الحقيقة / أنواكشوط / مر عامٌ كامل على إنهاء الجدل حول المأمورية الثالثة، ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً يتحدث على لسان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ويأمر بتوقف كل المبادرات المتعلقة بمراجعة الدستور.. مر عامٌ كامل تغيرت فيه الكثير من الأمور.
البيان الرئاسي الذي صدر يوم 15 يناير 2019، جاء ليوقف مطالب مجموعة من النواب تجمع توقيعات رفاقهم لتعديل الدستور من أجل فتح الباب أمام بقاء ولد عبد العزيز في السلطة، وكانوا ينوون تمرير التعديلات عبر البرلمان.
ولكن البيان قال مخاطباً هؤلاء النواب: «إن فخامة رئيس الجمهورية يتقدم بجزيل الشكر لكل الذين عبروا، أو ينوون التعبير، عن تمسكهم بشخصه وبالنهج الذي أرساه».
البيان آنذاك ربط مطالب دعاة المأمورية الثالثة بالرغبة في «أن يستمر البلد في تقدم ونمو مطردين، في ظل الأمن والاستقرار»، ولكنه عاد ليؤكد أن ولد عبد العزيز «أكد مرارا على أن تحقيق هذا القصد يتطلب المحافظة على النهج المتبع حاليا في تسيير الشأن العام».
وخلص البيان إلى أن نهج ولد عبد العزيز في الحكم يجب أن يستمر كـ «مرجعية أولى» للدولة، ولكن المياه الكثيرة التي مرت من تحت الجسر منذ ذلك الوقت نسفت هذه «المرجعية» وجلبت معها مرجعية جديدة، فهل انقلب سحر «المرجعية» على صانعه ؟
كثيرون يصفون البيان الصادر آنذاك عن رئاسة الجمهورية، بأنه كان «المنعرج الحقيقي» الذي بدأ من من عنده العد التنازلي لحكم ولد عبد العزيز، خاصة وأنه صدر في ظروف مثيرة للتساؤل، فالرئيس السابق كان خارج البلاد، والبيان تمت تلاوته من التلفزيون في بث مباشر، وبشكل مفاجئ ودون أي مقدمات.
لقد كان البيان هو أول بيان يصدر عن رئاسة الجمهورية ليتحدث في قضية سياسية تعني ولد عبد العزيز، الذي تعود طيلة أكثر من 11 عاماً قضاها في الحكم، أن يتحدث عن شؤونه السياسية بنفسه، ويعقد لذلك مؤتمرات صحفية أو يجري مقابلات، ولم يكن من المكثرين في البيانات المكتوبة.
كان من الواضح أن البيان هو «تذكرة ذهاب» يغادر بموجبها ولد عبد العزيز المشهد السياسي، في رحلة بدا فيما بعد أنها «ذهاب دون إياب»، ولكن البيان في المقابل كان «تذكرة دخول» وزير الدفاع آنذاك محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المشهد السياسي، إذ أن ولد عبد العزيز بعد أيام قليلة من صدور البيان قدمه لمجلس الوزراء، وقال لهم: «هذا هو خليفتي فيكم».
اليوم وبعد مرور عام كامل على «بيان المأمورية»، انقطعت الصلة بين ولد عبد العزيز وصديقه محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تسلم الحكم بعد البيان بسبعة أشهر، وتوترت العلاقة بينهما بشكل مفاجئ وغير متوقع.
ولد عبد العزيز في آخر ظهور له خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده من بيته في نواكشوط، ذكر الموريتانيين بالبيان، وقال إنه أصدره حرصاً على استقرار البلاد وديمقراطيته، بينما بدا واضحاً أن قراءته للمشهد السياسي وتحولاته كانت خاطئة.
اقرأ أيضاً: بيان رئاسة الجمهورية.. رد على الأنصار وتجاهل للرافضين