توصيف الآراء وكشف المستور ؟ بقلم الدكتور محمد الأمين ولد الناتي

اثنين, 05/04/2020 - 23:52

كنتُ ـ قبل ليالٍ أرْبَعٍ ـ أطْلَلْتُ إطلالة المُسْتَوْفِز؛ غَيْرَ مُطيقٍ الركونَ إلى الصمت؛ وقد تزاحمت أسباب قَوْلٍ إن لم يكن فصْلا، فعسى أن يكون توَخِّي الصدق، ومحاولة فهم ملابسات الواقع، وتحسُّس الفاعلين في دوافعهم؛ عسى كلُّ تلك أن تكون شفيعا لي في مستوى القبول الذي سيلقى مثل هذه الوقفات، من رِضًى واستحسانٍ، أو إعراض واستهجان، وما بين ذين من اقتضاءات السجال من موافقات ومفارقات في شؤون المجتمع والسياسة.
لئن كنت آثرت تسمية هذا الذي هو موضوع الخوض واقعا؛ عدولا واعيا مني عن تحديده بعهد معين؛ فما ذاك لأنني أسعى إلى التخفيف من قتامة العشرية، التي تنافس أقوام وفاعلون، لم تكن براءتهم منها بحال براءة الذئب من دم يوسف؛ وأنَّى لهم التّحلُّل من مُسوِّغات وأفاعيل، ما كان ليكون للعشرية من وجود ولا ذكر لولاها؛ لا بد ـ إذن ـ مما ليس منه بُدٌّ؛ فهي حقبة يفرض الرأي فيها نفسه، وليس دافع التحلل، ولا التحفُّز للإدانة، أحرى التحمس للإشادة والتنويه؛ ممَّا ينبغي أن يكون ما وراء القول.
ولكنه تَفهُّم واختبار مُكوِّناتٍ وملامحَ في شخصيتنا الثقافية/الاجتماعية ونمطها القيمي السائد، والمُمَكَّن له في ممارسة الأنظمة المتعاقبة، التي استأثرت بشأننا في العقود الأخيرة. تلك الشخصية بنظامها القيمي، وذائقتها ومزاجها العامَّين، أورثت صانعي القرار والنخب الفاعلة والمهيَّأة للفعل كِليْهِما خبرة في تحديد شروط الاصطفاف، واصطناع أسس للولاء والانتماء؛ والقاعدة الثابتة في ذلك، سلاسة اليد المبسوطة، دون ادِّكار مقصد "اليد العليا خير من اليد السفلى"
هذا المنحى ـ في اعتقادي ـ أجدى وأقْومُ سبيلا، لمن أراد أن يسهم في إثارات مآلها تشخيص الحال، والتمهيد لما لا بد لبعض مقوماته أن نمضي حقبا؛ حتى يضاف مضاف إلى مضاف من الخبرة التراكمية؛ وتُنَشَّأ الروح الجماعية، ويقوى حب الأرض، ويتعزز النزوع إلى العدل والإنصاف، وتكون الثقة في الشعب والمعتمد عليه ويكون الولاء للوطن، ومُثُلِه وقِيمه؛ ولا سبيلَ على الشعب المبالَغ في اتِّهامه بضعف الذاكرة، والاستخفاف بعقوله...}إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{
هنا ـ وقد آذنت الوقفة اليوم بالانتهاء ـ وخشيةَ أن أطيل، مُجافِيا طبيعةَ هذا الفضاء المُسْتحِثِّ في الوقفات؛ فإنني أُحِسُّ ماسَّ الحاجة إلى الْتِماسِ العُذْرِ عن عدم الاطِّراد في الكتابة، مُبيِّنًا بعض أسباب ذلك؛ مُتعهِّدا بالبيان، نهاية الأسبوع، ومثنيا بالتذكير بأهم الاختلالات الصميمية التي هي أهم مُعينٍ على فهْم ما أبْغِي أن أشاطر القُرّاء الكرام في فهمه؛ واصلا ذاك بالعودة إلى المتن ـ إن شاء الله.