الحقيقة _أنواكشوط _بعد الحكم لفترتين رئاسيتين لم يترشح الرئيس الحالي للانتخابات الرئاسية التي جرت في الـ22 يونيو وفقًا لما يقتضيه الدستور.
لفترة طويلة لم يرد أحد أن يصدق وعود الانقلابي السابق. على الرغم من أنه كرر لعدة سنوات الآن أنه سيحترم القانون ويترك رئاسة موريتانيا في نهاية فترة ولايته الثانية. كانت المعارضة مقتنعة بأن الجنرال المتنفذ- الذي انقلب فجأة على أول عملية انتقال ديمقراطي في 6 أغسطس 2008 - سوف يسحق الدستور مرة أخرى.
يمكننا وصف حصيلة حكمه بأنها كانت متوسطة، وتميّزت ببصمة أمنية قوية سمحت للبلاد بعدم التعرض للهجمات منذ عام 2010 على الرغم من البيئة الإقليمية شديدة التقلب.
فعندما تولى السلطة في عام 2008 كانت بلاده هدفًا للعمليات التي تقودها الحركات الجهادية المنحدرة من الجزائر والتي أعيد تجميعها في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
اعتداءات على الجنود وخطف الأجانب وتفجيرات السيارات المفخخة تتالى، كما ينضم العشرات من الموريتانيين إلى صفوف الجماعات المسلحة خارج الحدود.
تتمثل المهمة الأولى لمحمد ولد عبد العزيز في إعادة تنظيم قواته المسلحة ، بمساعدة تقنية ومادية وعملية من فرنسا والولايات المتحدة بشكل أساسي.
تخصص الحكومة الموريتانية الجديدة جزءاً كبيراً من ميزانيتها لجهود الدفاع الوطني.
الجهود التي ستستمر خصوصًا منذ أن سقطت مالي المجاورة بسبب تحالف الانفصاليين والطوارق الجهاديين في دوامة من العنف منذ العام 2012. محمد ولد عبد العزيز يؤمن حدوده وهو أيضاً أحد أكثر المدافعين عن القوة المشتركة لمجموعة الخمسة للساحل (موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد).
لكن إعادة هيكلة الجيش لن تصل إلى حد كسر الأسقف الزجاجية التي تقسم المجتمع الموريتاني بشكل خطير، كما يقول بابا حاميدو كان أحد ستة مرشحين للرئاسة وممثل عن مجتمع الزنجي، مضيفا: "34 من الجنرالات الموريتانيين هم من البيضان باستثناء واثنان فقط من الحراطين [أحفاد العبيد] ولا يوجد زنوج". "خلال عشر سنوات من الرئاسة لم يتغير شيء"، يضيف.
بعض العشائر العربية البربرية تمسك بزمام الجيش. ولكن أيضا الإدارة والسياسة رغم تنوع سكان البلاد. الأمر نفسه في القطاعات الرئيسية للاقتصاد. "على سبيل المثال لا يوجد مدير من غير البيضان في عشرين مصرفًا من البلاد وقد تمت عمليات الخصخصة على أسس قبلية"، يضيف بابا حاميدو، الذي يحذر من ردود فعل على أسس عرقية".
وإذا كان السجل الاقتصادي لسنوات ولد عبد العزيز له جوانب إيجابية فإن الجميع ، لا يستفيدون منه. باعتراف الجميع تم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2017 لاحتواء ديون قريبة من 100 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. مكّنت برامج التنمية من تجهيز هذا البلد الصحراوي بالبنى التحتية (الطرق والموانئ والمطارات والكهرباء والمياه). تم إحياء صادرات خام الحديد والمنتجات الزراعية والماشية. من المتوقع أن يبدأ نمو قوي (4 بالمائة) مع بدء الاستغلال في غضون عامين لحقل غاز السلحفاة الواعد المكتشف قبالة موريتانيا والسنغال.
لكن بالنسبة لبيرام الداه اعبيد المعارض الصاخب لرئيس الدولة فإن "مجال إعادة توزيع العائدات المالية محصور على مجموعة صغيرة حول الرئيس مما أثار استياء جزء من مجتمع الأعمال من نفس المجموعة العرقية".
ويشترك سيدي محمد ولد بوبكر وهو مرشح رئاسي آخر في يونيو في هذا التحليل، إذ يقول: "لقد أهمل الرئيس تمامًا الجانب الاجتماعي للتنمية"، وتمت التضحية بالمدرسة الجمهورية والولوج إلى الخدمات الصحية، والخدمات الأساسية غير موجودة اليوم.
ورغم إعلان الرئيس الحرب على فساد النخب فإننا نواجه مفارقة هنا. تنتشر أسوأ الشائعات في شوارع نواكشوط حول العشيرة الرئاسية. "لقد وضعوا أيديهم على المدارس والمستشفيات لتحويلها إلى تجارة وعلى جزء من الشركة الوطنية للصناعة والتعدين وهي أول شركة في البلاد. لقد وضعوا أيديهم على العقارات والصيد والجمارك" كما يقول محام اشترط عدم الكشف عن هويته.
ولأن الموضوع حساس، وكدليل على ذلك فإن عبد الرحمن ودادي والشيخ ولد جدو ، وهما مدونان معروفان بإدانتهما انتهاكات حقوق الإنسان في بلدهما محتجزان منذ 22 مارس بعدما "انتقدوا الفساد الذي يسود في الحكومة في تعليقات على فيسبوك. استندت مزاعمهم إلى تقارير صحفية تفيد بأن الإمارات العربية المتحدة جمدت حسابات بنكية بحوالي ملياري دولار أمريكي تخص أقارب السلطات الموريتانية"، كما تقول منظمة العفو الدولية التي تصف احتجازهما بأنه "غير قانوني".
"استقرار موريتانيا على المدى المتوسط لا يعتمد فقط على الأجهزة الأمنية أو القبائل أو الإدارة ولكن أيضًا على الجانب الاجتماعي الذي تم التخلي عنه ويخلق بيئة متفجرة" كما يقول دبلوماسي غربي في نواكشوط هذا هو الإرث الذي سيتركه محمد ولد عبد العزيز لخلفه.
- ترجمة الصحراء