قال العلامة الموريتاني الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس المنتدى العالمي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، إن الأمة تسجل الأهداف لكنها أهداف الدمار وتسجل أهدافاً على نفسها وذاتها، مشيراً إلى أنه "في هذه الفترة الحرجة نجتمع لنتذاكر ونفكر معاً حول سبل حل أزمة أو دواء الداء وهو داء عضال نزل بهذه الأمة".
وأوضح الشيخ بن بيه في افتتاح الاجتماع الثالث لمجلس أمناء منتدى مجتمع السلم، اليوم الأحد بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن الحضارة الإسلامية والعربية "مريضة"، مؤكداً أنه "في هذه الفترة نستطيع أن نقدم نصائح ومواعظ ونصحح بعض المفاهيم المغلوطة، وأن نقول لشبابنا ما هذه طريق الجنة وأن نتضامن مع القيادات الفاضلة في العالم الإسلامي".
وأكد الشيخ بن بيه أنه "من الخطورة اعتبار جميع المسلمين من الإرهابيين وهم أول المتضررين، لكن الدعوة لاعتبار أن المسلمين إرهابيون خاطئة فهم ضحايا وهذه الدعوة من شأنها أن تخرب الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب فنريد أن نحارب الإرهاب معاً"، وفق تعبيره.
وقال الشيخ بن بيه: "لا يوجد بلد وليس فيه آفة الإرهاب ولنتعاون جميعا من أجل السلام والبر والتقوى، وأقول للقادة العسكرية أنتم تعالجون أعراضا ونحن نعالج أمراضاً".
ويشارك في المؤتمر شخصيات وقيادات في العالم الإسلامي، يتقدمها وزير الثقافة الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ووزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني أحمد ولد أهل داوود، بالإضافة إلى الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، والدكتور شوقي علام مفتي مصر، والدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي.
وينعقد المؤتمر تحت عنوان: "الدولة الوطنية في المجتمعات المسلمة"، وهو ما أوضح القائمون على المنتدى أهميته باعتبار أن كثيرًا من المفاهيم المتعلقة بالدولة من حيث المشروعية والوظائف والصلاحيات، لها أصل شرعي أو تراثي تحتاج اليوم، إلى نقاش علمي وفكري هادئ حول منهجية الفهم وتحديد المقاصد وطريقة التطبيق.
وفي هذا السياق أكد الشيخ بن بيه على أهمية "إيلاء الأفكار التي تساهم في تخريب الاجتماع العربي والإسلامي الاهتمام الكافي من قبل جمهور العلماء والأكاديميين والعاملين في المجتمع الأهلي والمدني، من أجل ترشيد الأفكار وتصحيح المفاهيم وتحقيق المناط الفقهي والتربوي بما يخدم الأمة".
وأضاف أن الأمة باتت "تسجل الأهداف ضد نفسها" عبر خلق مناخ من الصراعات والتطاحنات بين مكونات الجسد الواحد، ولهذا "علينا أن نقوم بدور هام في التنبيه إلى إطفاء الحريق وإنقاذ الغريق"، مشدداً على أهمية السلم في هذه الحقبة التي تتميز، في رأيه، بوضع عالمي غير مسبوق يشهده العالم عموما، والعالم الإسلامي خصوصا، والعربي بشكل أخص.
وقال في هذا السياق: "الوضع الذي كان قائما في الملتقى الأول والثاني لا ينفك يتفاقم، بل اشتد أوار النزاعات، واستفحلت الخصومات، وصار القتل والقتال عملة وسلعة رائجة، فلا تسمع إلا مذبحة هنا، ومجزرة هناك، وانفجارا في الشرق وآخر في الغرب، تذهب ضحيته الأرواح البريئة التي لم تجن جناية، ولم ترتكب جرما، وتحقق معنى النبوءة: لا يدري القاتل فيم قَتلَ، ولا المقتول فيم قُتل"، وفق تعبيره.
وخلص الشيخ بن بيه إلى القول إن الساحة اليوم "لا تزال تمور بالفتن، ولا تكاد تمر فترة دون أن نسمع بتصريحات تؤجج نيران العنصرية الدينية، فحتى الحملات الانتخابية وجدت في العنصر المسلم مادة انتخابية تستميل بالتحريض ضده أصوات الناخبين"، مضيفا، في كلمة الافتتاح، أن هذا المنتدى "قرر أن يكون منبرا رفيعا ومنصة سامقة لتقديم بيان يعيد مفاهيم الشرع إلى نصابها، ويسمح لهذه المنطقة المنكوبة أن تظفر من السلام والعافية بنصيبها".
واعتبر المتحدث أن القضايا التي شغلت أصحاب المنتدى منذ تأسيسه ما زالت غير مُستوعَبة إلى حدود اللحظة، والقيم التي دافع عنها هذا المنتدى لا تزال غير مُتمثلة، والنصوص الشرعية التي تم سردها غير ممتثلة. ومع ذلك لا يزال الهم قائما من أجل أن تنبت شجرة السلم، والتي "تحتاج وقتا لتقوم على سوقها وليس المهم من يستثمر أو من يستظل، ولكن المهم هو إنجاز المهمة التاريخية، وهي المهمة التي نحن بصدد إنجازها، وإن شاء الله سائرون إليها؛ لأن غايتنا أن ننشر السلام وثقافته، والغاية تبرر الوسيلة في هذا المقام".
الكلمات المفتاحية : التطرف, السلم, بن بيه