بدء العد التنازلي لسباق الجيش و الشرارة / سيدي علي بلعمش

اثنين, 04/02/2018 - 17:37

المراحل القادمة من الصراع مع العصابة الحاكمة، كانت تحتاج لكي تكون حاسمة، إلى معارضة متماسكة ، موحدة الهدف و تملك ثقة الشعب و وسائل طموحها .

ـ لا تستطيع المعارضة الموريتانية أن تكون متماسكة و بداخلها سرطان مثل الإخوان ، هم من يعتمد عليهم ولد عبد العزيز في كشف مخططات المعارضة و إفشال برنامجها و تفتيت وحدتها و هدم الثقة بين مكوناتها : الغريب أن جميع أطراف المعارضة يدركون هذا الأمر جيدا لكنهم جميعا "يستحون" من مواجهتهم بهذه الحقيقة.

و كأن المعارضة ملكا للمعارضة ، يسايرونهم باسمها في تدمير البلد و تنفيذ مخططات ولد عبد العزيز و تشويه نضال الشعب الموريتاني الذي خرج في مئات المرات في استعداد كامل لتقديم أي تضحيات من أجل إنهاء مأساته و تصده المعارضة في كل مرة بحكمتها العرجاء و وعودها الكاذبة. أريد المعارضة الموريتانية أن تفسر لي ظاهرة السياحة السياسية لحزب تواصل المقتصرة حصريا على وجهة انتجاع واحدة هي الاتحاد من أجل نهب الجمهورية !!؟ اعطوني اسم جماعة أو شخص واحد استقال من تواصل و ذهب إلى غير الاتحاد من أجل نهب الجمهورية ؟
فهل هذه مهام دورية غامضة؟ هل هي صلة رحم تؤجج وجوبها التصريحات الساخنة المفتعلة؟ هل هي عملية مد بلا جزر تخرج على قوانين الطبيعة؟

ـ وحدة هدف المعارضة تتطلب الاتفاق على المشترك و إبعاد كل نقطة خلاف و هذا ما لا يمكن تحقيقه في ظل تواجد جماعة "غامضة" المشروع داخل صفوفها : حياء المعارضة من مواجهة الإخوان بحقيقتهم حولها إلى خود خرود ، مضحكة الدلال و الوعيد ..
احتقار ولد عبد العزيز للمعارضة و رفضه الاستجابة لأي دعوة لها و الانفراد بالقرار رغم صراخها ، بما حوله إلى معول هدم لما تبقى من البلد ، كان بسبب السيطرة على قرارها عن طريق الإخوان. لكن حسابات الجميع خاطئة لأن النزعات البشرية لا تتلخص في مزاج المعارضة و العصابة.
حين قامت الصين مرة بحملة واسعة على الفئران و أبادتهم بشبه الكامل (كما فعل ولد عبد العزيز للمعارضة اليوم) ، امتلأت أرضها فجأة بكائنات أخرى كانت الفئران تعيش عليها، لم تجد لمواجهتها سوى تربية الفئران و تدليلها و الإنفاق عليها و حمايتها و سيقول ولد عبد العزيز قريبا ليتني لم أقتل المعارضة، كيف أواجه اليوم هذا البلاء.

ـ لقد عملت العصابة منذ سيطرتها على البلد ، على تفقير المعارضة و تهميشها و طحن رموزها و استهداف نشطائها و التنكيل بصقورها و محاصرة مؤسساتها السياسية ؛ كل هذه العوامل كان من المفترض أن تقوي من اعتماد المعارضة على الإنسان و إرادة الشعب ، لكننا نتجاوز دائما أن قادة معارضتنا سياسيون و ليسوا مناضلين.. و ننسى أكثر أنهم سياسيون يمينيون في الأصل لا يساريون .. و ننسى أكثر و أكثر أنهم كانوا في الصفوف الأمامية من اليمين المترف ؛ وزراء و مدراء و سفراء و أبناء أرستوقراطية باذخة..
المعارضات في العالم لا تقود الثورات و إنما مهمتها ضبط المسارات حتى لا تنهار الدولة عند لحظة الانزلاق: الثورة حادث لا يمكن توقع شرارته ، تصنعه الحركات الطلابية و النقابية العنيدة، التي تم شلها على أرضنا بسبب استقطاب الأحزاب السياسية لها . الحركة الطلابية في موريتانيا ما كانت تقف ضد توجه للدولة إلا و تم التراجع عنه و لا ضد وزير أو مدير أو والي إلا و تمت إقالته و هي من طردت السفارة الأمريكية ليلا من العاصمة 1967 و هي من فرضت تأمين شركة المعادن التي كانت تنهب خيرات البلد و هي من ملأت الدنيا و شغلت الناس في العقود الأولى من الاستقلال بتضحياتها الجسام و نضالها الأسطوري..

اليوم يجد الشعب الموريتاني نفسه مرغما حتى على رهن بطاقات تعريفه مقابل تعويضات مادية مخجلة و هي حالة لا يمكن استمرارها طويلا ، لا سيما أنه يعي جيدا أين ذهبت خيراته و كيف ذهبت و من ذهب بها : الشعب الموريتاني الذي تم تركيعه بالتدريج عن طريق الضرائب و التهميش و الظلم و الاحتقار ، لم يعد يتحمل أكثر .. لم يعد ينتظر المعارضة و لا يحتاجها .. لم يعد يخاف السلطة و لا يبالي بما يغضبها .. لم يعد يفكر في غير البحث عن زاوية الاقتحام الأفضل لنسف النظام و المعارضة و الأمن و الجيش و القوانين و إذا لم يتحرك الجميع لتدارك هذا الموقف، سيحدث ما لا يتوقعه أحد و ما لا تستطيع أي جهة مواجهته ، لا بالعقل و لا بالقوة و لا بالصبر..

الحالة التي يتجه إليها الشعب الموريتاني اليوم لا يمكن أن يمنع من حدوثها غير الجيش ، فلم يعد في الوقت متسع للبحث عن حلول لنظام فاسد من ألفه إلى يائه و لا يستطيع الجيش تداركها إلا إذا تحرك قبل شرارة الانفلات التي اكتملت كل أسباب انفجارها..

و الأيام أمامنا

داكار 02/04/2018