د.محمدعالي الهاشمي يكتب /؟الفساد أصبح قاعدة.

أربعاء, 04/09/2025 - 11:02

عندنا، الفساد ليس مجرد خلل في الإدارة أو تجاوز للقانون، بل هو منظومة كاملة، متغلغلة في مفاصل الدولة، تنخر السياسة، وتنهك الاقتصاد، وتشوّه المجتمع، وتغتال الثقافة.

كل الظواهر الخطيرة التي نعاني منها اليوم — من غليان الشارع، إلى تفشي الجريمة، إلى تصاعد خطاب الكراهية، إلى موجات الهجرة غير الشرعية — كلها تعود إلى سبب واحد: الفساد.

نفس الوجوه التي دمّرت الاقتصاد، أغلقت المؤسسات، أفَلست المشاريع، وباعت ما تبقّى من ممتلكات الشعب، ما تزال تتصدر المشهد، تتقلد المناصب، وتوزّع صكوك الوطنية، وكأنها لم تكن السبب في كل هذا الخراب.

هم الذين راكموا الثروات من مال الشعب، وورّثوا المناصب لأبنائهم، وتركوا شباب الوطن في طوابير الانتظار والبطالة واليأس. ثم إذا تكلّمنا قالوا: “أنتم حاقدون… أنتم حاسدون… أنتم غير موضوعيين.”

لكن الحقيقة، يا إخوتي، أن ما نراه اليوم هو انقلاب على القيم، وسقوط مدوٍّ للأخلاق. أصبح المنافقون في الواجهة، والمتملقون في الصدارة، والشرفاء إما مهمشون أو خارج البلاد .

لقد أصبحت ثقافة الكسل والتملق والطمع هي السائدة، بفضل تدفّق الأموال خارج إطار المؤسسات، وبعيدًا عن الشفافية والمساءلة.

كيف نتحدث عن الوحدة الوطنية، والمفسدون هم أول من مزّقها؟ كيف نبني وطناً، وقد سُرقت قواعده من تحت أقدامنا؟ كيف نطالب الشباب بالبقاء، ونحن نمنح الفرص لمن لا يستحق، ونفتح أبواب الهروب أمام العقول؟

أنا لا أتكلم من فراغ… بل من ألمٍ نعيشه جميعاً، من مشاهد تتكرر كل يوم، ومن وطن يصرخ في صمت.

كفانا صمتاً… كفانا تجميلاً للقبح… فلن يسمو الوطن إلا إذا سمّينا الأشياء بأسمائها، وقلنا بوضوح: العدو الأول لهذا البلد هو الفساد… والمجرمون الحقيقيون هم أولئك الذين صنعوه، وباركوه، وركبوا على ظهره.

د.محمدعالي الهاشمي