الحقيقة-أنواكشوط/عرف العام 2016 الذي يودعنا لحظة نشر هذا التقرير الساعة 00:00 صباح الأحد الموافق لـ 01 يناير 2017، أحداثا كبرى في موريتانيا أخذت حيزا كبيرا من اهتمام الرأي العام الوطني، بل كان لبعضها صداه الواسع على المستوى الإقليمي.
سنسلط الضوء في هذا التقرير على أبرز الأحداث على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى الأحداث الوطنية ذات البعد الإقليمي، مع تجنب التفاصيل التي يمكن العودة إليها في تغطيات وتقارير سابقة لوكالة الأخبار.
الحوار يتقدم الملف السياسي
ظل موضوع الحوار السياسي يحتل الصدارة في قائمة القضايا السياسية بموريتانيا طيلة العام 2016، وسط دعوات متعددة وتأكيدات للاستعداد لتنظيم الحوار والمشاركة فيه من قبل كل من قوى السلطة والمعارضة.
غير أن هذه الدعوات وتأكيدات الاستعداد ظلت مشروطة حسب تصنيف الطرفين لموقف الآخر، حيث تعتبر المعارضة أن الحوار الذي دعا له النظام لا يتوفر على الضمانات الكافية للمشاركة فيه، بينما تعتبر السلطة أن المعارضة تريد نتائج الحوار قبل الدخول فيه.
وجرى في الفترة ما بين أواخر سبتمبر ومطلع أكتوبر حوار سياسي بمقاطعة كتلة المنتدى الوطني للديمقراطية وحزب تكتل القوى الديمقراطية وأحزاب أخرى من بينها إيناد والصواب.
وطغت على الحوار المنظم تحت عنوان: "الحوار الوطني الشامل"، قضية تغيير العلم والنشيد والمأمورية الثالثة وسن الترشح وإلغاء مجلس الشيوخ، فيما ظل معلقا تطبيق نتائجه التي يأتي في مقدمتها استفتاء دستوري؛ وهو الاستفتاء الذي كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد دعا إليه في خطاب ألقاه من النعمة في 03 مايو 2016.
وشهد العام تعديلين وزاريين جزئيين، كان أولهما في التاسع من شهر فبراير وأطاح بوزراء الخارجية حمادي ولد اميمو، والشؤون الاقتصادية والتنمية سيد أحمد ولد الرايس، والصحة أحمد ولد جلفون، والتهذيب با عثمان، والإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيدي ولد الزين.
أما الثاني فتم في الأول من شهر أبريل بعد أيام من وفاة وزير المياه السابق محمد ولد خونا، واحتفظ محمد الأمين ولد الشيخ بعد هذا التعديل بصفة الناطق الرسمي باسم الحكومة حيث تم تعيينه وزيرا للثقافة والصناعة التقليدية قادما من وزارة العلاقات مع البرلمان.
على الصعيد الاجتماعي
وبرزت على الصعيد الاجتماعي بموريتانيا خلال العام 2016 المنصرم، قضيتان حظيتا بحضور كبير في الرأي العام الوطني.
تتعلق أولاهما بتداعيات خطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مدينة النعمة بولاية الحوض الشرقي بتاريخ 03 مايو؛ حيث وُصف الخطاب من قبل المنتدى والتكتل وقوى حقوقية عديدة بأنه تضمن إساءة لشريحة الحراطين.
وهي القضية التي استدعت من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم إطلاق حملات لشرح مضامين خطاب الرئيس، وكانت هي الأخرى شرارة لما عرف بأزمة مجلس الشيوخ الذي عبر أعضاء منه عن امتعاضهم من تصريحات صادرة عن قادة في الحزب بشأن مكانة المجلس الذي دعا الرئيس في خطاب النعمة إلى إلغائه.
وعرف العام 2016، أيضا، أزمة ما يعرف بـ "حي كزرة بوعماتو" في مقاطعة لكصر بنواكشوط، حيث أخذت عملية إخلاء المنطقة بُعدًا اجتماعيا عقب اشتباكات بين الشرطة ورافضين للعملية؛ وهو ما أفضى إلى تدخل قوات خاصة من الحرس والدرك واعتقال العشرات ما بين شباب من الحي ومنسبين لحركة "إيرا" صدرت لاحقا بحقهم أحكام بالسجن وغرامات مالية.
ملفات الفساد
تصدرت قضايا الفساد المتعلقة بمشروع فينكر وبلدية نواذيبو وتوقيف الأمين العام لوزارة الداخلية محمد الهادي ماسينا، ومحاكمات سجناء الخزينة بالزويرات وأزمة فرع الشركة الموريتانية للإيراد والتصدير "سونمكس" بروصو، قائمة الأحداث الوطنية بموريتانيا على المستوى الاقتصادي.
ويعد ماسينا أرفع مسؤول موريتاني يتم القبض عليه بتهمة الفساد وهو في منصبه؛ حيث سبق اعتقال مسؤولين بعد إزاحتهم من المناصب، فقد أوقف ماسينا في 12 فبراير من طرف شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية ضمن ملف فساد أثير عقب الكشف عن رشوة مسؤولين موريتانيين من طرف الشركة البريطانية Smith & Ouzman المختصة في طباعة الأوراق النقدية والوثائق الانتخابية.
ولم تخل التصريحات الإعلامية لكل من السلطة والمعارضة من سجال حاد في الملف الاقتصادي، وسط تأكيدات السلطة حرصها على مكافحة الفساد وتشكيك المعارضة التي تتهم نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالانتقائية واستهداف المغضوب عليهم فيما يتعلق بملفات الفساد.
أحداث ذات بعد إقليمي
تميز العام 2016 المنصرم باحتصان العاصمة نواكشوط للقمة العربية في نسختها السابعة والعشرين، بحضور عدد من القادة العرب يتقدمهم أمير دولة الكويت جابر الأحمد الصباح.
كما حضر القمة التي احتضنتها موريتانيا بعد اعتذار المملكة المغربية عن استضافتها، رؤساء: السودان وجيبوتي واليمن وجزر القمر والصومال وأمير دولة قطر ورئيس حكومة الوفاق في ليبيا.
وبموجب تنظيم القمة العربية في نواكشوط، أصبحت موريتانيا تتولى رئاسة الجامعة العربية، وذلك خلال الفترة ما قبل تنظيم النسخة الثامنة والعشرين من القمة العربية المتوقع تنظيمها بالمملكة الأردنية في 2017.
واختتم العام 2016 بانفراج في الأزمة الدبلوماسية بين موريتانيا والمغرب، وذلك بعد تداعيات التصريحات الصادرة عن الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي حميد شباط التي وصف فيها موريتانيا بأنها أرض مغربية.
فقد أعقبت هذه التصريحات التي واجهت ردود فعل قوية من مجمل القوى السياسية بموريتانيا، مبادرات من المغرب كان من بينها بيان صادر عن وزارة الخارجية أدان تصريحات شباط ووصفها بأنها مرفوضة وغير مسؤولة.
كما أوفد الملك محمد السادس رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران إلى موريتانيا حيث التقى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بمدينة الزويرات في 28 ديسمبر.
وقال بن كيران في تصريحات إعلامية على هامش لقائه بولد عبد العزيز إن البلدين بصدد فتح صفحة جديدة في علاقاتهما الدبلوماسية، وأضاف: "رب ضارة نافعة، هذه التصريحات ستكون منطلقا لعلاقات جديدة بين نواكشوط والرباط، علاقات يشعر فيها الموريتاني في المغرب أن له مكانة خاصة، ويشعر فيها المغربي بموريتانيا أن له مكانة خاصة".
الأخبار