الغارديان: بريطانيا معزولة ووحيدة وأصبحت رجل أوروبا المريض

خميس, 05/14/2020 - 13:22

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا اعتبر أن بريطانيا أصبحت وحيدة الآن، وأنها باتت كذلك "رجل أوروبا الوحيد".

وبحسب كاتب المقال الصحفي سايمون تيسدال، فإن حال بريطانيا اليوم، يشبه مشهد حادث سير سيئ، يلتفت إليه المارة ويشعرون بالتعاطف والرعب في عيونهم.

وأضاف أن الحكومات في أنحاء العالم، تمارس مع بريطانيا التباعد الاجتماعي الخاص بها، مؤكدا مرة أخرى أن "بريطانيا هي رجل أوروبا المريض".

واعتبر الصحفي أن "سوء الإدارة القاتلة لجائحة كورونا، ليس السبب الوحيد لهذه العزلة السيئة، فهجمة المرض المفاجئة هي ثالث كارثة وطنية في السنوات الأخيرة. وكان أولها قرار الانسحاب من أوروبا، وثانيها صعود دونالد ترامب بأجندته الفوضوية بشعار أمريكا أولا".

وقال إنه "كيفما تم حساب الوفيات الناتجة عن فيروس كورونا، فإن هناك نظرة تتجذر في الخارج والوطن بأن أداء حكومة جونسون هي من بين الأسوأ على مستوى العالم، وربما تأتي بالدرجة الثانية فقط بعد حكومة أمريكا".

وأكد أن التعاطف مع معاناة بريطانيا، لم يمنع من تعرضها للانتقادات الدولية اللاذعة.

لا استفادة من تجربة إيطاليا

وقال: "قد يعذر الإيطاليون إن شعروا بشيء من الارتياح لأن بلدهم لم تعد هي الأسوأ على مستوى أوروبا بخصوص تفشي فيروس كورونا. ومع هذا اللقب غير المرغوب فيه، فإن هناك استدلالا صامتا بأن إيطاليا بشكل خاص لم تكن مستعدة حينها".

وأضاف: "لكن في بريطانيا، ظنوا أننا محصنون. وكانوا يراهنون كالعادة على استثنائية بريطانية زائفة".

وعلق بيبي سيفرجيني في صحيفة "كورير ديلا سيرا" التي تصدر في ميلان، بأن بريطانيا "لم تعر انتباها كافيا لما كان يحصل هنا".

وأضاف أن المملكة المتحدة "لم تستفد من الفرصة التي منحها إياها القدر وإيطاليا.. عندما كان واضحا أن الفيروس ينتشر".

"الطفل المشاغب"

واعتبر أن صورة بريطانيا على أنها "الطفل المشاغب" في أوروبا تسبق الفيروس، ولكن الجائحة أكدتها. وتجذرت النظرة الأجنبية إلى المملكة المتحدة على أنها تحكم بشكل سيئ، وتسودها الفوضى والسخط والانقسام المزمن، لا سيما في السنوات التي جاءت بعد استفتاء بريكسيت عام 2016.  

وأضاف أن "المستوى الكبير من عدم الكفاءة والشوفينية والغطرسة التي أظهرها الجانب البريطاني خلال محادثات الانسحاب أغضبت العديد من الأوروبيين، حيث كانت غير متوقعة".

وهذه النظرة المتغيرة حول بريطانيا أو على الأقل الحكومة البريطانية، على أنها ليست شريكا جادا وقادرا، ويمكن الوثوق به، ليست محصورة على أوروبا.

وأوضح أنه "على اعتبار أن بريكسيت قام على أساس "بريطانيا العالمية" التي ستصنع شبكة من العلاقات التجارية الديناميكية الجديدة، فإن الأضرار التي أصابت سمعتها يمكن أن تكون كارثية".

ركود اقتصادي قريب

وقال: "ما يزيد قابلية الفشل أيضا، انحدار العالم كله نحو ركود. وتتوقع منظمة التجارة العالمية تراجع التجارة في العالم بنسبة 34%".

وانتقد كاتب المقال كذلك، أن بريطانيا جاءت ببريكست من أجل "بريطانيا عالمية"، ولكنها لا تفعل ما يوجب ذلك.

وتساءل: "فكيف يجب على الصين مثلا أن تنظر للزعماء الذين لا ينأون بأنفسهم بشكل واضح عن ادعاءات ترامب التي تخدمه شخصيا، ويريدون كذلك علاقات تجارية معها؟".

وأشار إلى أن ترامب يرى أن الصين قامت بنشر ما أسماه "فيروس ووهان" بشكل متعمد، وبريطانيا لم تنأ بنفسها عن هذه الاتهامات.

وأضاف: "كذلك فإن شركة هواوي من يمين حزب المحافظين لا يرى صورة بريطانيا على أنها بطلة التجارة الحرة المستعدة للتعاملات التجارية".

وأكد أن "حكومة جونسون المحتاجة بشكل كبير للاستثمار، ستجد نفسها فريسة سهلة".

وقال: "سيكتشف الدبلوماسيون الصينيون الحاذقون بسهولة افتقار الحكومة الحالية في بريطانيا، للأمور الأساسية، ويرون في ذلك فرصة للحصول على صفقات بأسعار منخفضة للغاية".

واعتبر أن "عهد الاتفاقيات غير المتكافئة عاد، ولكن بريطانيا [وليست الصين] هي الخاسر هذه المرة".

وأكد أن "ما هو صحيح بالنسبة للصين تجاريا، صحيح بشكل أكبر بالنسبة لأمريكا ترامب"، وقال: "ستكشف المفاوضات للتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة التي بدأت الأسبوع الماضي الحقيقة المرة حول ضعف قوة الضغط التي تمتلكها بريطانيا المعزولة تجاه قوى عظمى تهتم بمصالحها".

تأثير سلبي لترامب

ولفت في مقاله إلى الأمور التي ستحدث لبريطانيا في حال أبقت على التأثير السلبي لترامب على حكومتها.

وضرب بذلك أمثلة، كتطبيق مستوى أقل من معايير سلامة الطعام من بين كثير من التنازلات المفروضة على بريطانيا.

ولفت كذلك إلى آثار رئاسة ترامب السلبية على المصالح والقيم البريطانية، ما يؤثر بشكل أكبر بكثير من خلافات على الدجاج المعالج بالكلور.

فمنذ عام 2017، قام ترامب بإحداث ثغرات عدة في أساسات أمن المملكة المتحدة وسياستها الخارجية. ولطالما اعتبرت بريطانيا أمريكا على أنها أهم صديق وحليف. ولكن الآن أصبحت هذه العلاقة تتحطم، وفق الكاتب.

وقال إنه "بخصوص أزمة المناخ وإيران وحلف الناتو والصراع العربي الإسرائيلي والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة والتي تمت مقاطعتها مثل مجلس حقوق الإنسان، والتعددية بشكل عام وأهمية القانون الدولي والعلاقة مع روسيا بوتين والحد من الأسلحة النووية الجديدة، فقد أهمل ترامب بشكل كبير الآراء البريطانية".

ويمكن أن تضيف إلى هذه القائمة من الخلافات والانشقاقات دعم ترامب لتقليص المساعدات الخارجية بشكل كبير، والإسلاموفوبيا الفجة وعسكرة الفضاء والاستغلال التجاري للقطب الشمالي وازدراءه المقلق للديمقراطية، والأمانة والمساءلة كما كشف تحقيق مولر ومحاكمته في مجلس الشيوخ.

وما لا يستطيع أن يعترف به جونسون ولا وزير خارجيته دومينيك راب، بأن ما سيفجر أحلامهم بشأن بريكست، هو أن أمريكا ترامب أصبحت لا يمكن الاعتماد عليها، وسط إشكالية أنها باتت كيانا عدوانيا مع ميلها للتقليل من شأن بريطانيا بدلا من تعزيزها.

وأكد أن إعادة انتخاب ترامب سيمدد ويزيد من حدة الكابوس لبريطانيا.

وأضاف: "نادرا ما كان موقف بريطانيا بهذه الصعوبة في التاريخ الحديث. وقليلا ما تشوهت سمعة بريطانيا العالمية وفقدت احترامها من ناحية الكفاءة والبراغماتية والحكمة. وقليلا ما واجه شعبها واقتصادها هذه التحديات وهذه المستويات من المديونية". 

وختم بالقول: "بينما تحتفل بريطانيا بذكرى الانتصار في أوروبا عام 1945، فإنها تحتاج إلى معجزة واستراتيجية جديدة، وقادة أفضل بكثير".