"السلام عليكم ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط ونحن لكم خلف، نسأل الله لنا ولكم العافية".. كيف حالكم مع عالم البرزخ؟ نحن في نعيم والحمد لله.
- من تلقون من موتانا في المقابر الأخرى ومتى ذلك؟
- كما تعلم، أرواح السعداء تلتقي ليلة الجمعة وفيها يزورنا كل موتى المذرذرة وخصوصا العظماء منهم وهم الآن معنا، ولكن ما الذي جاء بك في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟
ـ جئت لأطلعكم على واقع المذرذرة وساكنتها بعدكم.
- كأن وراءك جديد، فهات ما عندك؟
ـ جئت أبكي على مدينة تركتموها قائمة ولم يبق منها إلا اسمها.
ـ لم يبق منها إلا اسمها؟
ـ نعم، إن كان قد بقى
- غير ممكن ... أين أهلها؟ أين أعيانها.. فقهاؤها؟.. وجهاؤها؟.. شعراؤها؟.. وأين شبابها؟.. وأين ... وأين ... وأين؟
ـ أما أهلها فقد رضعوا منها حتى اشتد عودهم فلما حان وقت رد الجميل ذهب خيرهم لمدن أخرى،
وأعيانها لم يجدوا من يستشيرهم ولا من يقدرهم فالتزموا الصمت وآثروا السلامة،
وفقهاؤها لم تعد كلمتهم مسموعة،
وشعراؤها وهبوا شعرهم لمدعي العطاء والنفوذ،
ونحن الشباب جئنا بالطريق ورجعنا معها،
ـ وهل مازال جارهم عزيز؟
ـ وقد ضرنا أنا كثير وجارنا @@ ذليل وجار .....
ـ وهل مازالوا يكرمون الضيف؟
ـ الضيف فيهم يكلونه إلى ضيف آخر.
ـ هذا مثل ... فقد قيل: ضيف الكرام يستضيف.
ـ فالتزمت الصمت.
ـ وهل يسكتون على الظلم؟
ـ لا، لا يسكتون عليه.
ـ مازالوا يؤازرون المظلوم؟
ـ إذا كان المظلوم منهم يؤازرون الظالم.
فإذا بفرط يبكي بكاءا شديدا ويتكلم بلغة لم أفهمها فارتبكت قليلا ثم استجمعت قواي وسألتهم من هذا الصبي وما ذا يقول؟
فقالوا هذا أخوك يستنصر لك ولمدينتك ويدعوا معسكر الموتى لاجتماع طارئ لحل هذه الأزمة فعد إلينا ليلة الجمعة القادمة إن لم تكن ممن يتشاءم من الوعد بزيارة الموتى خوفا من الموت.
فقلت نحن الأحياء لا نحب الموت ولكنني شخصيا أفضل الموت على الذل والهوان .. وسأعود إليكم في ليلة الجمعة إنشاء الله.
أحمد سالم الملقب باگا ولد البو