الحقيقة _أنواكشوط _عشرات آلاف الماليين الأحد في مهرجان دعا له رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالبلاد، الإمام والداعية محمد ديكو، واحتضنه ملعب 26 مارس بالعاصمة باماكو.
وقد حضرت المهرجان العديد من الشخصيات الدينية والزعامات الروحية المالية، قدمت من مدن مختلفة، ومثل خلاله محمدو ولد الشيخ حماه الله من طرف المتحدث باسمه سانوغو.
وكان الماليون يترقبون منذ مطلع فبراير الجاري، هذا الملتقى، الذي عرفه ديكو خلال مؤتمر صحفي سابق بأنه "اجتماع لمساءلة الحكومة والدعاء للبلاد".
تصعيد ضد كيتا
وقد انتقد محمد ديكو، الذي يشغل منصب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في مالي، منذ عام 2008، الأوضاع العامة في مالي، مضيفا أنها "تقود إلى الهاوية، وتحتاج إزائها البلاد إلى إعادة تأسيس حقيقية، تستند إلى قيمنا الدينية والاجتماعية".
وانتقد ديكو رئيس الحكومة سومايلو بوباي مايغا قائلا: "مشروع التربية الجنسية، ليس المحاولة الأولى لسومايلو من أجل تغيير الأعراف، فجميع القوانين السيئة التي عرفتها البلاد، كانت على يديه، عندما كان وزيرا للشؤون الخارجية".
من جانبه دعا ولد الشيخ حماه الله على لسان المتحدث باسمه سانوغو إلى مغادرة سومايلو بوباي مايغا، وقال الشيخ حماه الله إن على "ابراهيم بوبكر كيتا الاختيار بين البقاء في السلطة، أو إخراج الوزير الأول من منصبه"، مضيفا أن على "كيتا إنقاذ حكمه وبلده، وعلى رئيس حكومته المغادرة، فبقاؤه يجعل بالإمكان وقوع كل شيء".
رسائل إلى فرنسا
وقد وجه رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في مالي محمد ديكو، رسائل إلى فرنسا التي وصفها ب"الامبريالية"، وقال ديكو إن فرنسا "قادتنا أمس، لكن أن تواصل قيادتنا اليوم، فهذا غير مقبول"، مضيفا أنه "ينبغي رفض ذلك، لأنه اليوم اضطراب وغدا فوضى".
وكانت عدد من المدن المالية قد شهدت في وقت سابق احتجاجات تطالب بمغادرة القوات الفرنسية الأراضي المالية، معتبرة وجودها "نوعا من استمرار الاستعمار".
ويوجد حضور لقوات عسكرية فرنسية في الشمال المالي، منذ عام 2012، حيث سقطت بعض مدن البلاد بأيدي الجماعات المسلحة، ويوجد لها حضور عسكري بمنطقة الساحل من خلال عملية "بارخان"، كما أن لها قواعد عسكرية عديدة في المنطقة.
سياق تصعيد إسلاميي مالي
يأتي التصعيد الجديد لإسلاميي مالي في سياقين رئيسيين، أولهما يتعلق بالمشروع الذي تقدمت به الحكومة المالية خلال الأشهر الماضية، بشأن "إدراج التربية الجنسية في المناهج التعليمية"، وهو المشروع الذي انتفضت ضده الطائفتان المسلمة والمسيحية على نطاق واسع في البلاد، قبل أن تعلن الحكومة مطلع يناير 2019 على لسان وزير الشؤون الدينية تيرنو أمادو عمر هاس جالو، تراجعها عنه.
أما السياق الثاني للتصعيد، فهو الإعلان عن زيارة رسمية مرتقبة لرئيس الحكومة سومايلو بوباي مايغا إلى إسرائيل قبل شهر ابريل 2019، وهي الخطوة التي قيل إن الهدف منها إعادة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بعد 4 عقود ونصف على قطعها.
ويأتي سعي مالي لإعادة علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، في سياق محاولة الاحتلال تعزيز حضوره الدبلوماسي بالقارة الإفريقية، وقد زار رئيس حكومته بنيامين نتنياهو مؤخرا اتشاد، وقبل ذلك زار الرئيس اتشادي، وأعلن الطرفان عن عودة علاقاتها التي كانت مقطوعة منذ عام 1972.
50 مليون فرنك إفريقي
وقد تداولت عدد من وسائل الإعلام المحلية المالية، والإقليمية والدولية، مقاطع مصورة قبل أيام، يعلن فيها محمد ديكو رفض أخذ مبلغ 50 مليون فرنك إفريقي، قدمته له الحكومة المالية، للمساعدة في تنظيم مهرجانه.
وقال ديكو إن تنظيم المهرجان "لا يحتاج إلى مساعدة مالية" وإن "المال يفرغه من محتواه"، مضيفا أن "هذا المبلغ يمكن أن يساعد اللاجئين في شمال ووسط البلاد، الذين يعيشون ظروفا صعبة".
وقد أثار رفضه جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، وعتبره العديد من الكتاب والمدونين الماليين بمثابة "صفعة جديدة لنظام كيتا" على يد ديكو.