إلى أين يتجه ولد عبد العزيز ؟

جمعة, 04/07/2017 - 09:37

ـ كثيرون هم من وقعوا في حبائل أكاذيب ولد عبد العزيز : الأقدمون ممن مولوا حملاته الأولى كانوا معذورين، فلم يعرف التاريخ في هذا البلد رئيسا ينصب على أنصاره قبل ولد عبد العزيز : استنزف ما في جيوبهم ليصرفوا على حملاته و حين انتهت ، غير أرقامه مثل لصوص نقطة ساخنة ليكون ذلك آخر عهده بهم.

 

ـ و شكل ولد عبد العزيز جيلا آخر من المنتفعين كان أكثرهم يستفيدون أساسا من ابتزاز الإدارات عن طريق علاقتهم به و ظهورهم مزهوين في كرنفالاته الداخلية ، استنزفهم في حملة مأموريته الثانية و قطع عنهم الاتصال بدورهم بنفس الطريقة و لنفس الأسباب .

 

 ـ و منذ ذلك الوقت حتى الآن و ولد عبد العزيز يحاول عبثا بناء طبقة جديدة من المنتفعين، فزمرة أقاربه هيمنت على كل شيء مع اقتراب فترة تنحيه عن الحكم و حولت أموالها إلى الخارج لتؤمنها و بقيت البلاد في أزمة سيولة غير مسبوقة.

 

ـ الدولة اليوم تعيش حالة إفلاس لم تعرفها لا حتى في فترة حرب الصحراء. و يكلف ولد عبد العزيز الدب المتملق ولد اجاي بأن يصيح في الناس كل عشرة أيام بأن خزائن الدولة تغص بالعملات الصعبة و المحلية و بأن لا وجود لأي أزمة في غير عقول المعارضة.

 

ـ المعارضة بدورها و المعارضة في الخارج بصفة خاصة ـ التي فهمت بدقة كيف يفكر ولد عبد العزيز و خططت بإحكام لمحاصرة كل فكرة تجول في خاطره ـ انطلقت رسلها منذ خطاب النعمة في تعبئة الناس بطرق لن يدركها ولد عبد العزيز و لا معارضته ، لتعبئة الناس على استنزاف حملات ولد عبد العزيز و التصويت ضدها ..

 


ـ مع اقتراب أي حملة قادمة ستلاحظون هروب رجال الأعمال و التجار إلى الخارج بدعوى الاستشفاء و يدرك ولد عبد العزيز وحده أن أهل غدة و أفيل و محسن و غيرهم من أقاربه الذين نهبوا كل ما في البلد، لن يصرفوا ممتلكاتهم في مغامرات عزيز مسدودة الطريق. لا سيما أنهم بدؤوا جميعا يتبرؤون من تصرفاته أمام الجميع و يرددون في بيوتهم و اجتماعاتهم الأسرية الخاصة أنهم لن يقبلوا أن يحرقهم ولد عبد العزيز في مركبه المجنون.

 

ـ بعض عقلاء ذويه اقترحوا عليه أن يتصالح مع المعارضة و يراضيها بكل ما تريد و يتنازل لها حتى عن الحكم إذا كانت ترغب في ذلك ، معتبرين أن المجتمع متسامح و قد أخذ ولد عبد العزيز كل ما يريده و لا يمكن اليوم أن يفكه من مشكلته إلا أن يتمتع بشجاعة الاعتراف بفشله و مطالبة الجميع بتسامحه.  لكن ولد عبد العزيز الذي أخذ ميدان رماية كلية الشركة و نصف الملعب الوطني و بلوكات و أرض المطار القديم و المدارس العتيقة في العاصمة ، يدرك أنه تجاوز حدود ما يمكن نسيانه و لا يملك سوى الهروب إلى الأمام.    

 

ـ الجميع أدركوا أن ولد عبد العزيز لئيم و أن الطريقة الوحيدة للاستفادة منه هي أن يضعوه في مأزق دائم لتظل حاجته إليهم مستمرة؛ لقد لعبوا بمن هم أذكى منه ألف مرة و من يتابع تشجيعهم له على الأخطاء يفهم بسهول خيوط سياسة التوريط التي يدفعونه إليها . مثل هذا الأمر لا يحتاج إلى ذكاء و أكبر ضربة سيتلقاها عزيز في حياته ستأتيه من مسعود و بيجل لأنهما يتقنان مثل هذه الألاعيب و يعملان على أن يثبتا للشعب الموريتاني في النهاية أنهما لم يساعدا ولد عبد العزيز إلا في التخلص منه لكن ضربتهما له ستكون قاضية و في آخر لحظة. و إذا صح أن ولد اعبيدنا و ولد بوعماتو على اتصالات دائمة (على تباعدها، خوفا من كشفها) بمسعود و بيجل كما تؤكد بعض الأوساط المتغلغلة في المشهد الموريتاني رغم إرباك تضارب معلوماتهم المقصود في ما يبدو، تكون نهاية ولد عبد العزيز قد اقتربت من حيث لا يتوقع أي أحد.

 

لا يعرف ولد عبد العزيز اليوم ـ لا سيما بعد ضربة الشيوخ ـ من يصدق و لا من يكذب و لو لم يتخذ تدابير “خاصة” في تصويت الغرفة السفلى في البرلمان (و التي أثبتت سفالتها بامتياز)، لكان حصل أبشع مما حصل في مجلس الشيوخ. هناك تعبير دقيق أصبح الجميع يلوكه بتلذذ (من الوالاة بصفة خاصة) و  بهزلية البيظان المعهودة، هو الحقيقة الوحيدة المتبقية في المشهد السياسي اليوم؛ يقولون لك جميعا بنفس الطريقة “ولد عبد العزيز مثل البخور لكي تستفيد منه لا بد أن تجعله على نار”.

 

ـ أطلق ولد عبد العزيز حملة تغيير الدستور على مستوى الوزراء و المدراء و جنرالات باكوتي ، و يستغرب الجميع عدم مشاركة “الاتحاد من أجل نهب الجمهورية” في حملة الدستور . و الحقيقة أن الحزب عليه ديون كبيرة بسبب فساد القائمين عليه من جهة و شح نفس ولد عبد العزيز من أخرى و إفلاس الدولة من ثالثة. و قد بدأ ولد عبد العزيز يدفع بآخرين إلى إنشاء أحزاب جديدة و يوهمهم بأنه سيقف خلفها ليرمي بهم في معترك الإفلاس كما فعل بسابقيهم.

 

هذه اللعبة التي أصبحت مكشوفة للجميع ، هي مشكلة ولد عبد العزيز اليوم التي يحاول أن يجر لها ضحايا جدد . و ستنتهي بمحاولة إرغام محيطه الأسري الضيق الذي نهب كل خيرات البلد، إلى المشاركة في تمويل مشروع “خروجه من ورطة الحكم”، ليتضح له أنه بقي وحيدا  في مأزق بلا حل و لا مخرج.

   

 

  كل عاقل في البلد أصبح يدرك اليوم بدقة لا تحتمل الشك أن ولد عبد العزيز يتجه إلى نهايته المأساوية :

 


ـ لا يستطيع ولد عبد العزيز اليوم أن يترشح (بضمانات مؤكدة من العالم أجمع).

 

ـ لا يستطيع أن يرشح أي أحد و إذا رشحه و نجح (افتراضا) ، يدرك ولد عبد العزيز جيدا أنه لن يقبل أن يتحمل عبء أوزاره و أدران فترته المشؤومة. و إذا تحملها (افتراضا) ، لن يستطيع إسكات أصحاب الحقوق مثل “بومي” التي ترفع عليه قضية لا لبس في ظلمها، في المحاكم الدولية، و حساب مصنع الطائرات الصغيرة الذي ذهبت فيه أموال الشعب في كذبة لم يوجد منها غير حسابات مموهة لولد عبد العزيز في بنوك دولية و ممتلكات الشعب بالمليارات التي ترثها اليوم مدللة أجنبية في قصة زواج مخجلة التفاصيل و كذبة “اطويله” التي لا نعرف حتى الآن من مات فيها غير عريف من المجرية و أبراج تكيبر في دبي و شققها الفاخرة في المغرب و ملف “أغنياء بلا سبب” و ما يحتويه من مظالم تمس مصالح غيرهم و “ملف سونمكس” و ملفات المخدرات المتابعة من بلدان أجنبية لا ترحم و تزوير الأورو و الدولار (ملف كومبا با)  و غيرها من حقوق خاصة و عامة تكفي وحدها لسجنه مدى الحياة ناهيك عن 13 حالة وفاة مؤكدة و تشريد الكثيرين و ظلم الكثيرين و احتقار الجميع. 

  

ـ لا يستطيع ولد عبد العزيز أن يشعل حربا أهلية في البلد: لقد عمل  منذ البداية على تأجيج هذا الملف و بناء عناصر جاهزيته لكن الشعب لن يستجيب لها مهما حصل و تفاوت القوة بين الأطراف المستهدفة في مشروعه الجهنمي ، ستظل ضمانا كافيا لعدم تحقيقه.

 

ـ لا يستطيع ولد عبد العزيز اليوم أن يفلت بأي معجزة من العقاب مهما يكن من يأتي بعده حتى لو كان أقرب الناس إليه : من يعارضون ولد عبد العزيز يعرفون فقط أنه إنسان سيئ دمر البلد و أحتقر أهله و أنه يستحق السجن أما من يوالونه فيعرفون أنه إنسان شرير، ناكر للخير و هو أفسد و أنذل من على وجه الأرض و يستحق الإعدام .

 

ـ الجميع اليوم من حوله بدأ يبحث عن فرصة للإفلات من مركبه المتجه إلى نهايته القريبة و بعد فترة قليلة ستراهم يقفزون في الماء، خوفا من أخذ نصيب مما ينتظره.

 

و صحيح أن ما فعله ولد عبد العزيز و عصابته الشيطانية بموريتانيا تجاوز كل حدود النهب و الاحتقار لكن ما سيحصل لولد عبد العزيز و عصابته، لن يستطيع موريتاني بعده أن يمد يده على المال العام. و ما سترونه في المراحل القادمة سيؤكد لكم أن “المعارضة” التي تصفونها اليوم بالغبية ، كانت بالغة الذكاء و الدقة في تضييق الخناق على العصابة و بطرق لا تخر الماء و لا تهمل طوبة في الداخل و لا صخرة في الخارج.

 

 كل ما يحدث الآن في الساحة الموريتانية أكاذيب على الضفتين “الموالاة” و “المعارضة” و من يعتقد أن ذلك هو ملعب الحسم لا يرى أي شيء و لن يصدق ما يحدث في الخفاء من أمور محكمة و ناضجة و مؤكدة النتائج ، لا تهتم كثيرا بما يحدث من لغط على الساحة. و خطورة ما يتم تحريكه في الداخل اليوم ليست على مستوى المعارضة بل على مستوى الجماهير غير المؤدلجة و الموالاة المغبونة التي يتم تحريكها بوسائل محكمة و آليات متقنة ، تفوق تفكير العصابة الهمجية. و لا يستطيع ولد عبد العزيز استرجاع أي منهما إلا بمبالغ تتجاوز ما نهبه أضعاف المرات و بفائض كرم ليس من طبعه. و كل خزائن الدولة اليوم خاوية على عروشها إلا من أكاذيب الدب الثرثار ولد اجاي.

 

و تحاول “الموالاة” اليوم إبعاد هوامير اللعبة السياسية مسعود و بيجل و مجرتهم التي أصبحت تحتل موقع “الموالاة العمياء” و تهيمن على نصيبها من الاستفادة و إذا لم تستطع ذلك ستتحول إلى معارضة صامتة، تضرب من تحت الحزام على طريقة الشيوخ ، مثلما تحول مسعود و بيجل إلى موالاة صامتة “أخطبوطية”، لا تتحرك مثل ولد الطيب، من دون مقدم “أخطبوطي”.

 

أما  تهديد ولد عبد العزيز للمعارضة في الخراج بإلغاء جوازات سفرها و حديثه المتواصل عن خيانتها ، فلن يؤثر في رجال وهبوا أنفسهم للدفاع عن بلدهم ، إنه مجرد دليل آخر على صغر عقله و بساطة تفكيره و حقارة نفسه ، لا تختلف في شيء عن تهديدات الطرطور ولد هيبه المضحة و اعتماد الغبي النذل ولد حدمين على الضفدع المترمل ولد اكويط في الرد على من أسكتوا من هم أكبر منه بكثير و أهم منه بكثير و أنبل منه بكثير..

  / سيدي علي بلعمش