عيد بنكهة مفقودة: أحمد ولد محمد ولد نافع

سبت, 11/17/2018 - 16:58

الحقيقه _أنواكشوط _تعتبر ذكرى عيد الإستقلال الوطني مفخرة يعتز بها جميع الموريتانيين على مستوى التراب الوطني و خارج حدوده من من يقيمون بالدول المجاورة و غيرها عبر العالم، لأنها تخلد مجدا تليدا دافع عنه أبناء هذا الوطن بكافة شرائحهم و مناطقهم و بذلوا الغالي و النفيس و قدموا دمائهم و أرواحهم الزكية سبيلا في تحرير كل شبر منه حتى خلصوه من يد مستعمر غاشم إستنزف خيراته و بددها و معاونوه بحجج واهية..
فمنذ القدم حرص الكل على تخليد هذه الذكرى المجيدة حيث كانت تضرب لها أكباد الإبل و تسرج الخيول العربية الحرائر في ربوع الوطن من أجل المشاركة في هذه الفعاليات المخلدة لهذا العيد، حيث يأتي الناس من كل حدب و صوب فيشد أهل الريف الرحال إلى المدينة -التي تزينت شوارعها بالأعلام الوطنية و لبس أهلها أحسن الحلل- و يتجشمون عناء السفر رغم بعد المسافة و قلة وسائل النقل حينها، كل ذلك من أجل المساهمة و الحضور لهذه التظاهرة الوطنية لما يتخللها من عروض و إسكتشات مسرحية يقدمها الطلبة على خشبات المسرح المدرسي، كما تقام سباقات الهجن و الخيول بشكل لافت للأنظار يجذب المشاهد و الزائر الآتي من خارج المدينة فيعطيه صورة نمطية عن أهمية الحدث، الذي تم تنظيمه و الإشراف عليه من أعلى المستويات ناهيك عن الجوائز القيمة التي تقدم للمتبارين في حفظ و تجويد القرآن الكريم و كذا باقي العلوم الأخرى كالآداب و اللغة من ما يعطيه نكهة خاصة و يمنحه قبولا لدى الأوساط الإجتماعية، و هو ما ينم عن وعي تام من لدن الساكنة و القيمين عليه فيعبرون خلاله عن فرحتهم الغامرة التي توحي بمدى تعلق هؤلاء المواطنين بوطنهم و تاريخه المجيد و الذي سطره بأحرف من ذهب أبناء بررة قضوا نحبهم رحمهم الله جميعا بعز و شرف و كرامة..
أما و قد أصبح كل ذلك من الماضي للأسف و تراجع مستوى الإهتمام بهذا الحدث الوطني الكبير من لدن و الساسة و المثقفين الذين كان يعول عليهم في دعمه و إنجاحه على كافة الأصعدة، -فما بالك بالعامة الذين لا حول لهم و لا قوة و لا يملكون من الأمر شيئ إن نسوا الحدث و تقاعسوا و ولوا بحثا عن لقمة عيش مفقودة علهم يجدونها، فيأتي العيد و لسان حالهم يقول عيدُُ بأية حال عدت يا عيد - لأن الهدف وراء كل هذا التقليل من قيمته و تمييعه أدى بأن أصبحت التظاهرات بشأنه هجينة تقام بشكل دوري بين الولايات، فلم يعد ذلك الحدث الكبير و الهام الذي تنظره الأجيال بفارق الصبر ليبرز كل ما لديه من مواهب و علوم و معارف لكي تسود روح الوطنية و التنافس العلمي و الأدبي بين الأوساط التعليمية، و خاصة لدى الناشئة التي ترى فيه سانحة للتباهي و الظهور بأعلى مسوى فكري و في أحسن الحلل لأنهم يرون فيه ضالتهم و يعتبرونه متنفسا عن الدراسة و روتينها اليومي، كما أنه بمثابة إختبار لقدراتهم الذهنية و المعرفية التي قد تخولهم النجاح و الفوز و الظفر بأهم الجوائز المقدمة من طرف اللجان المنظمة لتبقى تذكارا عالقا بالأذهان يحلم به كل طالب..
فها هو العيد يأتي و قد أفقد نكهته بقصد أو بدونه