدة ستغير حتما مسار تاريخ البشرية و تحبط مخططات أعداء الإنسانية !؟
ألا يكفينا عارا أن يصبح اليوم الخوف وحده هو ما يجمعنا بسبب أخطائنا المؤسفة !؟
ألا يكفي عارا أن نساق جميعا كالقطعان إلى نهايتنا و نحن ندرك أن أخطاءنا المقدسة هي السبب !؟
كل الشعب المغاربي اليوم يتطلع إلى اتحاد بأي شكل ، ينهي محنته و يُعيد لُحمَته و ينزع فتيلَ كل لغم فتنة على أرضه ..
كل الشعب المغاربي اليوم يتجاوز حكامه في الوعي بضرورة تجاوز الأخطاء المقدسة و الاختيار بين الاتحاد و التلاشي الحتمي ..
كل الشعب المغاربي اليوم يتطلع إلى وحدة مصير ، يفهم أنه يملك كل أسبابها لو منَّ الله عليه بقادة يصنعون التاريخ و يفهمون أن الاعتراف بالأخطاء قوة و التضحيات الوطنية قوة و التنازلات الشجاعة قوة و تحكيم تعاليم ديننا الحنيف هو القوة التي تصنع كل قوة ..
كل الشعب المغاربي يُحمِّلُ اليوم قادته كامل أسباب ضعفه و فقره و تصادمه و تشاكسه و تناحره و تقاتله و تنافره :
فأي عار يا حكامنا ؟
أي عار يا جيوشنا ؟
أي عار يا نخبنا ؟
أي عار يا علماءنا ؟
عار على حكام المغرب العربي و هم ينظرون إلى تكالب القوى العظمى ضدهم و زرعها العداوات بينهم بالرهان على حماقاتهم و استصغار عقولهم و فهمهم السخيف للرجول من خلال التعصب لأخطائهم المقدسة !؟
و أي عار على حكام المغرب العربي بكل ثقافتهم و خبراتهم و اختلافهم عن بقية العرب في الفكر و الوعي و التحضر ، أن تتلاعب بهم دويلة ميكروسكوبية ، خرجت لتوها من تحت ركام البداوة ، ظلت الشركة الهندية (التابعة لبريطانيا) حتى وقت قريب ، هي من تعين حكامها و توجه مسارها ، لتصبح الدول العربية تتساقط الواحدة تلو الأخرى على يدها في أجندة شيطانية مكشوفة ، تستهدف كل العالم العربي و الإسلامي ، في مخطط صهيوني لا غبار عليه ، هي من دمرت اليمن و الصومال و ليبيا و سوريا و السودان و هي من تتحكم اليوم في اقتصاد مصر و تونس و المغرب و تحاول السيطرة على الاقتصاد الموريتاني و هي من ذهب بها الغرور إلى محاولة الوقيعة بالجزائر !!؟
فمتى يتجمد الماء خجلاً على أرضنا !؟