
أحمد باب ولد المامي شاب موريتاني ملتزم و رجل أعمال أصيل تراكمت ثروات أسرته عبر عقود في زمن النقاء و الصفاء ، لا أعرف شخصيا عنه و لا عن أسرته أكثر من اسمها المعروف لدى كل الموريتانيين منذ السبعينيات . تحاملت عليه بعنف كما هو طبعي مع كل من يقف في صف عصابة ولد عبد العزيز المحتلة لبلدي، فكان علي أن أتفهم اليوم (على الأقل) ما كان يعيش تحته من إكراهات أرغمته على التواطؤ مع العصابة كرجل أعمال تنتشب أظافر ثروته في كل مجالات الحياة في موريتانيا ، إن سار في ركب عزيز شوه سمعته (كما فعل مع جل أقاربه) و إن حاد عنه سرق ممتلكاته كما فعل مع ولد بوعماتو و غيره ..
يحز في نفسي اليوم أن أكون أسأت إليه أو إلى أي شخص بريء آخر ؛ لقد كان أحمد باب حينها في "صف" عصابة ولد عبد العزيز التي أتعبد و أتقرب إلى الله بالإساءة إليها و بفضحها و التلعين على كل من يدافع عنها و من يسير في فلكها.
و كنت أكرر دائما أنني لا أعارض عصابة ولد عبد العزيز و لا أختلف معها في شيء و لا أعتبرها نظاما وطنيا سيئا بأي مفهوم و إنما هي عصابة أشرار تحتل بلدي بحقد و تعيث فيه فسادا و تخريبا و تدميرا ، لا عرض و لا غيبة و لا حرمة لأي منهم عندي. و لو لم يكن الزمن تغير و تغيرت وسائل صراعه و لو لم يكن شعبي الضعيف و البريء هو من سيتضرر أكثر لكنت حملت ضدهم السلاح أو أوقدت في وجوههم أوار ثورة لا تخمد إلا برمادهم.
فليسمح لي السيد أحمد باب إذا كنت أغلظت له الإساءة و ليعذرني لأن وجوده داخل صفوف العصابة (الذي سأعرف في ما بعد أنه كان على مضض منه) ، كان كافيا ليستحق مني أكثر مما قلت فيه تماما كما يرى هو اليوم مواقف من يدعمون ولد عبد العزيز و يتفانون في الدفاع عنه.
اعتذاري اليوم للسيد أحمد باب (و أشكر جزيل الشكر من نبهني إلى ضرورة بل إلى واجب القيام به ) ينبع من ثلاث أمور تمليها شجاعة الاعتراف و نبل المقاصد و الأمانة التاريخية :
ـ الإساءة اليوم إلى السيد أحمد باب ترضي ولد عبد العزيز و هذا يكفي ليجعلها من الكبائر ...
ـ الإساءة إلى السيد أحمد باب ، لا تلبي أي غاية في نفسي أصلا و لا مبرر لها غير أنها كانت جزء من ضريبة ولائه (مكرها كان أو صادقا) لعصابة أشرار تحتل بلدنا ، لا أعتذر عنها لمن لا يؤنبه ضميره على الوقوف يوما في صف هذا التافه الحقير ، الجاثم قهرا على صدور شعبنا البريء.
ـ و الإساءة ثالثا اليوم إلى والده الشيخ الوقور عقوق أستحي من مواجهته بغير الهروب من نفسي ، لا أدري إلى أين؛ سيكون من الوقاحة أكثر أن أبحث له عن أي مبرر ..
إن يصفحوا و يسمحوا فذلك كرم منهم لن أنساه لهم و إن كانت لا تزال في النفوس غصة من الأمر (و أنا أكثر من يدرك مرارة الكلمة) فقد فعلت حقي في زمن ولائهم لمدمر بلدي و مذل شعبي و قمت بواجبي الديني و الأخلاقي و الاجتماعي في زمن اعترافهم بأنفسهم بسوء أعمال من يقف معه ..
قد لا يكفي هذا الاعتذار، غير أنه يظل تسجيل موقف أمام نفسي على الأقل للتعبير عن عدم سوء النية و عن نبل المقصد، حتى لو كان على ما كان عليه ؛ فمن واجبي الآن أن أتفهم أن السيد أحمد باب كان شجاعا حتى في خروجه متأخرا من عرين علي بابا ، لكنه لم يكن من واجبي و لا من عملي أن أبحث له عن مبررات لبقائه حين كان على رأس إحدى أهم مؤسسات بطش ولد عبد العزيز..
سيطبل أوغاد النظام و يزمرون ليعطوا ألف تفسير لهذا الاعتذار الواجب دينيا و أخلاقيا و اجتماعيا و وطنيا و الذي كنت أتمنى أن يكون أكثر تواضعا و إيغالا في تأنيب النفس حد الذوبان ، لكن نزق طبعي لا يسعفني بما أحتاج لأكون أكثر شجاعة و نبلا مع الأسف؛ فليكن عزائي و أملي في أن يكون صفحكم أكرم..