هل يثير فيروس كورونا بداية حرب جيوسياسية؟

خميس, 04/02/2020 - 15:26

نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية، تقريرا تحدثت فيه عن ضرورة وضع الدول في الوقت الحالي خلافاتها جانبا، ومساعدة بعضها البعض في مكافحة العدو المشترك الذي يجتاح العالم والذي لا يمكن هزيمته إلا في حال تضافر الجهود.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في خضم هذه الأزمة الدولية، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، على ضرورة تكاتف الدول ومساندة بعضها.

كما صرحت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية لدى حلف الناتو، كاي بيلي هتشيسون، بأنه ينبغي لكل من روسيا والولايات المتحدة مساعدة بعضهما البعض في ظل الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا.

وأضافت الصحيفة أن روسيا مدت يد العون إلى دول حلف الناتو في إطار مكافحة هذا الفيروس، حيث أرسلت طائرات محملة بالمساعدات إلى إيطاليا وبعد ذلك إلى الولايات المتحدة.

وفي الواقع، إن مساعدة الدول بعضها بعضا أمر طبيعي، لا سيما أن الفيروس لا يعترف بالحدود الجغرافية والخوف منه يوحد الجميع.

وقارنت الصحيفة هذا الوباء بالحرب العالمية الثانية، ثم بالحرب ضد الإرهاب الدولي. فالحرب ضد هتلر وحدت الأنجلوسكسونيين والروس (تشرشل وستالين)، اللذين كانت بينهما عداوة، ولم يكن ذلك لأن هتلر كان يمثّل شرًا مطلقًا، وإنما لأن انتصاره مثل تهديدا على وجود الاتحاد السوفيتي والإمبراطورية البريطانية.

وذكرت الصحيفة أن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 استخدمت من قبل الولايات المتحدة للحفاظ على هيمنتها التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

ومن جهتها، دعمت روسيا الحرب على الإرهاب ليس رفضا للإرهاب في حد ذاته فحسب، وإنما لأسباب عملية تمامًا.

ولكن على هذا النحو، حوّلت الولايات المتحدة في نهاية المطاف الحرب على الإرهاب إلى "حملة صليبية" إمبريالية زادت من نشر التطرف داخل منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

وأفادت الصحيفة بأن فيروس كورونا يهدد الجميع، لكن سيحاول كل طرف استغلال عواقب الأزمة العالمية لفائدته.

وفي الوقت الحالي، ستحاول القوى الرئيسية مواجهة كل من الوباء والإعصار الاقتصادي الذي يلوح في الأفق من أجل تخفيف الضرر.

في المقابل، توفر هذه الأزمة فرصة كبيرة للاعبين الرئيسيين لتغيير النظام العالمي أو محاولة الحفاظ عليه.

وستراهن الولايات المتحدة، مثلا، على النخبة الحاكمة الأمريكية، وليس على دونالد ترامب الذي يدعو لتعديل المسار العالمي للبلاد نحو تقليل أعباء الهيمنة العالمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن سياستها المعتمدة، ويتجلى ذلك في الطريقة التي تتصرف بها في خضم الأزمة والوباء.

وفي الحقيقة، إن الضغط على فنزويلا على أمل أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى إضعاف مادورو، ورفض تخفيف العقوبات ضد إيران التي تأثرت بشدة بالفيروس، يظهر عدم رغبة الولايات المتحدة في تعديل سياستها بطريقة أو بأخرى.

وأوردت الصحيفة أن واشنطن ستواصل استخدام الفيروس بشكل كبير في حربها مع بكين، حيث اتهمتها بإخفاء بيانات مهمة والاستفادة من "الشفاء أولاً" لتعزيز موقعها في البلدان الوبائية في أوروبا والعالم من خلال توفير المساعدات الإنسانية والاقتصادية.

وعلى صعيد آخر، ستكون إمكانات الولايات المتحدة لشن هجوم على الصين محدودة بشكل كبير في المستقبل القريب، لا سيما في ظل استمرار انتشار الوباء.

وبينت الصحيفة أن الصين لن تنتصر بفضل سرعة تعاملها مع الفيروس فحسب، وإنما أيضا بمواصلة توسعها في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أن الأزمة ستضرب الاقتصاد الصيني والصادرات الصينية، غير أن الاقتصاد الصيني أكثر إنتاجية مقارنة بالاقتصاد الأمريكي، وسيظل العالم يشتري السلع وإن كان ذلك بدرجة أقل.

وأضافت الصحيفة أن تعزيز الصين لنفوذها وإضعاف الولايات المتحدة كان سيحدث حتى لو لم تنشب الأزمة الحالية، وذلك بات واضحا في العقود الأخيرة.

لكن المواجهة المتزايدة بين القوتين وصلت مؤخرا إلى نقطة مهمة، وانتقلت من المواجهة التجارية إلى المواجهة الإقليمية.

والجدير بالذكر أن الصين لم ترد الدخول في صراع مفتوح، مفضلة بناء نفسها واللحاق بقوة الولايات المتحدة.

في الأثناء، أدركت الولايات المتحدة أن لديها فرصًا قليلة للاحتواء الشامل للصين، مما زاد من توتر العلاقات، لكنها في ذات الوقت لم ترغب أن تقحم نفسها في مواجهة عالمية واسعة النطاق.

وذكرت الصحيفة أن أزمة فيروس كورونا فجرت الوضع، ما يهدد بإضعاف الولايات المتحدة مقابل نمو النفوذ الصيني بشكل ملحوظ.

ويعتمد ذلك على روسيا لأن المعركة الأمريكية الصينية ليست سوى جزء من الحرب الجيوسياسية العامة. وعموما، تعتبر روسيا والصين حليفتان بالأساس تتقاسمان نفس الرؤية لعالم ما بعد أمريكا.

وفي الوقت نفسه، لا تهتم روسيا بانتقال الصراع الأمريكي الصيني إلى مرحلة حرجة، كما أن الأمر لا يصب في صالح الصين أيضا.

وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن روسيا لن تلعب بالورقة الأمريكية الصينية، لكنها يمكن أن تعمل كوسيط في حالة تفاقم الصراع بين واشنطن وبكين.

ومن غير المستبعد أن تطرأ بعض التغييرات على العالم بعد اندلاع الأزمة المتعلقة بفيروس كورونا، التي تلقب بالحرب العالمية الجديدة.