للأسف.. لم تفهموا صديقي بازوم.. محمد سالك إبراهيم

أحد, 03/03/2019 - 11:09

جاء صديقي الألمعي الوزير محمد بازوم، وزير الداخلية في جمهورية النيجر الشقيقة، إلى انواكشوط ضيفا على مؤتمر حزب الإتحاد من أجل الجمهورية. كانت كلمته في حفل الإفتتاح متميزة ومؤصلة.. لكنها مرت مرور الكرام.. للأسف لم نستفد سياسيا من خبرة وحنكة وبصيرة السيد بازوم وإخوته في النيجر.

هناك، في ذلك البلد الإفريقي الزراعي- الرعوي الفقير، والمتعدد الثقافات.. والذي سبق أن خاض حربا أهلية.. جاءت على الأخضر واليابس.. عرف محمد بازوم وإخوانه في الأغلبية الداعمة للرئيس الحالي محمدو إيسوفو، كيف يحسمون أمرهم قبيل انتهاء مأموريته الماضية، وقبل مصادقتهم على دعم ترشيحه لمأموريته الحالية 2018-2021.

ببساطة.. هو التشاور والتخطيط والشراكة السياسية.. لم تقبل الأغلبية أن ترشح الرئيس المنتهية عهدته قبل أن يتفق الجميع على المرشح القادم بعده عن الأغلبية لمنصب رئيس الجمهورية في سنة 2021، حيث تم اختيار الوزير محمد بازوم مرشحا بالإجماع عن الحزب الحاكم حاليا وهو حزب النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية (PNDS)، الذي يعد محمد بازوم أحد مؤسسيه الأوائل. وهكذا، أعلن رسميا في النيجر يوم 10 فبراير الماضي عن ترشيحه للإنتخابات الرئاسية القادمة. وهكذا سيكون أمامه ثلاث سنوات تقريبا للاستعداد للإستحقاقات الرئاسية القادمة.

محمد بازوم، البالغ من العمر 59 عاما، هو سياسي ذكي ورجل دولة رصين. رجل من أهالي الضفه شرقي النيجر، خلاسي من أصل عربي رغم أن قوميته لا تمثل سوى 0.3 في المائة من سكان النيجر. درس الفلسفة والإبستيمولوجيا في دكار. وعرف بنضاله في المرحلة الطلابية وفي نقابة الأستاذة والمدرسين بعد العودة إلى النيجر.

عرفته شخصيا سنة 2014 عندما كان وزيرا للخارجية، حيث كنا نلتقي دائما في الجزائر ضمن مسار مفاوضات السلام في شمال مالي. كان متحدثا متميزا.. له أسلوبه الخاص في الصراحة اللاذعة في بعض الأحيان.. وكان مدير مكتبه صديقي عبدو الله عالم في الأنتروبولوجيا.. لطالما زارني في انواكشوط وقدمت له حليب الإبل الذي كان يحبه كثيرا..

لكن.. لماذا لا نستفيد نحن في موريتانيا من تجارب الآخرين وممارساتهم الفضلى؟ خاصة الذين هم تماما مثلنا تقريبا في كل شيء؟ لماذا نحرص على أن نكرر نفس الأخطاء سواء في كنا في السلطة أو في المعارضة؟ لماذا نعتز بفشلنا حتى في فن السياسة، ونتبارى في تبريره وتسويغه ولو بالغش والمكر والكيد؟

اعتقد بأن مشكلتنا في ذهنية التملك للسلطة كمجرد فرصة لا تفوت.. بدل أن نبذل الجهود في محاولة التمهر في تسييرها.. وعقلنتها..

مشكلتنا هي في عقلية النظر إلى السياسة كمواسم لتقاسم الغنائم.. والكذب والنفاق.. وما لم نغير إدراكنا للشيء السياسي.. فلا أرى بأننا سنتحرك إلى أمام..
أتمنى فقط أن لا نتراجع سريعا إلى الخلف..
طابت ليلتكم..