الحقيقة/انواكشوط/تصاعدت وتيرة الضغوط داخل الحكومة الموريتانية خلال الأيام الأخيرة من أجل الزج بالرئيس محمد ولد عبد العزيز فى الصراع الدائر بين الأندية الموريتانية منذ أسابيع، فى إعادة مكررة لفضيحة " السوبر 2015" والتى حولت البلاد إلى مسخرة للإعلام العالمى.
غير أن المخاطر الناجمة عن الزج بالرئيس والحكومة فى الصراع المحسوم بقوة القانون، هو البعد العرقى للأزمة المتصاعدة بفعل ضغوط بعض المتضررين منها، والذى تشى كل تفاصيله – غير المعلنة للجمهور- عن تكرار آخر لأزمة "نسيبة 2016" من خلال التخطيط لحرمان نادى الزنوج الوحيد داخل دورى الدرجة الأولى بموريتانيا (الكونكورد) من تمثيل البلد فى بطولة كأس العرب 2018 – ذات العوائد المالية الضخمة- عبر ممارسة الضغوط على المكتب التنفيذى للاتحاد الموريتانى لكرة القدم من بعض الأطراف الفاعلة فيه لسحب لقب الدورى لهذه السنة من نادى "الكونكورد" ومنحه لنادى تفرغ زينه بدعوى وقوع تجاوزات إدارية من قبل العصبة المنظمة للدورى والكأس بقيادة "باب أمغار"، وهو ماترفضه الأغلبية داخل الإتحاد وتعتقد أنه تسييس للعبة وجنوح نحو تقويض أسس الاتحاد.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن الأزمة الحالية تفاقمت بعد طعن تقدمت به الحرس، وساندتها فيه تفرغ زينه ( بطل الدورى السنة الماضية) بدعوى وجود لاعب ينشط فى نادى "اف سى نواذيبو" من أصول صحراوية، وهو مارفضه النادى مستظهرا بأوراق والديه وتسجيله لدى الحالة المدنية ووجود بطاقة تحديد هوية لديه تم على أساسها السماح له من قبل العصبة (جهة الاختصاص) بممارسة اللعب فى "نواذيبو" كلاعب وطنى، ناهيك وجود عشرات الحالات من أمثاله داخل الفضاء الكروى ، وبعضهم تم استبعاده من المنتخب خلال الفترة الأخيرة بعد العجز عن تسوية أوراقه المدنية بفعل التعقديات المعمول بها، رغم لعبه فى الأندية الفاعلة بدورى الدرجة الأولى خلال الفترة الأخيرة.
الصراع القانونى الهادف إلى عرقلة الكأس وإخراج " أف سى نواذيبو" منها انتقل إلى المكتب التنفيذى للاتحاد فى آخر دورة يعقدها، وهو ما أدى إلى تثبيت النتائج المعلنة وإلغاء الطعن المقدم من قبل الحرس بأغلبية الأصوات المعبر عنها.
وذهب المكتب التنفيذى إلى ابعد من ذلك، حينما قرر اعتماد الثامن عشر من يونيو 2017 كموعد نهائى لكأس الرئيس بين نادى تفرغ زينه ونادى أف سى نواذيبو، منهيا الجدل القانونى الدائر حول اللاعب والنادى وبطولتي الدورى والكأس.
غير أن اللعبة انتقلت من فضاء الكرة والفاعلين فيها من أهل الاختصاص بحكم القانون إلى فضاء السياسية والجدل داخل أروقة صنع القرار فى محاولة لتعطيل المباراة المقررة ليلة الأثنين بملعب شيخا ولد بيديا، بعد أن بلغ الشرخ داخل الاتحادية مبلغه بين الرئيس أحمد ولد يحي ونائبه موسى ولد خيرى الذى تصدر الفريق المطالب بإبعاد "نواذيبو" ونزع لقب الدورى من نادى "الكونكورد" فى حالة ثبوت وقوع مخالفة قانونية ضد نادى العاصمة الاقتصادية نواذيبو أبرز أندية الدورى الممتاز خلال السنوات الأخيرة.
هل تتورط الحكومة فى الصراع؟
رسميا حسم تاريخ مباراة الكأس وأطرافها، وعلى الفرق المتأهلة المشاركة من أجل حسم اللقب الأهم داخل الساحة الكروية بموريتانيا (كأس الرئيس)، ويمنح القانون الحق للاتحادية الوطنية لكرة القدم الحق فى معاقبة النادى الذى يرفض اللعب ( إبعاده من دورى الدرجة الأولى) ومنح اللقب لغريمه فور انطلاقة صفارة الحكم من دون حضور خصمه.
لكن المغامرة باتخاذ قرار كهذا من قبل أي نادى ستكون مكلفة ، فهل تدفع الأطراف المتضررة باتجاه الزج بالحكومة والرئيس فى سير الكرة ثانية من أجل إعادة سيناريو " كأس السوبر 2015" وتحويل البلد إلى مسخرة للإعلام الدولى فى ظل التركيز الحالى عليه بعد الفوز على "بوتسوانا" والاقتراب من مصاف الدول السبعة الأولى عربيا؟ ودخول الاتحادية الوطنية لكرة القدم فى موريتانيا ضمن سياسة المحاورة داخل "الكاف" بعد تصدرها لمشهد المعارضين لحلف "السنغال – الكامرون" بعد دعم الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقي لكرة القدم أحمد أحمد فى الانتخابات الأخيرة.
أموال العرب سبب الصراع
المعطيات التى جمعتها زهرة شنقيط تشير إلى أن أموال "كأس العرب" المعلن عنها فى الفترة الأخيرة فاقمت الصراع الدائر الآن، ودفعت بالعديد من الأوساط الفاعلة فى دوائر السلطة من أجل العمل لتعطيل حركة الدورى والكأس، ونزع اللقب من نادى "الكونكورد" بغية الفوز بمبلغ 750 ألف دولار الذى يقترب النادى من الحصول عليه دفعة واحدة بفعل النتائج الجيدة للمنتخب الأول، وتصدره لدورى الأضواء بقوة خلال الجولات الأخيرة.
وتنص قوانين "كأس العرب" على إعفاء الدول الثمانية الأولى عربيا وفق تصنيف الفيفا من لعب الأدواء الإقصائية والمشاركة بشكل مباشر فى البطولة مع منحها مبلغ مالى يقدر ب 750 ألف دولار، وهي يقترب نادى "الكونكورد" من الاستفادة منها فى ظل تصنيف موريتانيا فى المرتبة التاسعة عربيا فى الوقت الراهن، وإمكانية تعزيز الترتيب بعد الفوز الأخير على "بوتسوانا"، وهو ما أشعل المنافسة بين الأندية الموريتانية.
غير أن مخاطر انتزاع لقب الدورى من نادى "الكونكورد" وحرمان أبرز أندية "السبخة والميناء" من تمثيل موريتانيا فى كأس العرب من شأنه إذكاء النعرات العرقية وإشعال فتيل أزمة جديدة فى بلد خارج للتو من تداعيات " مدرسة نسيبة" وما تسببت فيه من شرخ اجتماعى وفئوى وعرقى داخل مجتمع هش.
فى معسكر نادى "الكونكورد" يخيم الصمت، فى انتظار ماستؤول إليه صراعات الكبار داخل الاتحاد الموريتانى لكرة القدم، مع قلق لاتخطئه العين داخل كتيبة "الحاج" المتوجة بلقب الدورى بعد عناء كبير، وطموح لدى رفاق " فودى أتراورى" الحالمين بغد أفضل .. فهل تغتال السياسية أحلام البسطاء؟ وهل يفسد النفوذ أجمل لعبة يعشقها الكبار والصغار بموريتانيا؟ وهل تحمى الحكومة قوانين الكرة أم تدفع بالرئيس نحو أتون مصيدة عالمية جديدة لإرضاء بعض الفاعلين فى الساحة السياسية بموريتانيا؟
زهرة شنقيط