ولد عبدي في تأبين الفقيد المرحوم الوزير السابق محمد ولد الحيمر

اثنين, 12/04/2017 - 07:56

لأنك انت‘لا يمكن أن أعزيك ‘معلقا على أحد الكثيرين الذين نعوك للعموم..

 

انت لكل هؤلاء‘أبا وأخا وصديقا ورفيق درب..ولكنك لي أيضا كل هذا..

 

أنت لنا جميعا..هذه ميزتك..أنك للجميع..للأقارب والأصدقاء..ولكنك أيضاللقيم الرفيعة والمبادئ السامية والأخلاق السمحةو المتعالية,, للضعفاء الذين لم تتوقف‘منذ أن جئت إلى هذه الدنيا‘عن مؤازرتهم..للجهال الذين علمتهم..للغافلين عن حقوقهم وواجباتهم الذين أفهمتهم كيف يسيرون وراء مالهم وما عليهم..انت للبلد كله الذي منحته كل نصيبك من الحياة‘في كل المواقع التي شغلتها‘مدرسا وموجها تربويا ووزيرا وبرلمانيا ورئيسا لهيئة دستورية ساميةوقائدا سياسيا ملتزما ومثاليا..للبلد الذي كنت من أوائل من آمنوا بحريته دون المساس بوحدته ‘بتلاحم مكوناته‘منذ اشتريت حريتك بحر مالك الحلال‘ وخرجت ‘على الأكتاف ‘في بطحاء شنقيط تعطي أسمى مثال لمن ضاعت حريتهم ومن يضيعون الحريات‘على حد سواء..بذا رمزت ‘وانت صاحب القلب الكبير والعقل الكثيف والدم الخفيف‘للحل الذي تصر عليه للبلد المتمثل في إستعادة الحقوق وتجاوز إكراهات الماضي السحيق‘دونما تهديد للحاضرالمشترك المرغوب..كنت في هذا تكرس رفضك لإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ‘دون أن تصطدم بواقع معقد يتداخل فيه المقدس والاجتماعي والماضي والحاضر..بهذه القناعة ‘تسلحت‘وأنت تخرج ‘مع رفاقك ضد ظلم التاريخ ؛وبها تميزت ومربعك الأقرب ‘حين أصررت ‘على أن السمرة أولى بالعروبة وأن الانتماء القومي ‘ليس بالعنصر أواللون‘وإنما باللغة والميزات الثقافية المشتركة والآمال والآلام وما تغنيه الجدات والأمهات للانسان ولما يخرج من التمائم..

 

إنه ليؤلمني‘يارفيقي‘ان تذهب هكذا فجأة وبلا عودة محتملة لدنيانا..ولكن يواسيني‘أنه طريق لست أول ولا آخر من سلكه‘بل هو قدرنا ‘محكوم على كل واحد مناوروده ‘اليوم أوغدا..وأنك لله الحمد-ولا أزكي على الله أأحدا -مؤمن صادق ومسلم عامل ومحسن يجمل ما تخفيه عما تبديه لكل من تابعك وعرفك حق معرفتك..وأنك ‘لم تنس هذا اليوم‘بل أعددت لهأحسن إعداد..

 

لقد سافرت ‘معك‘مرات عديدة ‘في البر والجووذقت معك الحلو والمر وعايشتك في مواقع ومواقف كثيرة ومتنوعة‘أبقت لي وإياك أكثر من ذكرى‘تتراءى ‘أمام ناظري‘كأنما تحدث اليوم..ولكن الوقت لا يسمح بإستعراضها ‘جميعا؛بل سأكتفي بعينتين فقط منها..

 

إنني لا أنسى‘وإن لم أتذكركل التفاصيل ‘ذلك السفر الذي جمعنا إلى موسكوعاصمة الإتحاد السوفيتي يوم كان‘للمشاركة في مهرجان عالمي للشباب‘انت ‘بصفتك ‘أمينا تنفيذيا في الأمانة الدائمة لللجنة العسكرية‘وأنا‘بوصفي رئيسا لأتحاد الطلاب الموريتانيين..

 

كانت لكل واحد مناحلقته الخاصة ‘في المهرجان التي يتحرك فيها ‘تبعا لتلك التخصصات؛ولكن كان علينا أن نكون وفداواحدا‘في حفل الختام؛ووقع الإختيارعلى وفد موريتانيا ‘ليتكلم باسم المجموعة الإفريقية والعربية..كنا في الكواليس ‘قبل الدخول في استاد لينين الكبير في انتظارأن ندعى لدخول المهرجان الذي يرأسه غوراتشوف‘وقد حلقت عشرات الطائرات النفاثة ‘أبلغنا أنها ستزيل المزن المتراكمة في سماء الملعب لضرب عصفورين بحجرواحدأي الإحتماء من السحب ‘أثناء الإنعقاد وإلزام الشمس بالمشاركةفي الحفل..كنت ‘وكل هذه الأحداث تتالى منشغل البال لأسباب ذاتية وموضوعية‘فالشاب الطموح بداخلي‘وإن تفهم أن يناط إلقاء كلمتنا بصاحب أكبر مقام بروتوكولي ‘إلاأنه كان يتوق إلى ذلك الشرف البعيد المنال؛وفي الوقت نفسه‘كنت وأنت المسؤول الحكومي معي أتوجس أن لا تستطيع أن ترتجل كلمتك بالعربية‘ وأستاء لإحتمال الإلقاء بالفرنسية‘أمام وباسم رؤساء وفود عربية حاضرين أقلهم شأناالفلسطيني جورج حبش..وهنا أخذتني أنت للقاء ثنائي ‘قلت بسرعة=<<انت من ستترتجل خطابا يليق بنا>>..وكان ما أردت..

 

أما الذكرى الثانية التي لا أستطيع أن أفوت هذا الإستذكار‘دون ان أعيشها من جديد‘فهي يوم تم تعيين السيد السقير ولد امبارك وزيرا أولا..توافق الأمر مع إنعقاد للمجلس الوطني للحزب الحاكم..قلت لي هذا يومي وأخاف أن تفلت مني مشاعري ‘وأنا أتحدث عما تمثله بالنسبة لي هذه اللحظة‘فما ذا تنصحني به؟أجبت بسرعة=<<اترك لي ‘يا الشيخ يب(ولهذا الإسم قصة أخرى لا يليق المقام

 

بذكرها) الأمر‘كما فعلت يوما بموسكو>>..ووافق صديقي على الفور‘ليأخذني في الأحضان ‘بمجرد خروجنا من القاعة‘ وقد خنقته العبرات<<شكرا‘كأنما كنت أنا المتكلم..أول مرة ‘في حياتي يتكلم أحدهم وأحسبني أنا المتكلم..>>