عرفات وعوامل الهزيمة والفوز في الأشواط الثلاثة __________________ محمد نوح ولد محمد فاضل

أحد, 10/28/2018 - 19:12

عرفنا الأستاذ محمد محمود ولد احمد جدو رجلا طيبا كيسا مهابا موطأ الأكناف يألف ويؤلف، صاحب قدرة على إدارة البلدية لو قدر له الفوز بها، وهو رجل اجتماعي موفق لو ترك له الأمر في توجيه قاطرة عمليات التعبئة والتحسيس في المقاطعة، ولكن الرجل ابتلي في كل المراحل التي مر بها الموسم الانتخابي بجماعة من الصنف الذي لم يقدر له النجاح ولا التوفيق في شيئ هذه الفترة، إلا من رحم الله، وعلى وجه الخصوص في الموسم الانتخابي، فقد بذل أغلبهم جهودا مضاعفة في داخل البلاد (الولايات الداخلية) كالحوض الغربي مثلا، وغيره من المناطق، وفي انواكشوط كذلك. وفي كل الأماكن كانوا كالذي (...أينما يوجهه لايأت بخير)، بطانة يقفز بعضها على رقاب بعض يتهافتون من أجل نظرات القمة لهم، يحدثون جلبة من وقت لآخر لإشعارها بتواجدهم الدائم داخل غرف المقر، ولكن دون فائدة على نتائج الاقتراع، وفي الوجه الآخر صورة مكبرة للمعطى القبلي: جماعة قبلية تدير الأمور بأساليب بدائية وترى أنها صاحبة الشأن: تشمير وتحزيم (أم لخريصات) وصراخ وهز للعضلات بأموال لم يقصد بها وجه الله ولا الوطن ، إذا اعتبرناها-والله أعلم- طيبة النشأة والمصدر.
في وجه الجماعة الآخر وزراء وإداريون... لم ينزل الله لهم القبول في الأرض، وكانوا إما على حق والناس تظلمهم أو هم على باطل كما يراهم أغلب ساكنة انواكشوط، وفي الحالتين ليس لهم من الأمر شيئ أمام ساكنة عرفات، الذين هم أمام إقناع مئات من شباب المعارضة المجاهدين في تشويه هذا الصنف من الموظفين... بمايستحقون وما لايستحقون من اتهامات يكفي قليلها لتغيير الرأي نحو اتجاه معاكس للذين ظلموا.
ومع كل ذلك تغييب تام للطاقات الشبابية التي أقصتها هيمنة اللوبي الثلاثي الصور هذا، لتغيب قوة الشباب وثقافتهم وإعلامهم وتحسيسهم وتعبئتهم... بتأثير الأقوى الذي لايتجاوزهم إلى أبعد من المحيط الداخلي لمقر الحملة.
ويبقى السؤال المطروح هو: هل للقوى الضاغطة الثلاثة السابقة الذكر قدرة على هدم جدار عرفات وبنيته الايديولوجية من الناحية المنطقية؟.
الحق أن نظرة بسيطة إلى الخريطة السياسية في المقاطعة تحيل إلى استحالة الأمر. حتى أن رموز القوى الثلاثة كأنما بدت سلبياتها أكثر تأثيرا من خدماتها، على الأقل انطلاقا من أسطورة الموريتانيين التي تقول: أن الحمار -أكرمكم الله- بعد أن كان من المحظوظين بدخول الجنة رأى أطفالا يعرفهم في الحياة الدنيا بمشاغباتهم وخواء قلوبهم من الرحمة فقال:(الله المستعان.. دلوني على النار فهي أرحم).
أما بالمنطق السياسي والميداني فلا شك أن الطرف الآخر كمنافس لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية ومرشحه ولد أحمد جدو هو جماعة تتميز بقوة تنظيمها وإيمان شبابها بمشروعهم وفهمهم لمقاصده وتفانيهم في تحقيق الأهداف، وتلك عوامل كافية لكسب أكبر قدر من الناخبين. وبغض النظر عن نبل رسالة القوم من عدمه، فهم يتقنون أساليب الإقناع أو على الأقل شرح مشروعهم الإصلاحي وإيصاله للقواعد الشعبية في دقائق في المجلس الواحد، ضف إلى ذلك الوتر الحساس ببعده العاطفي الديني الذي يكفي لدغدغة مشاعر بعض المتلقين، والأهم من كل ذلك صرف النظر عن البعد الشخصي والتهافت إلى لفت انتباه القادة للجهود، وتلك كما سبق أن قلنا من عقد بعض أباطرة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
وفي وجه هذا الاتجاه الآخر أيضا مرشح أحبه الكثيرون من ساكنة المقاطعة وربما كانوا أكثر تعلقا به انطلاقا من قاعدة:(حفظ الموجود) والموجود المجرب ميدانيا.
ولعل من حسن حظ الأستاذ الحسن ولد محمد أن توقفت عنه تلك الجهود القبلية الفوضوية التي كانت ستضر أكثر مما تنفع، فجاءت نجاحاته من مصادر حزبية وحلفاء من المعارضة الديمقراطية وخزان العلاقات وتجربته الشخصية في المقاطعة.
وفي النهاية على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية أن يعيد ترتيب البيت الداخلي بشكل أكثر جدية وموضوعية وأن يحدث تجديدا يضمن عقلنة التعامل مع ديناصورات الضغط المالي والقبلي، تلك التي شكلت مئات الجماعات الضاغطة المسكونة بضعف يترجم ترهلها وهشاشتها.
نبارك للمواطنين في عرفات خيارهم وللأستاذ الحسن ولد محمد ولحزبه تواصل، كما نبارك لموريتانيا وقيادتها الوطنية تلك الشفافية التي طبعت هذه التجربة الانتخابية والتي تشكل تطورا كبيرا في المسار الديمقرطي الموريتاني.
محمد نوح محمد فاضل
___________